أخيرة

موكب أسطوري أحيا نبض الحضارة وأنسى العالم جائحة «كوفيد»

} سارة السهيل

وسط أحزان الشعوب وتقوقعها على نفسها بسبب جائحة كورونا، جاء حفل موكب نقل المومياوات الملكية من المتحف المصري القديم بميدان التحرير، إلى المتحف القومي للحضارة المصرية بمنطقة الفسطاط أول عاصمة إسلامية بمصر، ليعيد لهذه الشعوب أنفاسها وهي تشتم رائحة الكنوز الأثرية وعبق التاريخ الذهبي للفراعنة، مما جعل أنظار العالم تتجه نحو مصر بشغف الحنين للماضي العظيم والحضارة القديمة المتجددة .

تابع العالم كله مشرقه ومغربه وبكلّ اللغات، أجواء هذا الحفل في شكله الأسطوري الباعث للماضي بكلّ تجلياته وإشراقاته وملوكه الخالدين الذين أثروا العالم في كلّ فنون الحياة كالعمارة والدين والثقافة، ما جعله من أهمّ أحداث القرن الحادي والعشرين .

الجمال والإبداع والعبقرية تجلوا في مشاهد عديدة، خلال حفل نقل 22 مومياء لملوك وملكات مصر، وأشهرهم رمسيس الثاني، أعظم فرعون في عصر الدولة الحديثة، والملكة “حتشبوت”. وتمثلت هذه العبقرية والجمال في تزيين العربات التي نقلت المومياوات، بأجنحة وتصميم فرعونى، وأخذت شكل القوارب القديمة التي كانت تستخدم لنقل الفراعنة المتوفين إلى مقابرهم، مما جعل من هذا الموكب حدثاً عالمياً نادراً تكراره .

تجمّع آلاف المصريين لمشاهدة الحدث، على طول طريق الموكب أشعرنا، أننا نعيش زمناً فرعونياً خالصاً، منذ انطلاق المراسم الفرعونية من ميدان التحرير وتزيينها بمسلّة فرعونية تمّ جلبها من الأقصر، وكذلك تزيين المباني المحيطة بالأضواء المبهرة، ومسير العربات التي تحمل مومياوات الملوك وتجرّها الخيول، بينما المئات من فناني الأداء يرتدون أزياء المصريين القدماء.

العبقرية المصرية تجلت في أعلى درجاتها بين تصميم الحفل بكلّ أشكال الاحترافية والإبهار والقدرة على جذب أنظار العالم كله، وبين القدرة على تحدّي وباء كورونا بإجراءات احترازية مشدّدة، وبين حمل الموميات في صناديق مليئة بـ “النيتروجين” ومركباتها مزوّدة بامتصاص صدمات لحماية رفاتها التي تعود لأكثر من خمسة آلاف عام .

أثبت هذا الحفل للعالم كله بأنّ الشعوب التي حملت في جيناتها الوراثية قيم الحضارة والعراقة لا تزال قادرة على العطاء وعلى إبهار العالم مهما توالت عليها الأحداث المؤسفة، فهذا الحفل الذي رعاه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أحيا تاريخ مصر القديم والعريق للوجود، ومن تابعه في العالم شعر وكأنه يشاهد بكلّ بهجة ودهشة عودة ملوك مصر الخالدين، وكيف قادت مومياء الملك “سقنن رع” حربه ضدّ الهكسوس ليحرّر الأوطان من الاعداء، ويبرز مكانة مصر التاريخية .

نجح المصريون في وضع حملة إعلامية محكمة الدقة بإنتاج فيلم بمشاركة عدد من الفنانين المصريين، وترجمته إلى 14 لغة مختلفة، منها الصينية، والإنجليزية والفرنسية والألمانية، واليابانية والإيطالية، والإسبانية والسويدية والهولندية وغيرها.

لا شك انّ هذا الحدث الثقافي الضخم أعاد مصر الى صدارة وسائل الإعلام العالمية، وأكد للعالم أنّ مصر تسير في الطريق الصحيح تحت قيادة رئيسها، وانّ العالم كله سيعيد اهتمامه بمعرفة الحضارة المصرية، وسيسهم بشكل كبير في جذب سياح العالم كله إلى مصر مجدّداً.

هذا الحفل المبهر حمل عدة رسائل، أهمّها تمتع مصر بالأمن والأمان والاستقرار، وانّ مصر ستبقى مركزاً سياحياً وثقافياً عالمياً، وانّ انبهار العالم بهذا العرض التاريخي لملوك الفراعنة جاء ترجمة عملية على هذا المعنى، مما يتوقع معه أن تصبح مصر مقصداً رئيسياً للسياحة الثقافية، وستكون أيضاً مقصداً مهماً لدارسي علم المصريات من دول العالم أجمع .

تحية للشعب المصري ومنفذي هذا الحفل المبدع الأسطوري، وللرئيس السيسي الذي نقل مصر نقلة نوعية في الحداثة والتطوّر وحافظ على تراث الأجداد وحافظ على مصر من الأعداء، وعمل إنجازات عديدة منها تنظيم المدن وتجميلها، لا سيما العشوائيات ونقل سكانها إلى مناطق ومساكن تليق بأبناء الشعب المصري، وحقق طفرات مهمة في مجال البنية التحتية لمصر بعمل مشروعات “الكباري” والكهرباء و”تبطين” الترع والمصارف وغيرها.

ها هي مصر العظيمة بين الماضي والحاضر والمستقبل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى