أولى

يوم القدس العالمي

} د. سامي ناصر خليفةالكويت

حسناً فعل الإمام الخميني الراحل حين خصّص الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك يوماً عالمياً يجدّد فيه المسلمون سخطهم وامتعاضهم من احتلال الصهاينة مدينة القدس السليبة، وليجدّدوا أيضاً حرصهم على تحريرها من دنس المحتلّ، وليورثوا الأجيال اللاحقة ضرورة مواجهة نزعة الشر التي جاء بها الصهاينة في بلاد المسلمين!

حسناً فعل الإمام الخميني الراحل حين خصّ الجمعة الأخيرة لهذه المناسبة المهمة، إذ يكون المسلمون جميعاً في رحاب الرحمن صائمين متضرّعين خاشعين، طالبين الرحمة والمغفرة من رب العزة ومناشدينه التوجه لمطالبهم، وما مطلب ضروري يجتمع عليه أبناء الأمة كافة كضرورة تحرير القدس من الاحتلال الصهيوني.

وليس إعلان تلك المناسبة على هذا الإمام الراحل بغريب أو جديد، وهو من جعل القضية الفلسطينية على رأس سلم اهتماماته، بل حافظ على موقعها كقضية المسلمين الأولى، بعد أن حاولت بعض الأنظمة العربية بدعم وإسناد العالم الغربي أن تسلخها من هويتها الإسلامية – بل وحتى العربية – ليحصروها في قوميتها الفلسطينية.

وهو من استبدل سفارة الصهاينة في إيران بسفارة لفلسطين، وهو من جنّد جهود وطاقات وقدرات وأموال دولة كبيرة كإيران باتجاه تعزيز جبهة الصمود والمقاومة ضد الاحتلال الصهيوني ووقف نداً صنديداً أمام مخططاتهم في تفريق كلمة العرب والمسلمين، فجعل الاختلاف في قضية كهذه خطاً أحمر في إيران.

لقد رحل الإمام الخميني طيّب الله ثراه وبقيت المناسبة تتجدّد عاماً بعد عام لتغرس فينا روح التضحية والفداء من أجل تحرير الأراضي المقدسة وما من قضية تستحق التضحية كتحرير القدس الشريف من دنس الاحتلال الصهيوني، هذه المدينة التي كانت قبلة المسلمين الأولى وثاني بيت وضع في الإسلام بعد مكة زمن نبيّنا إبراهيم عليه السلام، وفيها احتضان الكثير من الأنبياء والرسل، وهي نقطة نزول البراق وبداية المعراج ونهاية الإسراء. إنها مدينة حملت رسالة الله جلّ وعلا إلى الإنسان ولا يمكن أن يقبل العالم أن يستمرّ هذا الموقع المقدس تحت وطأة الاحتلال.

كما لاختيار يوم القدس العالمي في آخر جمعة من شهر رمضان الكريم معنى لا يمكن التغافل عنه وحكمة لا يجب تجاوزها، وهي أنها مناسبة من شأنها أن توفر مناخاً إيجابياً للوحدة بين المسلمين كافة بمختلف طوائفهم وتعدد مشاربهم وتنوّع مذاهبهم، وحدة يتطلبها الموقف وتبرّرها الظروف الصعبة التي تمرّ بها المنطقة، خصوصاً أنّ أهل الكفر والزندقة قد اجتمعوا على تكريس المحتلّ وقبوله أمراً واقعاً وهذا ما لا يمكن قبوله.

إنّ «إسرائيل» جرثومة يجب اجتثاثها من بلاد المسلمين والقدس مدينة الأديان التي تسلسلت في حلقاتها لتصل إلى الإسلام المحمدي الأصيل الذي به يرضى الله سبحانه وتعالى عنا جميعاً.

لذا لا مناص من تأكيد حقيقة أنّ الاحتلال الصهيوني للقدس هو قضيتنا الأولى ويجب على المسلمين جميعاً الحركة باتجاه تحريرها قولاً يصدقه فعل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى