الصين وتركيا تهدّدان عرش فرنسا الاقتصاديّ في المغرب العربيّ
تساهم الأزمة بين دول المغربي العربي وأوروبا وخاصة فرنسا في تقليل هذه الدول للوجود الأوروبي لصالح قوى اقتصادية أخرى مثل الصين. ودشنت الجزائر هذه السياسة بتقزيم مصالح فرنسا في بلدها، وهو ما يجعل باريس تتخوّف من توجه مغاربيّ مستقبلاّ.
وكانت فرنسا وحتى الأمس القريب الشريك التجاري الرئيسي للدول المغاربية وبفارق كبير مع باقي الدول الأخرى. ولم تعد تحتل هذه المكانة خلال السنوات الأخيرة. فقد عمدت الجزائر طيلة السنوات الماضية الى تهميش الواردات من فرنسا وتهميش الاستثمارات الفرنسية، وأصبحت الصين هي الشريك الاقتصادي الأول للجزائر.
وتراجعت مكانة فرنسا في المغرب من المركز الأول للثاني منذ سنة 2014 لصالح اسبانيا، وبدأت دول أخرى تقترب من المركز الثاني مثل الصين وإيطاليا. وينهج المغرب تنويع شركائه التجاريين للتقليل من الثقل الأوروبي في اقتصاده.
وتحافظ فرنسا على مركزها الرئيسي في دولة تونس، ولكنها بدأت تجد منافسة قوية من كل من الصين التي تغزو تجارياً واقتصادياً تونس وكذلك من طرف تركيا.
وكشف تقرير جديد صادر هذا الشهر عن مركز الدراسات الاستراتيجية «مونتاني» الفرنسي كيف أصبحت دول ومنها الصين تهدد مصالح فرنسا في منطقة المغرب العربي، وركز التقرير كثيراً على المغرب نظراً لارتباط اقتصاده بالغرب وبالخصوص مع فرنسا.
ويوصي التقرير باريس بالتحرك في منطقة المغرب العربي ومنها المغرب بالخصوص من خلال مساعدة هذه البلدان على استعادة اقتصادياتها المتضررة من جائحة فيروس كورونا، والرفع من الاستثمارات الفرنسية في المنطقة واستقبال مزيد من صادراتها، ويقدم التقرير مثالاً حول دور اللقاح الصيني في مساعدة دول المغرب العربي مقابل عجز فرنسي تام في هذا الشأن.
وتفيد كل المؤشرات الى خسارة فرنسا هذه المعركة، وستستمر باريس شريكاً رئيسياً لدول المغرب العربي، ولن تحافظ على الزعامة بفضل قوة الاقتصاد التركي العازم على إيجاد فضاء له في المنطقة ثم قوة العملاق الصيني.
ومن ضمن العوامل التي تساعد تركيا والصين على التغلغل الاقتصادي نجد غياب مشاكل لهما مع دول المغرب العربي، ويحدث العكس في حالة فرنسا. ثم قدرة الصين وتركيا على الفوز بعقود بناء البنيات التحتية مل الموانئ والمطارات والطرق السيارة، وكان هذا مقتصراً حتى بداية القرن الحادي والعشرين على فرنسا بالدرجة الأولى وبعض الدول الأوروبية مثل المانيا وإيطاليا واسبانيا.