أولى

الجنرال ماكينزي على أعتاب حزب الله…
وبايدن يترنّح بين طهران وكاراكاس!

 محمد صادق الحسيني

على الرغم من أهميّة القيادة المركزية الأميركية، ومقرّها الرئيسي في ولاية فلوريدا الأميركية، بينما يقع مقرّها الميداني المتقدم في العاصمة القطرية الدوحة، إلا أنّ زيارات قادة هذه القيادة العامة، الى لبنان، لا تكتسي الأهمية نفسها، وتقتصر على:

ـ استعراض للحضور الأميركي في المنطقة.

ـ طمأنة أيتام واشنطن، من صهاينة وأعراب وأذناب للسفارة الأميركية في بيروت، بمحاولة القول لهم إنّ الولايات المتحدة تتابع ما يجري في لبنان ولن تتخلى عنهم…! ولكن ذلك أقرب من أمل ابليس في الجنة.

فلعلكم تذكرون الزيارات المتكرّرة للجنرال ديفيد بترايوس، قائد القيادة المذكورة أعلاه نفسها، خلال العقد الأول من هذا القرن، الى لبنان (ايّ زياراته المتكرّرة)، وأهمّها تلك الزيارة التي قام بها الجنرال بترايوس، بطائرته العسكرية العملاقة، من طراز  C 17 – Globmaster 3، والتي استقلها من عُمان الى بيروت بتاريخ 2/12/2012، في زيارة قصيرة استغرقت ساعات عدة، اجتمع خلالها مع رئيس لبنان آنذاك، ميشال سليمان، وطمأنه الى انّ الجيش الأميركي سيواصل تعاونه مع الجيش اللبناني وسيستمرّ في تقديم المساعدات له.

لكن الأيام أثبتت أنّ هذا التعاون الموعود قد اقتصر فقط، وبتشجيع من ميشال سليمان نفسه، على إقامة أبراج مراقبة أميركية، على الحدود اللبنانية السورية، لمحاولة عرقلة خطوط الإمداد لقوات المقاومة الإسلامية اللبنانية، الى جانب تقديم بعض الآليات العسكرية القتالية، من بقايا الحرب الڤيتناميّة، للجانب اللبناني.

وبعد كلّ تلك السنوات، التي مرّت على الزيارة، وعلى بدء إقامة أبراج المراقبة وإجراءات التضييق على حزب الله، فلا بدّ من التأكيد على فشل كل تلك المؤامرات، التي عمل على تنفيذها الجنرال بترايوس، بالتعاون مع أطراف محلية لبنانية، وذلك بشهادة الجنرال «الإسرائيلي» يوري غوردون، قائد الجبهة الداخلية «الإسرائيلية»، خلال حديث له في مؤتمر بئر السبع، الذي عُقد في القدس بتاريخ 15/3/2021، إذ قال هذا الجنرال:

«إنّ إسرائيل سوف تتعرّض لحوالي ألفي صاروخ يومياً، في ايّ حرب مقبلةٍ مع حزب الله».

وعليه فإنّ جهود منع حزب الله من زيادة ترسانته الصاروخية كمّاً ونوعاً قد فشلت تماماً، الأمر الذي يؤكد انّ جهود الجنرال ماكينزي وتآمره مع جهات محلية لبنانية، لها أطماع سياسيّة على الصعيد الشخصي، لن تفلح في تفجير الوضع الداخلي اللبناني في وجه المقاومة في لبنان، كما لم ولن تفلح إجراءات العقوبات والحصار الذي تفرضه واشنطن على لبنان بشكل عام وعلى بيئة المقاومة بشكل خاص.

فها هو قائد القيادة الجنوبيّة في البنتاغون، ايّ القيادة المسؤولة عن أميركا الجنوبيّة، الجنرال كريغ فوللِر (Krieg Voller)، يقول في مؤتمر صحافي في البنتاغون، صباح أمس الأربعاء، إنّ إيران تحتلّ المرتبة الأولى، بين الدول التي ساعدت فنزويلا في تجاوز العقوبات التي فرضت عليها (من الولايات المتحدة والدول الاستعمارية الأوروبية).

وأهمّ ما يعنيه هذا الكلام ما يلي:

1 ـ أنّ جبهة المقاومة، التي تتصدّى للهيمنة الأميركية في العالم، تمتدّ من طهران وحتى كاراكاس، ولا تقتصر على محور المقاومة وقواته في غرب آسيا، التي تقف في مواجهة القاعدة العسكرية الاستعمارية للغرب في بلادنا، فلسطين المحتلة والمشرق العربي، وتأخذ على عاتقها ردع هذه القاعدة عن القيام بأيّ اعتداء يعيق استكمال الحشد الاستراتيجي لقوات حلف المقاومة استعداداً لمعركة تحرير فلسطين النهائية.

2 ـ أنّ أعضاء الحلف المعادي للهيمنة الاستعمارية الأميركيةالغربية، المدعوم بشكل ما من قبل روسيا والصين، هم ليسوا أعضاء جثةً مقطعةً، يسهل على الوحوش المفترسة نهشها، بل هم أعضاء جسم شاب مليء بالحيوية والقوة والقدرة على اجتراح الحلول لأصعب الأزمات، التي تحاول القوى الامبرياليّة تفجيرها في وجه هذا الحلف.

أنه حلف متكامل قادر على المواجهة في كلّ الجبهات، في الوقت الذي يواصل فيه استعداداته، للمعركة النهائية في فلسطين. وما صمود سورية، في وجه الحرب الكونيّة، التي شنت عليها منذ عشر سنوات، إلا دليل إضافي، على أنّ حلقات هذا الحلف لن تهزّها لا زيارات ماكينزي الى بيروت ولا زيارات وزير الخارجية ووزير الحرب الأميركيين، الى كلّ من كوريا الجنوبية واليابان لمواصلة الاستفزازات ضدّ روسيا (في المحيط الهادئجزر ساخالين) والصين، في بحار الصين المختلفة وبحر اليابان وبحر الفلبين والمحيط الهادئ.

فكما فشل الجنرال بترايوس في منع تطوير ترسانة حزب الله الصاروخيّة سيفشل الجنرال ماكينزي، رغم تآمره المكشوف مع أدوات لبنانية محليّة، ورغم الضغوط المالية والاقتصادية والمعيشية القصوى على الشعب اللبناني بأكمله، فإنّ حلف المقاومة، سواء في إيران أو سورية أو العراق أو اليمن المنتصر أو لبنان أو فلسطين المحتلة، سوف يُحَوِّل هذه الأدوات الأميركية الى نفايات مصيرها قنوات الصرف الصحي. إذ إنّ حزب الله، الذي تخشاه «إسرائيل»، رغم كلّ جبروتها، لن تنجح في ليّ ذراعه مجموعة من المرتزقة المحليين الطامعين في اعتلاء عروش العمالة والخيانة للوطن وللمواطنين، الذين تدّعي المجموعة حرصها على كرامتهم.

لهؤلاء جميعاً نقول: ننصحكم بعدم العوم على شبر من الماء!

وعود سيّدكم في البيت الأبيض، التي أتحفكم بها الجنرال ماكينزي كاذبة. انه لا يهتمّ بكم ولا يعتبر أن مسرح معركته الاستراتيجية لا في لبنان ولا في فلسطين ولا في كلّ «الشرق الاوسط» الذي تعوّلون على جديده الذي أكل عليه الدهر وشرب منذ أيام كونداليزا رايس.

إنه يتحرك في فضاء آخر، بعيداً عنكم، في المحيطين الهندي والهادئ. وما تصريحات الرئيس الأميركي، جو بايدن، يوم أمس، التي تعرّض فيها لشخص الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، واصفاً إياه بالقاتل، إلا تعبير عن نزق لا حدود له، يعود في حقيقته الى العجز، لا بل الشلل الأميركي الشامل، أمام القوة العسكرية الروسية وكذلك القوة الاقتصادية والعسكرية الصينية.

فماذا سيفعل الرجل المريض، أيّ الامبراطورية الأميركية ورئيسها، في مواجهة صواريخ اڤانغارد  Avangard الروسية التي تطير بسرعة اثنين وثلاثين ألف كيلومتر في الساعة، بينما هو يسير بسرعة لا تتعدّى سرعة السلحفاة؟

سيدكم في واشنطن لديه كوارث أكثر أهمية ومصيرية منكم. لديه الانهيار الاقتصادي والجائحة التي يعاني منها، الى جانب الانشقاق المجتمعي الخطير في الولايات المتحدة وخطر تحوّل ما أطلق عليه المسؤولون الأميركيون «الإرهاب الداخلي» الى جيوش ذات طبيعة نازية جديدة تهدّد كلّ كيان الدولة الأميركية.

لا تعوّلوا على أكاذيبهم. عودوا الى رشدكم. لن ينفعكم لا الحياد مع عدو يمنعكم من استخراج ثرواتكم الطبيعيّة من باطن الأرض والبحر اللبنانيين، ولا تأزيم الوضع الداخلي ومحاولات تلويث بيئة المقاومة.

إنها بيئة طاهرة وقادرة على تطهير محيطها بشكل كامل، كما أنّ بإمكان المقاومة، وبيئتها، إنقاذ من يشعر بالوهن وبثقل التهديدات الأميركية «الإسرائيلية» من اللبنانيين المرتجفين.

تابعوا تقديرات العدو الحقيقيّة لموازين القوى في الميدان. إنها تقول انّ «إسرائيل» ستزول عن الوجود خلال نصف ساعة فقط، إذا ما اندلعت الحرب مع حلف المقاومة (حزب الله في هذه الحالة) وانّ الأميركي ليس على استعداد للدخول في أيّ حرب في «الشرق الاوسط»، لا من أجل نواطير النفط في الخليج الفارسي ولا من أجل قاعدته العسكرية، في فلسطين المحتلة، التي لم يعد لها الأهمية السابقة بسبب انتهاء دورها الوظيفي وفشلها في الصمود أمام تصاعد قوة المقاومة، ما يجعل مواصلة دعمها بالمال والسلاح، ناهيك عن دخول حرب لأجلها، أمراً بعيد الاحتمال.

انتظروا كش ملك قريباً، سواءً شكلت الحكومة اللبنانية أم لم تشكل، فان تشكُل «الشرق الاوسط»، المقاوم للغزوات الاستعمارية، يشارف على الانتهاء وإن جهود وخطط مهندسي حلف المقاومة تنكبّ على ترتيب الإطاحة بآخر حجارتكم على رقعة الشطرنجمرتزقة أميركا وبريطانيا و»اسرائيل» والسعودية وعلى رأسهم إرهابيّي داعش والنصرة على جبهة مأرب. انها مسألة أيام لا أكثر وسيعلم الذين كفروا أيّ منقلب ينقلبون.

بعدنا طيّبين قولوا الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى