أولى

مَن المسؤول عن عقد تأليف الحكومة
هل هي داخليّة أم خارجيّة أو كلتاهما؟

 المحامي معن الأسعد*

 

لا بدّ من السؤال الذي بات بديهياً، فارضاً طرحه أمام الكثير من التعقيدات التي تحول دون تأليف حكومة في لبنان، أسوة بكثير من دول العالم. فلماذا إذن لا تؤلف حكومة في لبنان، إلا بعد مخاضات عسيرة محلية وتدخلات خارجية؟

هناك احتمالان لا ثالث لهما: إما أنّ تأليفها يتمّ بتوافق إقليمي دولي، وإما يكون بتوافق داخلي.

في الاحتمال الأول تكون الطبقة السياسية الحاكمة مرتهنة عن بكرة أمّها وأبيها للخارج، يعني للأجنبي، الذي يصبح في قلب المعادلة، هو الآمر الناهي في كلّ شاردة وواردة، وصغيرة وكبيرة في لبنان، وله القدرة على رسم خطوط اشتباك سياسي بواسطة أزلامه في السلطة.

والنتيجة أنّ الطبقة السياسية الحاكمة الظالمة الفاسدة، تتحوّل إلى وكيلة لهذا الأجنبيّ وتمثل تقاطع المصالح الإقليمية والدولية لا أكثر ولا أقلّ.

يعني بـ «العربي المشبرح» أنّ مكوّناتها ليسوا بمواطنين لبنانيين بل هم إيداع أجنبي مقنّع في لبنان.

أما في الاحتمال الثاني فتكون العقدة السياسية الحكومية محض محلية، يعني ذلك بكلّ بساطة (ونحن نأخذ بالنتيجة والإحصاء الدقيق) أنّ هناك عصابة لصوص وقحة تتلطى تحت ستار كرامة وحقوق الطوائف والمذاهب ووجودها. وهي بهذه العناوين، دمّرت وطناً ودولة ومؤسّسات،  وأفقرت شعباً بكامله وجوّعته، وحوّلته إلى عاطل من العمل على مدى أكثر من ثلاثة عقود، بعد أن كان وطناً مزدهراً، ووجود مؤسّسات فاعلة عامة منتجة وسليمة، ولا ديون عليه، داخلية وخارجية تذكر. غير أنّ هذه الطبقة، استطاعت سرقة الأموال العامة والخاصة، وأنهت وجود مؤسّسات الدولة وحوّلتها مزارع ميليشياوية طائفية ومذهبية مسلّط على كلّ منها أمير أو أكثر، ثم سطت بكلّ وقاحة على جنى عمر المواطن، الذي أودع أمواله في المصارف، وتصويب منصتها، لسلب ما لدى المواطنين من أموال في المنازل.

لو افترضنا أنّ قرار الحكومة هو داخليّ حصراً، فإنّ الخلاف بين لصوص الهيكل سيكون على توزيع الغنائم، وهو السبب المعلن من قبل الطبقة الحاكمة لعدم تشكيل الحكومة!

كما التناتش للاستيلاء على الوزارات السيادية أو الخدمية التي تبيض ذهباً، فإنّ هذه الطبقة بالجملة والمفرّق، هي مدانة بموجب حكم مبرم غير قابل للنقض، وهو برهان أكيد وحجة دامغة بأنّ عصابة اللصوص، تستخدم جوع المواطنين ومرضهم وقهرهم ووجعهم لمزيد من الإمعان في إذلالهم، وعن سوء نية، وسابق إصرار وتصميم، في لعبتها المفضلة، شدّ حبال التحاصص في ما بينها.

والحقيقة أنّ «طاسة الحكومة ضائعة» بين فريق يقول إنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والوزير السابق جبران باسيل، هما مَن يعرقلان التأليف، لأنهما يصرّان على تسمية المقاعد المسيحية ووزيري الداخلية والعدل.

وآخر يقول بأنّ الرئيس المكلف سعد الحريري هو سبب أزمة التأليف لأنه يريد أن يسمّي بعض الوزراء المسيحيين، إضافة إلى تسمية الوزراء السنة، وأنه لن يتخلّى عن حقيبتي العدل والداخلية.

وهناك مَن يقول، بأنّ الوزير السابق وليد جنبلاط هو عقدة التأليف بحدّ ذاتها، كونه لن يرضى بحكومة أكثر من 18 وزيراً كي يستأثر بتسمية الوزير الدرزي الوحيد فيها، ويبدو أنه استدار بعد لقاء الرئيس عون وبان كأنه حمل وديع، ولكن إلى متى؟

 من باب العدل والمساواة والإنصاف والنقد الذاتي البناء،

فلا بدّ من التذكير بالتعطيل والتجميد ورفض حتى المساومة للتخلي عن وزارة المالية، التي لا يمكن أن تكون الا من الحصة الشيعية ولو قامت الدنيا ولم تقعد!

وما زالت الطبقة السياسية والمالية والسلطوية الحاكمة، تدور حول نفسها والحكومة حجماً وشروطاً وحصصاً، هل ستكون من 18 أو 20؟ وهل تتضمّن ثلثاً معطلاً؟ هل هي تكنوقراطية، أو تكنوسياسية؟

كلّ التفاهة السياسية التي تحصل والناس يعانون كلّ لحظة من الفقر والبطالة والجوع والمرض والإذلال المتعمّد حيث يقفون طوابير للحصول على أدنى حقوقهم المشروعة والمصونة بأمر الله عز وجلّ من طعام ودواء ومحروقات وووشدّ الحبال لا يزال مستمراً إقليمياً كان أم دولياً أم معاً، كله على حساب حياة الناس وصحتهم وكرامتهم.

أما الطبقة السياسية الحاكمة، التي تفتعل ما يحصل

وتعلم به، لا يرفّ لها جفن، ولم يرقّ لها قلب، ولم تذرف دمعة واحدة حتى على بيئة حاضنة لها، ضحّت بكلّ ما تملك لتجدّد مبايعتها لها. وهي التي تدفع الأثمان الباهظة لخطأ ارتكبته أو لخطيئة اقترفتها في خياراتها الانتخابيّة.

 على عاتق هذه الطبقة وحدها تقع مسؤوليّة إعطاء الجواب، لهذا الشعب المسكين عن أين تكمن عقد التأليف.

هل هي خارجية فتصبحون وكلاء، عملاء مرتهنين، لا حول لكم ولا قوة، وبالتالي لا أحد منكم يستحق الجنسية اللبنانية؟

أم العقدة داخلية، فتصبحون عصابة لصوص ومصّاصي دماء، تقتاتون من وجع الناس ومرضهم وعذابهم وإذلالهم؟

وهذا يعني أن لا مفهوم للمواطنة لديكم، وبالتالي لا أحد منكم أيضاً يستحق الجنسية اللبنانية؟

الخيار لكم، فكروا جيداً ونحن على أبواب شهر الله، شهر الرحمة والغفران، شهر رمضان المبارك بكلّ شيء، إلا بوجودكم فيه، وأعطوا شعبكم الجواب.

على كلّ حاللكلّ حاكم ظالم مرتهن فاسد نهاية بإذن الله، ولا أحد أقوى من الله عزّ وجل

*أمين عام التيار الأسعديّ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى