الوطن

بوريل جال على المسؤولين: لتشكيل حكومة جديدة واتفاقية مع صندوق النقد لتنساب المساعدات… أو عقوبات

استمرار دعم الاتحاد الأوروبي، مركزاً على «أهمية تشكيل حكومة جديدة وإطلاق مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ما يحقق انسياب المساعدات الأوروبية لدعم الاقتصاد اللبناني». ولفت إلى أن مجلس الاتحاد الأوروبي يدرس خيارات أخرى، من بينها عقوبات تستهدف عدداً من السياسيين لتحفيزهم على  التحرّك.

وكان بوريل وصل إلى بيروت مساء الجمعة الفائت، وجال أول من أمس على المسؤولين، فالتقى بدايةً رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي أبلغ الأول «أن الإصلاحات هي المعركة الأساسية التي ستخوضها الحكومة الجديدة بعد تذليل العقبات الداخلية والخارجية أمام عملية التشكيل»، مشدداً «على خصوصية الوضع اللبناني والتي تتطلب مقاربة واقعية وتشاركية وميثاقية في تكوين السلطة التنفيذية».

وبعدما شكر عون لبوريل اهتمام الاتحاد الاوروبي بلبنان والمساعدات التي قدمها والبرامج التي أعدها للمساعدة، ولا سيما بعد الانفجار في مرفأ بيروت، عرض للأزمات التي ترهق كاهل الشعب اللبناني، من مسألة النزوح السوري، إلى الوضع الاقتصادي الصعب، إلى جائحة كورونا، ثم الانفجار الذي وقع في المرفأ. وطالب عون بوريل، باستمرار تقديم المساعدات للبنان، لافتاً إلى «أهمية مساعدة أوروبا في استعادة الأموال المهرّبة إلى المصارف الأوروبية، وفي الوقت عينه، الاستمرار في التدقيق المالي الجنائي، على الرغم من العراقيل التي توضع أمام هذا العمل الأساسي لمكافحة الفساد الذي تقف وراءه منظومة تضم مسؤولين وسياسيين واقتصاديين ورجال مال وأعمال». وقال «التدقيق المالي الجنائي هو الخطوة الأولى المطلوبة في المبادرات الإنقاذية وبرامج المساعدات من الدول والهيئات الدولية المعنية، والذي من دونه لا يمكن تحقيق الإصلاحات واستعادة الثقة الخارجية بالواقع المالي اللبناني».

وشدّد على أن لبنان يرحّب بـ»أي دعم يقدمه الاتحاد الأوروبي لتشكيل الحكومة الجديدة، التي لا بد من أن تكون ذات صدقية وقدرة على إجراء الإصلاحات، وتنطلق من الأصول الدستورية والأعراف والعادات المنبثقة منذ سنوات والتي نريدها أن تستند الى أسس الوفاق الوطني». ولفت إلى «أن الدعم الذي يريده لبنان من المجتمع الدولي ليس فقط في الشق الإنساني، بل أيضاً في الشق التنموي»، مجدداً موقف لبنان من ضرورة إعادة النازحين السوريين إلى ديارهم خصوصاً «بعد استقرار الوضع الأمني في معظم الأراضي السورية، لأن لبنان لم يعد قادراً على تحمّل تداعيات هذا النزوح على القطاعات كافة».

وكان بوريل أكد لعون خلال اللقاء، الذي حضره وفد ضم أعضاء من المفوضية والبعثة الأوروبية في لبنان، استمرار دعم الاتحاد الأوروبي، مركزاً على أهمية تشكيل حكومة جديدة وإطلاق مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ما يحقق انسياب المساعدات الأوروبية لدعم الاقتصاد اللبناني.

وبعد اللقاء قال بوريل «لبنان بلد مجاور، وشريك للاتحاد الاوروبي ونحن قلقون للغاية بسبب الأزمة السياسية والاقتصادية التي يواجهها، وأنا اليوم معكم لأعرب باسم الاتحاد الأوروبي، عن تضامننا ودعمنا للشعب اللبناني، وللتعبير عن قلقنا من هذا الوضع أمام السلطة السياسية».

أضاف «الاتحاد على استعداد لمواصلة تقديم الدعم للبنان وشعبه، وقمنا في العام 2020 بتوفير 330 مليون يورو كمساعدات للبنان، أي ما يقارب المليون يورو كل يوم، ووضعنا إطاراً بالتعاون مع الأمم المتحدة، لتقديم المساعدات للشعب اللبناني بشكل مباشر». وتابع «لدينا طرق وأدوات أخرى مختلفة لمساعدة الحكومة اللبنانية، ونحن مستعدون لتحريكها فور حصول تقدم ملموس في ما يتعلق بعملية الإصلاح الضروري، فنحن لا نستطيع تقديم المساعدة من دون إصلاحات يحتاجها لبنان لتخطي الأزمة الحالية».

وتوجه «برسالة صارمة، باسم الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء، إلى كل القادة السياسيين اللبنانيين»، قائلاً «الأزمة التي يواجهها لبنان هي أزمة محلية الصنع، فُرضت من الداخل وليس من الخارج أو من عوامل خارجية. إنها صناعة وطنية، صنعها اللبنانيون بأنفسهم، وعواقبها على الشعب كبيرة أيضاً. أصبحت نسبة البطالة 40%، وأكثر من نصف الشعب يعيش ضمن معدل الفقر، وهذه الأرقام دراماتيكية، وعلى الرؤساء والقادة اللبنانيين أن يتحمّلوا مسؤولياتهم ويضعوا التدابير الضرورية لتطبيقها من دون أي تأخير. يجب تشكيل حكومة وتطبيق الإصلاحات الضرورية فوراً، فنحن لا نستطيع أن نفهم كيف مضت تسعة أشهر على تكليف رئيس وزراء وأنتم من دون حكومة حتى الآن. فقط اتفاقية فورية مع صندوق النقد الدولي ستُنقذ لبنان من انهيار مالي وليس هناك من وقت لإضاعته».

ولفت إلى أن «مجلس الاتحاد الأوروبي يدرس خيارات أخرى، من بينها عقوبات مستهدفة، وبالتأكيد نحن نفضل عدم اللجوء إلى هذه الحلول وسلوك هذا الدرب»، آملاً «ألاّ نكون مضطرين للقيام بذلك، ولكن هذا كله يعود إلى القيادة اللبنانية».

وفي موضاع النازحين أشار إلى أن «الاتحاد الأوروبي عمد، منذ بداية الأزمة، إلى تقديم الدعم المهمّ للنازحين وللدول المضيفة، ونحن على استعداد لتقديم دعم أكبر للبنان والأردن وتركيا وكل الدول التي تستقبل النازحين». وقال «نحن على ثقة بأن السلطات اللبنانية ستستمر في احترام مبادىء عدم الإعادة القسرية، ونحن سنستمر في تقديم الدعم للنازحين وللمجتمعات اللبنانية التي تستضيف الجزء الأكبر من هؤلاء».

 واعتبر «أن الأزمة الاقتصادية التي يواجهها لبنان هي نتيجة سوء الإدارة، وليس لها رابط مباشر بمسألة النازحين، فليس من العدل أن نقول بأن الأزمة هي نتيجة وجود هؤلاء».

وأشار إلى أنه سيلتقي هيئات المجتمع المدني والناشطين، وليس المسؤولين السياسيين والمؤسسات الرسمية فقط، للاستماع إلى رأيهم في الوضع الحالي والبحث معهم في طرق دعم جهودهم، مشدّداً على وجوب حصول الانتخابات النيابية المقبلة في موعدها.

ومن بعبدا انتقل بوريل إلى عين التينة حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه برّي في حضور سفير الاتحاد الاوروبي في لبنان رالف طراف وكان عرض مفصّل حول الوضع اللبناني بتشعباته وتداعياته ولاسيما الأزمة الحكومية.

وقدم الرئيس برّي للموفد الأوروبي شرحاً مفصلاً عن مبادرته الرامية لتجاوز الأزمة الحكومية والمراحل التي قطعتها وأين تقف الآن، مؤكداً أن «العقبات التي تحول دون إنجاز الحكومة هي محض داخلية». كما عرض ما أنجزه المجلس النيابي من قوانين إصلاحية وما هو قيد الإنجاز في هذا الاطار لمواكبة الحكومة العتيدة في مهمتها الاصلاحية والإنقاذية المنتظرة. وشكر للاتحاد الأوروبي دوره وجهوده كما المبادرة الفرنسية لمؤازرة لبنان للخروج من أزماته.

والتقى بوريل الرئيس سعد الحريري في «بيت الوسط» وعرض معه المستجدات السياسية والأوضاع العامّة في البلاد، والعلاقات بين لبنان والاتحاد. واستقبل رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب في السرايا الحكومية، بوريل والوفد المرافق. وعرض دياب الصعوبات التي يمرّ بها لبنان خصوصاً على الصعيدين المالي والاقتصادي.

كما التقى بوريل نائبة رئيس مجلس الوزراء وزيرة الدفاع ووزيرة الخارجية والمغتربين بالوكالة في حكومة تصريف الأعمال زينة عكر وقائد الجيش العماد جوزاف عون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى