الوطن

سجال حادّ بين بعبدا وعين التينة على خلفية الاستحقاق الحكومي

عون: هناك رغبات في تهميش دوري والحدّ من صلاحياتي برّي: لا حقّ دستورياً له بوزير واحد ومبادرتي مستمرّة

تسارعت أمس التطورات الدراماتيكية للاستحقاق الحكومي عكسها السجال الحادّ بين رئاستي الجمهورية ومجلس النواب على خلفية تأليف الحكومة العتيدة  والعراقيل الموضوعة أمامها وصلاحيات رئيس الجمهورية الدستورية  في هذا المجال.

وكانت رئاسة مجلس النواب ردّت ببيان على بيان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الصادر أول من أمس والذي تركّز على مبادرات التأليف لا سيما مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه برّي.

وجاء في بيان رئاسة المجلس «باسم الشعب اللبناني تحركت وأتحرك، وقرار تكليف رئيس حكومة خارج عن إرادة رئيس الجمهورية بل هو ناشىء عن قرار النواب أي السلطة التشريعية، ومن يُجري الاستشارات النيابية لتأليف الحكومة هو الرئيس المكلّف (الماده 64 من الدستور)، وبالتالي من حقي أن أحاول بناءً على طلب دولة رئيس الحكومة المكلّف أن أساعده في أي مبادرة قد يتوصل إليها، ولا سيما أن رئيس الجمهورية الذي تعود له صلاحية توقيع مرسوم تأليف الحكومة بالاتفاق مع رئيسها أبدى كل رغبة في ذلك وأرسل لي رسلاً عدّة بهذا الشأن وحصل أكثر من اجتماع في القصر الجمهوري وخلافه لإنجاح ما سمّي بمبادرة بري من دون حضوري الشخصي. وكان القاضي راضي: طالما ارتفع عدد الوزراء إلى 24 وطالما حل موضوع الداخلية، إلى أن أصررتم على 8 وزراء + 2 يسمّيهم رئيس الجمهورية (الذي لا حق دستورياً له بوزير واحد، هو لا يشارك في التصويت) فكيف يكون له أصوات بطريقة غير مباشرة؟».

أضاف «تعطّل كل شيء والبلد ينهار والمؤسسات تتآكل والشعب يتلوى وجدار القسطنطينية ينهار مع رفض مبادرة وافق عليها الغرب والشرق وكل الأطراف اللبنانية إلاّ طرفكم الكريم: فأقدمتم على البيان البارحة صراحة تقولون لا نريد سعد الحريري رئيساً للحكومة. هذا ليس من حقكم، وقرار تكليفه ليس منكم، ومجلس النواب قال كلمته مدوّية جواب رسالتكم إليه. المطلوب حلّ وليس ترحالاً والمبادرة مستمرّة».

وردّ مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية على الرئيس برّي ببيان، استهله بالقول «أمرٌ لن نتوقف عنده في البيان الذي صدر عن دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه برّي قبل ظهر اليوم (أمس)، هو الأسلوب غير المألوف لدى دولته في التخاطب السياسي شكلاً ومضموناً».

أضاف «لكن، ما يجدر التوقف عنده باستغراب، أن يلقى البيان الذي صدر بالأمس عن رئاسة الجمهورية ردة فعل غير متوقعة من الرئيس برّي، خصوصاً في ما يتعلق بموقع رئيس الجمهورية في التركيبة الوطنية التي تكرّست في وثيقة الوفاق الوطني، وما يرمز إليه من وحدة الوطن ودوره في السهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال الوطن ووحدته وسلامة أراضيه، ما يجعله من خلال قسمه الدستوري ووفقاً لصلاحياته المؤتمن على مصالح الشعب وحقوقه. ومن المؤسف حقاً أن يتحدث الرئيس برّي عن عدم حق الرئيس بالحصول على وزير واحد في الحكومة، مبرراً ذلك بعدم مشاركته في التصويت، وكأنه أراد بذلك أن يؤكد ما بات مؤكداً بأنّ الهدف الحقيقي للحملات التي يتعرّض لها رئيس الجمهورية، هو تعطيل دوره في تكوين السلطة التنفيذية ومراقبة عملها مع السلطة التشريعية، وإقصاؤه بالفعل حيناً، وبالقول أحياناً، عن تحمّل المسؤوليات التي ألقاها الدستور على عاتقه».

وتابع «أمّا أن يفهم الرئيس برّي من بيان الأمس، بأن رئيس الجمهورية لا يريد المبادرة التي «وافق عليها الشرق والغرب» ولا يريد الرئيس سعد الحريري رئيساً للحكومة ويبني على هذا النهج ما هو في رأيه حق أو غير حق، فإنه قمّة الإنكار ومجافاة الحقيقة، لأنّ رئيس الجمهورية تجاوب مع إرادة مجلس النواب وتمّ تكليف الرئيس الحريري بتشكيل الحكومة بقرار صادر عنه، بعد التغاضي عن الكثير من الإساءات والتعرّض للرئاسة ولشخص الرئيس والصلاحيات. كل ذلك في سبيل تسهيل تشكيل الحكومة على الرغم من محاولة ابتكار أعراف دستورية جديدة. كذلك، لم يطالب رئيس الجمهورية بتسمية وزيرين اثنين زيادةً على الوزراء الثمانية، كما لم يطالب بالثلث الضامن على رغم عدم وجود ما يمنع ذلك.

كذلك فإن رئيس الجمهورية عمل جاهداً على تنفيذ المبادرة الفرنسية وتعاطى إيجاباً مع مسعى الرئيس برّي بدليل أنه أرجأ الحوار الذي كان ينوي الدعوة إليه، إفساحاً في المجال أمام دولته في النجاح بمسعاه، وطالب مراراً الرئيس المكلّف بأن يقدّم تشكيلة متوازنة تتمتع بالميثاقية وتحصّن الشراكة الوطنية وتؤمّن ثقة مجلس النواب».

وأردف «ومن المفيد أن يتذكّر الرئيس برّي أيضاً أن «الكلمة المدوّية» التي صدرت عن مجلس النواب، أكدت وجوب اتفاق رئيس الحكومة المكلّف مع رئيس الجمهورية على تشكيل الحكومة وهو الأمر الذي لم يحصل رغم مرور أكثر من 8 أشهر على التكليف، ولم تكن هناك حاجة لبيان الرئيس برّي للإدراك بأنّ ثمّة من لم يغفر بعد لاستعادة الحضور والدور بعد سنين التنكيل والإقصاء منذ العام 1990 حتى العام 2005».

وقال «في أيّ حال، لا بدّ أن يُدرك دولة الرئيس وغيره، أن رئيس الجمهورية يسعى بكل قوة إلى حلّ للأزمة الحكومية التي افتعلتها ممارسات باتت معروفة عند الجميع، وعقّدتها رغبات في تهميش دور رئيس الجمهورية والحدّ من صلاحياته ومسؤولياته، ولعلّ البيان الذي صدر اليوم خير دليل على ذلك».

أضاف «إن رئاسة الجمهورية إذ تكتفي بما تقدم، تترفّع عن الدخول في ما ورد من مغالطات في بيان رئيس مجلس النواب، وتُسجّل له إيجابية وحيدة هي الرغبة في أن تبقى مبادرته مستمرّة لتسهيل تشكيل الحكومة، وإن كان البيان الصادر اليوم أسقط عن دولته صفة «الوسيط» الساعي إلى حلول، وجعله ويا للأسف، طرفاً لا يستطيع أن يعطي لنفسه حقّ التحرّك «باسم الشعب اللبناني».

وختم «إن رئيس الجمهورية الذي يعيش معاناة الشعب، حريص على إنشاء سلطة إجرائية من خلال حكومة إنقاذية قادرة على تقديم حلول للأزمات المعيشية والحياتية التي باتت تشكل خطراً على حياة اللبنانيين وعيشهم».

وردّ المكتب الإعلامي لرئاسة مجلس النواب على رئاسة الجمهورية بالقول «جواباً على ما صدر عن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية، لنا الرغبة أن نصدق ما ذهبتم إليه إذا كنتم أنتم تصدقونه، مذكّرين إياكم بأن فخامة رئيس الجمهورية ميشال عون هو صاحب القول: «بعدم أحقية الرئيس ميشال سليمان بأي حقيبة وزارية أو وزارة»، فلنذهب إلى الحلّ».

وسارع مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية إلى الردّ  قائلاً «من المفيد تذكير من يلزم بأن كلام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حول عدم أحقية الرئيس ميشال سليمان بأي حقيبة وزارية أو وزارة، له تابع أغفله بيان رئاسة مجلس النواب وخلاصته أن الرئيس سليمان لم يكن لديه، عند انتخابه، أي تمثيل نيابي ولم يحظ بدعم أكبر كتلة نيابية في مجلس النواب، كما هو حال الرئيس عون حالياً. ومع ذلك، أُعطيَ الرئيس سليمان ثلاثة وزراء على الأقل في كل حكومة تم تشكيلها حتى نهاية عهده، فاقتضى التوضيح».

ولاحقاً صدر عن المكتب الإعلامي لرئاسة مجلس النواب بيان جاء فيه «مرة ثانية نريد أن نصدّق ونسأل، طالما الأمر كذلك لماذا أعلن «التكتل» أنه لن يشارك ولن يعطي الثقة؟»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى