مقالات وآراء

تركيا وإيران وسورية ملاعب دوليّة محوريّة للصراعات الأمميّة!

د.وفيق إبراهيم

تتحضّر أميركا وروسيا والصين لأعنف مجابهة دوليّة طويلة الأمد تشمل الاقتصاد والسياسة وحروباً فرعيّة الأمد في مناطق عالميّة متوترة واستراتيجية وذلك لتثبيت زعاماتها الكونيّة على حساب بعضها بعضاً.

بداية، لماذا التركيز على المثلث الشرق أوسطي المذكور؟ عاود الأميركيّون محاولات جذب تركيا، لأهميتها في الشمال السوري والوسط والشمال العراقي ومحاذاتها لعديد من دول الشرق الأوسط ووسط أوروبا وتأثيرها على مسلمي ميانمار والصين وأفريقيا وآسيا وبعض أنحاء العالمين العربي والإسلامي.

اما إيران فتشكل قوة صاعدة لها تأثيرها في العراق وسورية ولبنان وكثير من الدويلات الإسلامية وتحالفاتها مع الصين وروسيا، فيما يؤكد السوريون مجدداً على دورهم العربي الكبير واستعدادهم لتحالفات مركزية مع روسيا والصين وإيران في وجه «إسرائيل» وتحالفاتها الخليجية والعربية، وتصرّ على استرداد أراضيها المحتلة في الشمال والجولان وثرواتها الضخمة من الغاز في الشمال والبحر المتوسط، ما يعني انخراطها من خلال سواحلها في المعركة الدوليّة على هذا البحر الذي كان يُسمّى ببحر اللاذقيّة بعد انتصار العرب السوريين على الرومان في معركة ذات الصواري.

ميدان المعركة الكونيّة هو إذاً في حال صاعدة من الجهوز، فالملعب واضح ولاعبوه الدوليّون والمحليّون مهيأون ولا ينقص إلا تحضير مواعيد انطلاق المباريات الحربيّة التي لم تعد بعيدة.

من مؤشرات اقتراب الصراعات، ما يبذله الأميركيون من محاولات لإعادة جذب الأتراك بعد مدة من التباينات في العقد الاخير سببه إصرار الأتراك على التمدد في الشرق الاوسط العربي على حساب تراجع المشروع الأميركي المراهن على الدور الكردي، وهو مسيء للأتراك من جهة والإيرانيين من جهة ثانية والسوريين من جهة ثالثة، وذلك لأن الأكراد بالتعاون مع الأميركيين يريدون تشكيل دولة تمتدّ على اراضي هذه الدول بالاتفاق مع الأميركيين.

بذلك ينقسم الصراع الدولي في عصر الرئيس الأميركي بايدن بين الأميركيين والأتراك والخليجيين والإسرائيليين من جهة، وبين روسيا والصين وإيران وسورية من جهة مقابلة، وبدأت بمعاهدة بين الصين وإيران لـ25 سنة متواصلة تشمل العلاقات الاقتصادية والسياسية والسلاح والأعمال والتجارة وكذلك فعل الروس الشديدو الارتباط بإيران وسورية بدورهم.

فيتشكل بذلك محوّل الصراع الدول الجديد وعمقه قتال شديد على موارد الغاز والصفقات التجارية الدولية والسيطرة على النفوذ في الدول المجاورة بالإضافة الى استمرار المناوشات الحادة بين العرب و»إسرائيل»، بموافقات روسية ـ صينية، وإغراق خليجيّ نحو تعاون عسكري ـ اقتصادي مع روسي، بدأت بالوضوح مع تسلل معلومات عن دور حربي إسرائيلي في حرب اليمن لصالح السعودية.

اما لماذا لم تندلع معارك هذه الحروب بسرعة، فسببها استمرار الإدارة الأميركية الجديدة في تحضير ملفات حركتها العالميّة في جنوب شرق آسيا والشرق الاوسط واوروبا المحيطة بروسيا وجنوب شرق آسيا الملاصق للصين.

أما بالمقابل فنتهيأ روسيا والصين لتثبيت نفوذها في أميركا اللاتينية والشرق الأوسط والجهات المقابلة لتركيا.

فهناك إصرار أميركي على مكافحة مشروع الحزام والطريق الصينيين لأنه المشروع الصيني لمجابهة النفوذ الأميركي العالمي.

كذلك فإن الصعود الروسيّ وبيع السلاح الروسيّ طبعاً مسألتان مقلقتان للأميركيين وتريد قطعها بأي سبيل، لأنها الطريق الى عودة الكرملين الى الزعامة الدولة الثالثة.

ما مدى نجاح الأتراك في انتقالهم الكامل نحو العربة الدولية الأميركية؟ يحاول الأميركيون إقرار مصالحة سعودية ـ تركية ـ مصرية لكنها شديدة الصعوبة، لأن هذه الدول تعمل للاستئثار بزعامة العالم الإسلامي العربي وإمكانية الالتقاء بين الاخوان المسلمين الأتراك ووهابية السعودية مستحيلة، كما أن مصر السيسي لا تقبل أبداً بأعدائها الاخوان المسلمين إلا بحرب طويلة من الدماء مفتوحة على كل الآفاق.

الشرق الأوسط إذاً ميدان الصراعات المفتوحة بعد مدة ليست ببعيدة من الزمن وهناك استعداد ثلاثيّ صيني ـ روسي ـ أميركي لقيادتها، لما تشكله من الطريق الى هيمنة عالميّة، ثلاثيّة، تؤدي الى إلغاء الثنائية الروسية الأميركية مقابل صعود ثلاثية تُضاف اليها الصين، على أن تكون اوروبا متفرجاً ميالاً للأميركيين، وتؤدي تركيا دور المخترق الإسلامي المخيف مقابل أدوار ضخمة لإيران وسورية اللتين أصبحتا قوتين أساسيتين قابلتين لأدوار في معظم منطقة الشرق الأوسط.

هناك سؤال ينبثق وهو أين العرب؟

هم بالطبع في قلب الماكينة الأميركية كما يريد بايدن الذي أعاد تطويع السعودية حسب إيقاع مشروعه الدولي الجديد وكذلك مصر التي ألغى أية اهتمامات للسيسي خارج مصر وفرض عليه إقامة مصرية جبرية، تلتقي بمتابعة صدامات القطارات وجنوح السفن في الداخل المصري.

العرب إذاً أدوات أميركية ـ روسية في الصراعات الدولية المقبلة، للسيطرة على ثرواتهم ومواقعهم والمرابطة في أراضيهم للانتقال الى مناطق هامة.

أما تركيا، فلها أهميتها المتطورة ومشاريعها الهامة، وكذلك إيران التي تريد إنجاز مشروع إسلامي خاص بها. اما سورية فهي الدولة العربية الوحيدة التي تمتلك مشروعاً جاهزاً قابلاً للتعاون الندي مع روسيا والصين وإيران لإنجاز مشروع عربي يدفع المنطقة نحو التطور والإنماء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى