الوطن

تشكيل الحكومة… الوقائع الجديدة

} أحمد بهجة*

بدأ الأسبوع الحالي ببعض الترقب الإيجابي في شأن ولادة الحكومة الجديدة على وقع ما يُحكى عن تطوّرات طرأت على بعض المواقف لجهة تخفيض السقوف ولو بنسب قليلة كما تنقل وسائل الإعلام المختلفة.

وإذا صحّ ما يتمّ التداول به في كواليس الأوساط السياسية، يُفترض أن تتبلور معالم الحكومة العتيدة هذا الأسبوع، خاصة مع عودة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم من زيارته الباريسية.

وبعيداً عن موجات التفاؤل والتشاؤم، فإنّ المعطيات الجديدة توحي بأنّ هناك شيئاً ما قد تغيّر، خاصة إذا لاحظنا الحركة الكثيفة لعدد من السفراء والدبلوماسيين خلال الأسبوع الماضي، حيث أجمع سفراء الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والسعودية ومعهم القائم بالأعمال البريطاني، على ضرورة الانتهاء سريعاً من موضوع تشكيل الحكومة، والبدء بمعالجة الاختلالات الكبيرة والموجعة التي يشهدها لبنان على أكثر من صعيد اقتصادي ومالي ومعيشي وصحي وغير ذلك.

وعن حلحلة العقد التي كانت تحول دون تشكيل الحكومة فقد نُقل عن الرئيس نبيه بري تأكيده أنّ الرئيس المكلف سعد الحريري تخلى عن شرطه أن تكون الحكومة من 18 وزيراً. كذلك ورَد في الإعلام أنّ الحريري أبلغ البطريرك بشارة الراعي أنه لا يُمانع في أن يُسمّي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وزير الداخلية في الحكومة العتيدة، وهو الأمر الذي كان يرفضه الحريري سابقاً.

وعليه بات يمكن وضع الكثير من النقاط على الحروف، خاصة أنّ اللواء إبراهيم، وقبل اشتداد الكباش بين بعبدا وبيت الوسط، كان قد أبلغ الرئيس الحريري أنّ الرئيس عون لا يريد الثلث الضامن (أو المعطل)، لكن الرئيس المكلف اشترط فوق ذلك حصول حكومته على ثقة تكتل لبنان القوي برئاسة النائب جبران باسيل، الأمر الذي أعاق المساعي يومها وجعلها لا تصل إلى نتيجة.

وإذا كان التكتل المذكور قد أعاد تكرار موقفه بعدم منح الحكومة الثقة، فإنّ ما تغيّر هو موقف الحريري الذي بات قابلاً أن يعطي رئيس الجمهورية ما يريد على صعيد وزارة الداخلية وتسمية الوزراء المسيحيّين الآخرين، طبعاً باستثناء وزراء حزب الطاشناق وتيار المردة والحزب القومي حيث يسمّي كلّ طرف من هؤلاء ممثله أو ممثليه في الحكومة.

بعد هذا العرض لا بدّ لمن يتابع تفاصيل المواقف السياسية أن يلاحظ أنّ ما قاله الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله هو خريطة الطريق التي عاد إليها الأفرقاء جميعاً، وهو ما شجّع عليه السفراء الأسبوع الماضي، لأنهم رأوا ولمسوا أنّ الواقعية السياسية تقتضي السير بما قاله السيد، خاصة أنه في الخطاب نفسه تحدّث عن إمكانية تعويم حكومة الرئيس حسان دياب، كما تحدث عن خيارات بديلة مفتوحة إذا لم تتشكل الحكومة وإذا لم يتمّ تفعيل حكومة الرئيس دياب.

ولأنّ السيد لا يرمي الكلام جزافاً بل يعني كلّ كلمة يقولها، وجد الأفرقاء جميعاً في الداخل والخارج أنهم أمام وقائع جديدة لا مفرّ من التعاطي معها وأخذها في الحسبان، ولذلك تحرّك السفراء والوسطاء من أجل ترجمة هذه الوقائع والبناء عليها لإيجاد الحلول المناسبة لمعضلة تشكيل الحكومة، وإلا وجدوا أنفسهم أمام معضلة أكبر بالنسبة لهم بعدما شاهدوا بأمّ العين وصول الأوكسجين من سورية، وهو نموذج يمكن أن تتبعه نماذج أخرى مثل وصول المحروقات من إيران وغير ذلكلا سيما بعد المتغيّرات الكبيرة التي سيفرضها الاتفاق الاستراتيجي بين إيران والصين

لذلك يأمل اللبنانيون أن تصل الأمور إلى خواتيمها هذا الأسبوع، خاصة أنّ الرئيس بري سيُعيد تحريك عجلة مبادرته لتحقيق هذا الإنجاز، تمهيداً للانطلاق مع الحكومة الجديدة على الطريق الصعب والطويل باتجاه إيجاد الحلول والمعالجات للأزمات المتراكمة والمعقدة التي يزرح اللبنانيون بمجموعهم تحت أثقالها 

*خبير مالي واقتصادي    

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى