أخيرة

يوم الأسير الفلسطيني.. المذاق الآخر أجمل

} حمزة البشتاوي*

ينتظر الأسرى سماع أخبار جيدة حول التوصل إلى صفقة تبادل مقبلة مع تجدّد الجهود المصريّة والوساطة الألمانيّة والنرويجيّة المستجدّة هذه الأيام، وسط حديث عن كسر للمعايير والشروط السابقة، وحصرها برفض الإفراج عن أسرى بعينهم وفي مقدّمتهم الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات، ورغم الاعتقال والانتظار المرير خلف الجدران والقضبان يُبدع الأسرى في الكتابة والإبداع فيما اصطلح على تسميته بأدب السجون المكلل بأبعاد إنسانيّة وفكريّة تقاوم الإحباط والتشويه الذي ينشره السجان، وهذا الأدب تميّز بالصدقيّة العالية المستندة على المشاعر والخيال وتحويل مذاق السجن المليء بالرطوبة وعتمة القهر ورائحة الموت إلى مذاق آخر، كما يقول الأديب والأسير المتألق إبداعاً وصموداً أسامة الأشقر المعتقل منذ العام 2002؛ وهو محكوم الآن بثمانية مؤبدات و50 عاماً وما زال مستمراً رغم الأنين الخانق يحمل راية فلسطين التي تزوّده بطعم التحدّي لعدم تحويل السجن إلى مجرد مقابر وأكياس إسمنتية والأسرى الذين هم أكثر شبهاً بفلسطين قد حوّلوا السجن معاهد وجامعات ومدرسة نضاليّة وإبداعيّة ليكون للسجن مذاق آخر يصنع من المرارة أحلاماً ورديّة عن الحريّة والوطن والحب والعلاقة الإنسانية مع الأرض والإنسان.

وللسجن كما يقول الأسير والأديب أسامة الاشقر «مذاق آخر» عن معاناة الأسرى ويسلط فيه الضوء على محاولات الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة تجنيد العملاء وهدم القيم والمبادئ الأخلاقيّة والدينيّة وللأسير مشروع ثقافيّ لإيصال صوت الأسرى إلى العالم عبر التواصل مع الكتاب والأدباء المتضامنين مع الأسرى في السجون الإسرائيلية والذين يبلغ عددهم اليوم حوالي 4500 أسير بينهم 140 طفلاً و41 امرأة إضافة لمعاناة 1700 من الأسرى بأمراض مختلفة وخطيرة و70 أسيراً لديهم إعاقات جسديّة ونفسيّة وحسيّة كما أصيب 421 من الأسرى بفايروس كورونا وسط استمرار سياسة الإهمال الطبيّ المتعمّد.

ولو كان لجدران السجن القدرة على الكلام لأخبرتنا الكثير من القصص والحكايات المليئة بأساطير وأيقونات الصبر التي يجسّدها الأسرى المنذورين للحرية وابتكار الضوء في العتمة القاسية ومزج الألم بالأمل والتفاؤل بسبب عشقهم الفلسطينيّ الذي يطلب منا أن نسير إليهم يوميّاً على هيئة العاشقين الحقيقيين إلى داخل السجون ونؤكد لهم بأنهم أولى الأولويات كالعودة والقدس والدولة والاستقلال، وهم ينتظرون فرحة تثبت حضورهم بيننا كالنسور في القمم كما حصل في عمليات النورس والجليل والرضوان ووفاء الأحرار وغيرها من العمليات.. والآتي أجمل.

*كاتب وإعلاميّ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى