أولى

النكبة وأكياس الطحين…

 حمزة البشتاوي*

في جريمة موصوفة أعلن ديفيد بن غوريون في 14 أيار 1948 قيام دولة (إسرائيل) على جزء من الأراضي الفلسطينيّة بالتزامن مع انسحاب قوات جيش الانتداب البريطانيّ عن أرض فلسطين مكمّلاً بذلك مسيرة سلفه تيودور هرتزل الرأس المفكر للمشروع الصهيوني المستند إلى الخرافة وتزييف الوقائع والتاريخ. ومنذ ارتكاب تلك الجريمة التي أطلق عليها مصطلح النكبة ما زال الجرح الفلسطيني مفتوحاً ومستمراً بالنزف في مسيرة صراع الوجود مع الاحتلال، وما زال الشعب الفلسطيني في هذه المسيرة النضالية يكتب سيرة المكان وحكاية الأرض والإنسان وما فيها من مآسٍ وبطولات بعزة وكبرياء، وهو منذ بداية اللجوء ومحاولة تحويله من شعب إلى مجموعة لاجئين مساكين موزعين في خيم البؤس والحرمان قال: (ما بدنا سردين ولا طحين بدنا نرجع ع فلسطين).

واليوم تأتي ذكرى النكبة وسط ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة جعلت القضية تبدأ من رغيف الخبز وصولاً إلى الوطن الذي يسطر فيه الشباب الفلسطيني أروع ملاحم الصمود والبطولة مستخدماً كافة الأسلحة وأبرزها حجارة الدار وأغصان الأشجار والابتسامات والصلوات رافعاً الرأس عالياً بما يليق بالقدس وفلسطين رغم طعنات التطبيع وسهام الغدر في ظهر القضيّة والشعب الفلسطيني منذ وعد بلفور المشؤوم وما بعده ما زال مستمراً بالمقاومة لمحو آثار النكبة ومحاولات اقتلاعه من أرضه وهويته وتاريخه وثقافته التي تصون القضية والحقوق من مشاريع الشرذمة والتقسيم التي تهدف في جوهرها منح الكيان الصهيوني شرعية مصطنعة إضافة إلى تصفية قضية اللاجئين وتهيئة الظروف لتهجير ما تبقى من الشعب الفلسطيني في أرضه، وهذا ما لم يحصل بعد الآن في ظلّ التحوّل الكبير في القدرات والوعي بمواجهة المشروع الصهيوني الذي بدأ العدّ التنازلي لنهايته مع امتلاك الفلسطينيين القناعة الكاملة والإيمان المطلق بحتمية الانتصار على المشروع الصهيوني استناداً إلى قراءة الواقع بدقة والتمسك بجمر الحقوق بعزم وثبات وحمل راية المقاومة من كلّ أبناء الشعب الفلسطيني في أماكن انتشاره كافة وخاصة في المناطق المحتلة عام 1948 لتبقى أولوية الصراع مع الاحتلال والاشتباك المباشر معه هي بشارة الخلاص القادرة على تحقيق العودة والتحرير وتقرير المصير ودحض الرواية الصهيونية التي يروّج لها البعض، كما يؤكد الشعب الفلسطيني اليوم ورغم سنوات من القهر والعذاب إنه لم يتخلّ يوماً عن حمل السلاح وحمل راية الأمل مجدّداً في الذكرى الـ 73 للنكبة كما في كلّ عام أنه ورغم مرور أكثر من سبعة عقود من المجازر والتهجير وعذابات الأسر وفقدان الأحبّة وقسوة المنفى لن ينسى ما حلّ به وسيبقى يسير على درب الفداء والعودة والتحرير لكامل أرضه المحتلة التي يقول لها كما قال الشاعر محمود درويش:

يا أمّنا انتظري أمام الباب

إنا عائدون

هذا زمان لا كما يتخيّلون…

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*عضو اللجنة المركزيّة للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى