لماذا لا يُستبدل الدعم بدفع نسبة من الودائع؟
يقول حاكم مصرف لبنان في مراسلته للحكومة ووزارة المال إنه سيفقد خلال شهر الأموال التي يستطيع التصرّف بها بسياسة دعم الاستيراد، وتأمين الدولارات اللازمة بسعر 1515 ليرة للدولار، فيما تحتاج سياسة ترشيد الدعم الى نصف المبلغ الذي كان ينفقه مصرف لبنان لمنع الانهيار، أي ثلاثة مليارات دولار سنوياً بدلاً من ستة. وهذا يعني أن ترشيد الدعم كان مفيداً لو طبق قبل سنة، فكان تمّ تأمين سنة صمود إضافيّة، أما وأن مصرف لبنان قد فقد ما يمكن المساهمة به لسياسات الدعم فمن أين يتم تأمين أموال ترشيد الدعم، ما دامت القضيّة هي عدم المساس بـ 16 مليار دولار تمثل الاحتياط الإلزامي من الودائع لدى المصارف، اي أنها تعود للمودعين.
الخبراء الماليّون يقولون إنه منذ بدء الدعم كان تصرّف حاكم مصرف لبنان هدراً للأموال، وغطاء للشركات التي تستفيد من التهريب والتي تقوم بتحويل أموالها إلى الخارج، من بوابة تمويل المستوردات، وأنه دائماً كان بمستطاع مصرف لبنان ولا يزال، أن يواجه قضيتي ارتفاع سعر الصرف وتلبية حاجات الاستيراد من خلال تسديد نسب من أموال المودعين، بالدولار، خصوصاً اصحاب الودائع التي تقل عن 100 ألف دولار والذين يمثلون 95% من المودعين ومجموع ودائعهم هو 24 مليار دولار، بينما كان لدى مصرف لبنان بين احتياطاته الخاصة والاحتياط الإلزاميّ للمصارف من أصل الودائع 30 مليار دولار، وكان يكفي وضع خطة تسديد لهذه الودائع على ثلاث سنوات، بمعدل 6 مليارات سنوياً، أن تؤمن توازن سوق الصرف، وبقاء احتياط المصرف المركزي سليماً، وهذا سيحفظ توازن سعر الصرف ويغطي المستوردات الرئيسيّة، في ظل وجود ستة مليارات أخرى ترد من التحويلات اللبنانيّة من الخارج.
الخبراء يقولون إنه إذا توقف الدعم ستنخفض فاتورة المحروقات الى أقل من النصف، وبالتالي ستنخفض قيمة المستوردات من 12 الى 10 مليارات، بعدما كانت 20 مليار دولار، وإن المستوردات التي سيرسو عليها الإجمالي لن تزيد عن ثمانية مليارات سنوياً، ما يعني أن تأمين 4 مليارات سنوياً من أموال المودعين بمعدل لا يقلّ عن 200 دولار شهرياً ولا يزيد عن 1000 دولار شهرياً للمودع حسب قيمة الوديعة، سيتيح تغطية حاجات الاستيراد مضافاً إليها حجم التحويلات الآتية من اللبنانيين في الخارج، وسيكون مصرف لبنان يعيد الودائع إلى أصحابها ولا يتصرّف بها بغير وجه حق، كما فعل منذ مدة ولا يزال.