الوطن

هل تندلع الحرب
المصريّة الإثيوبيّة السودانيّة؟

} د. وفيق إبراهيم

الحرب المصرية مع إثيوبيا لم تعد ببعيدة، فإذا كانت إثيوبيا نجحت بملء خزاناتها منذ 2011 على حساب الحصتين المصرية والسودانية بسعة 4.9 مليار متر مكعب، فإنها توصّلت في 2020 الى ملء القسم الأكبر من خزاناتها بمعونات إسرائيلية، صينية مشتركة، ويبدو انها عاكفة على ملء القسم الثاني من خزاناتها في وقت قريب.

بالمقابل يذهب الرئيس المصري السيسي نحو التأكيد على أن ملء خزانات سد الروضة، لن يمر مرور الكرام لأن مصر مصرّة على منع هذه التعبئة حتى لو أدى الأمر الى حرب كبيرة، باعتبار أن مصر لن تتسامح بحقوقها في مياه سد النيل في مياه الروضة، والكل يعرف ان نهر النيل الذي يعبر 7 الى 8 أنهر روافد هو نهر مصريّ ولا يُسمح أبداً بالسيطرة على نهر النيل المعروف أنه تاريخياً تسيطر عليه مصر بالاتفاق مع الدول المجاورة.

لكن السيسي يريد أولاً التفاوض كطريقة للوصول الى حقوق مصر، ألم يقل المؤرخ اليوناني هيرودوت ان مصر هبة النيل، مضيفاً ان لا مصر من دون نيلها التاريخيّ الذي يمنح نحو 40 في المئة من الزراعة المصرية حقها في النمو والازدهار مقابل تطور المزارعين المصريين وحقهم في الاستفادة في النهر.

ماذا يجري اذاً؟ هناك دور إسرائيليصيني يحاول الاستفادة من بناء سد النهضة، فـ»إسرائيل» تريد بإصرار الحصول على قناة من النيل تعبر صحراء سيناء للزوم حاجاتها المائيّة، وذلك بدلاً من وعود كان السادات خص بها «إسرائيل» منذ السبعينات بمنحها بئر ماء يعبر مصر نحو «إسرائيل» ليرويها، لكن السادات لم يُلبّ ما وعد به لأسباب مصرية خالصة لم تتمكن من تلبية حاجات «إسرائيل» لا سيما وأن «إسرائيل» تريد ملء خزاناتها من المياه المصرية بما يؤدي الى استكمال حاجات مصر من المياه على حساب مصر والسودان. فهل تنشب الحرب؟

لم تعد بعيدة، خصوصاً أن السيسي عقد العزم الصارم على مجابهة إثيوبيا من خلال السودان باعتبار أن المياه المصرية تحتاج الى كميات إضافية، والصين تبحث عن علاقات صينيةإسرائيلية تجارية اقتصادية، وقد تقتحم مياه البحر المتوسط من خلال «إسرائيل» في المعركة على المتوسط التي تشمل تركيا و»إسرائيل» ومصر واليونان وفرنسا وبلداناً أوروبية أخرى.

المهم هنا أن السيسي كان واضحاً حين اكد أن الرد المصري لن يتأخر إذا واصلت إثيوبيا استكمال الجزء الثاني من سد النهضة، مؤكداً أن مياه النيل خط أحمر قابل لإشعال حرب تشمل إثيوبيا والسودان ومصر. وأضاف أن أحداً لن يتمكن من اقتطاع نقطة مياه واحدة وإلا فإن الرد المصريّ شامل معظم أفريقيا من دون نقصان.

أما إثيوبيا فشددت على حقها بالتنمية والاستفادة من نهر النيل لأن ما يجري في أراضيها هو الرافد الأساسي لمياهه، وقالت اديس بابا انها تحترم القانون الدولي وتؤكد على الطريقة الدبلوماسية لحل الخلاف.

من جهته يبدو أن السيسي ذاهب الى حرب فعلية مع إثيوبيا كوسيلة لإقناع المصريين بأن مصر لا تصمت عن حقوقها.

لا بدّ في النهاية من تأكيد أن الأميركيين والأوروبيين ذاهبون نحو حلول تمنح الإثيوبيين حقوقهم من الكهرباء والري وتأمين السدود انما من خلال اتفاق مع مصر والسودان وليس على حسابهما.

هل تنشب الحرب؟

هناك ضغط صيني إسرائيلي نحو تصعيد إثيوبي، لن يؤدي الى أي نتيجة لأن الصين تحتاج الى علاقات عميقة مع مصر، وكذلك «إسرائيل» التي تراهن على إحداث تغيير في التحول الديموقراطي في السودان.

المهم ان المصريين طلبوا من الأميركيين العودة الى مرجعية 2015 كحل ينظم سريان النيل من المنبع الى المصب.

ويبدو أخيراً ان السيسي يريد إحياء العلاقات المصرية مع أفريقيا على اساس تنظيم علاقات مصرية أفريقية تؤدي الى تحسين علاقات مصر مع كامل القارة السوداء بما يؤدي الى تحسين وضع مصر على كل المستويات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى