أولى

عندما يقول السيّد كلمته !

 

 د. عدنان منصور _

 

يتوقف المرء ملياً في كلّ مرة يطلّ فيها الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، لتناول حدث ما في مناسبة من المناسبات. قد يختلف البعض مع السيّد في النظرة للأمور، وطرق العلاج للمسائل الشائكة التي يشهدها البلد أو المنطقة أو العالم، فهذا رأيه، إلا أنه لا يمكن لأيّ عاقل يتصف بالقليل من الحكمة والرصانة بالموضوعية والعقلانية، وببعد النظر، وهو يتابع السيّد عن قرب إلا أن يتوقف أمام حقائق لا يمكن تجاهلها، أو التحامل عليها نتيجة أحقاد البعض من هنا، أو كراهية البعض الآخر من هناك، أو بسبب مصالح فردية ومنافع ومكتسبات وامتيازات لفئة أو أفراد، أو جماعات استحكمت عقولها  وتفكيرها وسلوكها الأهواء الطائفية، والنزعات الأصولية والمذهبية، والمناطقية المتطرفة.

تستمع الى السيّد بعقلك وروحك المتحرّر، فتجد فيه المسؤول الرفيع، والمقاوم الشهم، والزاهد المؤمن، ورجل الدولة الرفيع، والصادق الشريف، في زمن كثر فيه المنافقون والدجّالون، والمشعوذون، والمنحرفون، والمأجورون، والمرتمون في أحضان الخيانة والعمالة، والملوِّثون أياديهم بالمال الحرام ودماء المسحوقين. هو السيّد يا سادة، والد الشهيد، ورفيق الشهداء وحاضن الأحرار، هو التقي النقي، الذي يضع النقاط على الحروف بعقل متميّز ووجدان عالٍ وضمير حيّ قلّ نظيره، لا يبغي من ورائه مغنماً أو مكسباً، أو ربحاً، أو جاهاً أو منصباً، أو مالاً، أو زعامة كما يفعل تجار السياسة وبائعو الأوطان، ومذلّو الشعوب.

هو السيّد المؤمن بحق، والمدافع بحق، والمقاوم بحق، والرافض للظلم والفساد بحق، والناقم على حيتان الطبقة الفاجرة بحق، والمناهض بكلّ قوة للصوص المال وناهبي ثروات الشعب، والمطالِب بملاحقتهم ومحاكمتهم بحق.

لماذا يختزن البعض هذا الحقد الدفين وهذه الكراهية الشديدة، وهذا التعصّب الأعمى تجاه السيّد! ألأنكم أدمنتم على الفساد، أم لأنكم تكرهون الله وتكرهون الوطن وتكرهون أنفسكم، وتكرهون بناء الدولة القادرة المقتدرة، العادلة المقاومة لكلّ ظلم وعدوان وإرهاب! لماذا يكره البعض وجود مقاومة في بلد مهدّد دائماً من قوى الهيمنة والاحتلال! لماذا يشذّ البعض عن التمسك بكرامة وطنه وشعبه أسوة بالشعوب التي تحافظ على كرامتها ومقاومتها وعزّتها! هل عداء البعض من الطغمة السياسية الفاسدة للسيد، تأتي نتيجة فضحه لهم ومطالبته لهم بالإصلاح، وكشف عوراتهم السياسة والأخلاقية، وسلوكهم الإداري والوظيفي والمهني، وهذا ما يزعجهم، ويزعج حلفاءهم من  الفاسدين الناهبين والسارقين للمال العام والخاص! لماذا يزعجكم ويضيق صدركم بمنطق السيّد وهو يطرح أمامكم كلّ الحلول العملية الواقعية، العادلة، وأنتم ترفضونها، لكونها تتعارض كلياً مع صفقاتكم، وأهدافكم، ونهجكم المقيت في السياسة والإدارة والحكم؟ هل سمعتم السيّد يدافع يوماً عن اللصوص الفاسدين تجار الهيكل! هل سمعتم مرة السيّد، يشيد بطائفة دون أخرى، او يسيء إلى فئة ويتبنّى أخرى! هل قال كلمته مرة، وخرجت عن الأصول واللياقات، والأخلاق، والتقاليد، والأعراف، والشعور الأخويّ والحسّ الوطني، والايمان الحقيقي بالله والشعب وكلّ الأحرار! هل وجدتم السيّد يوماً يستفزكم وهو يسكن قصراً، ويعيش ترف الدنيا وغرورها، كما يفعل الآخرون!

نعم السيّد بنظركم، وببصيرتكم العمياء مذنب! ألأنه حرّر الأرض من المحتلّ «الإسرائيلي»، وحرّر مناطق لبنانية من قوى الإرهاب الداعشيّة، وحافظ على وجود وكرامة كلّ الطوائف فيها، أم لأنه قدّم عشرات الشهداء من أجل حماية لبنان وشعبه ودرء الخطر عنه. نعم! السيّد مذنب

يا عمي البصيرة لأنه حافظ على أرض وطنكم وكرامة بلدكم وعزة شعبكم، ولم يلتفت إلى مصالحه الشخصية كما فعلتم، وتفعلون، ولم يغط عيوبكم وفجوركم ونهبكم كما تبتغون وتريدون !

السيّد مذنب، لأنه لم يركع لمحتلّ، ولم يستجدِ قوى التسلط والاستبداد، ولم يخضع لقراصنة العالم، ولم يقبل بالمساومة على حقوق شعبه وأمته، ولا بالابتزاز الرخيص، والعمالة المدفوعة الأجر.

فقليلاً من المنطق والحياء، والصدقية يا تجار الأوطان، وأنتم تتعاطون مع هامات مؤمنة تظلّ تسطع على جبين الوطن، وتبقى بينكم الأشرف والأصدق والأتقى والأعلم، والأنزه، والأنظف

فإنْ كنتم تدمنون على المعارضة من أجل المعارضة، فعارضوا، وهذا شأنكم. وهي مسؤوليتكم أمام الشعب وأمام الديان، لكن عارضوا بشرف، ولا بحقد مسبق، ومنطق أعوج، بعيداً جداً، عن الإباء والكرامة! عارضوا لكن لا  تعارضوا رهبة أو رغبة أو عبودية، وما أكثر العبيد وتجار الأوطان في زمن فقد فيه العملاء والخونة كلّ القيم ومقومات الأخلاق، والتحقوا بقطار الخنوع والذلّ والتبعية.

إنه السيّد، يا سادة، في زمن كثر فيه المنافقون، وقلّ فيه الرجال. عارضوا متى شئتم عارضوا، لكن لا تتحاملوا ولا تظلموا، ولا تحملوا سيوفكم المسمومة يميناً وشمالاً، فأنتم لستم أهلاً لها، وكونوا من الرجال ولا من أشباه الرجال، فبعدها لكلّ حادث حديث

*وزير الخارجيّة والمغتربين الأسبق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى