أولى

الورثة الحقيقيّون لانتفاضة 17 تشرين

 

نزل الناس في 17 تشرين وملأوا الساحات والشوارع منتفضين على الفساد والسياسات المالية الخاطئة، وعادوا الى بيوتهم محبطين عندما تحوّلت انتفاضتهم الى أداة يتم توظيفها في لعبة التخديم السياسي لأركان النظام، ولاحقاً في لعبة دولية مموّلة ومبرمجة لتحقيق مكاسب على حساب المقاومة، وبينهما ظهور تصرفات شاذة فرضت على الانتفاضة من خلال قطع الطرق وإلحاق الأذى بالناس أنفسهم.

خلال سنة بدا ان الجماعات المنظمة التي تشغلها وتموّلها جهات أجنبية ومدعومة من وسائل إعلام تصدرت مشهد الانتفاضة بالخلفية ذاتها قد سيطرت على ادعاء النطق بلسان الانتفاضة، ولو من دون ناس، وبقي الشرفاء والأحرار الذين شاركوا عبر مجموعات صغيرة يحاولون إنقاذ الانتفاضة من براثن التوظيف والاستيلاء يكافحون بصعوبة لتثبيت حضورهم كشركاء في الميراث.

خلال شهور ماضية قليلة ظهرت ثلاثة تجمّعات بدأت تتبلور كقوة حاضرة في الشارع، حاملة سلوكاً معبراً عن قضايا شعبية صادقة وحقيقية، التجمع الأول كان جمعيّات المودعين التي بدأت مشتتة وممزّقة ويطغى عليها بعض الشخصنة، وهي اليوم تسعى لتوحيد صفوفها وضم المودعين الى صفوفها وتشكل بارقة أمل لتنظيم قوة شعبية كبرى منظمة صاحبة قضية لا تحتمل التأويل ولا التوظيف، إذا أحسن القيّمون عليها العمل.

التجمّع الثاني هو جمعية ضحايا تفجير مرفأ بيروت التي ولدت من رحم مأساة التفجير، والتي خاضت مواكبتها الجدية لقضية التحقيق بخلفية قانونية نظيفة، بعيداً عن محاولات التسييس والسطو السياسي، ومن يستمع الى بيانات الجمعيّة يشعر بالصدق والوضوح والنقاء، ويأمل لهذا التجمّع إثبات الحضور والقدرة على الفعل والمزيد من التبلور في الخطاب والسلوك كوريث للانتفاضة.

التجمّع الثالث هو جمعية أولياء الطلاب الذين يتلقون علومهم في الخارج، والذين يخوضون معركة شرسة وعادلة ويحملون أمانة واضحة بعنوانها المحق وطلبها الموضوعيّ، ويحضرون في الساحات بخطاب حاسم ويثبتون إغلاق الأبواب أمام محاولات التلاعب والتوظيف، فيتقدّمون كرافد من روافد ورثة الانتفاضة الصادقة.

انغماس المجموعات المسمّاة مدنيّة بأغلبها، ومعها وسائل الإعلام الموظفة لتسويقها، في تخديم الدفاع عن مصرف لبنان والسياسات الماليّة ومحاولة أخذ المعركة الى ساحة الأهداف السياسية المشبوهة عموماً، على الأقل لجهة عدم تجسيدها ما يراه الناس حاجة لهم، سيوسّع الهوة بين هذه الجمعيات وجمهور الانتفاضة، وستفتح الأزمات المتنامية الباب للورثة الحقيقيين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى