مكتبة قصر الثقافة في دوما تستعيد عافيتها وتنفض غبار الإرهاب
فريق شباب دوما الثقافي تطوّع لإزالة الركام والردم وفرز الإصدارات
تستعيد مكتبة قصر الثقافة في دوما عافيتها بعد أن عاث فيها الإرهاب سرقة وتمزيقاً وحرقاً، هذه المكتبة التي كانت تضمّ عشرات آلاف العناوين في مختلف العلوم تستردّ تدريجياً ما خسرته خلال سنوات الحرب الكونيّة على سورية لتعود كما كانت منهلاً لطلاب العلم وللباحثين الذين كانوا يتقاطرون إليها من أنحاء المدينة على مدى أكثر من نصف قرن.
وحول حال مكتبة قصر الثقافة في دوما في الفترة الماضية قالت أمينة المكتبة زينب حيدر في تصريح لوسائل الإعلام: «عملت في هذا المكان منذ سنة 1999 وكانت المكتبة تضم 26 ألف كتاب لمؤلفين سوريين وعرب وأجانب في اختصاصات علمية وأدبية ودينية وفنية فضلاً عن 7 آلاف عنوان في مكتبة الأطفال وقاعة للمطالعة تتسع لمئة قارئ في التوقيت ذاته لنجدها عندما رجعنا بعد تحرير المدينة عام 2018 قد تحوّلت إلى خراب وركام».
واضافت حيدر: «كان حال المكتبة كارثياً بكل المقاييس من فوضى وتدمير وسرقة وإتلاف آلاف الإصدارات ووجدنا أنها بحاجة لخطة إسعافيّة يحتاج تنفيذها فريق عمل فتشكل بطلب من رئيسة المركز فريق تطوعيّ حمل اسم فريق شباب دوما الثقافي ضم 10 من الشباب والشابات عملوا معنا وتحت إشرافنا على أعمال التنظيف وإزالة الركام والردم وفرز الإصدارات المتبقية التي كانت تحتويها المكتبة عن محتويات مستودع مديرية ثقافة ريف دمشق والذي كان يوزّع الكتب لنحو 130 مركزاً منتشرة في المحافظة».
وعمل فريق العمل وفقاً لحيدر على فرز الإصدارات المتبقية حسب الموضوعات، وحسب الرقم العام وعلى تحديد الخسائر التي تقدر بنحو 30 بالمئة من محتويات المكتبة ولا سيما الكتب الدينية والتي نهبت بالكامل، حيث كانت تحتوي أمهات الكتب والمراجع وكانت موئلاً لطلاب كليات العلوم الدينية والشريعة كما نهبت مكتبة الأطفال بالكامل.
وتُعرب حيدر عن أملها في أن تعود المكتبة كما كانت قبل الحرب ولا سيما أنها كانت تحتوي مؤلفات غير موجودة في كبرى المكتبات العامة السورية، مشيرة إلى أن للمجتمع الأهلي في مدينة دوما دوراً أساسياً في تأهيل هذا الصرح الثقافي ليشغل موقعه في عملية إعادة البناء والإعمار.
ريما عطايا رئيسة قصر الثقافة في دوما قالت: «عندما دخلنا إلى المبنى كان شبه مدمّر بأقسامه كلها بما فيها مقر مديرية الثقافة فشرعنا بتنفيذ أعمال تأهيل أولية وفق الإمكانيات المتاحة. وكانت البداية مع المكتبة العامة واستعنا لهذه الغاية بالمجتمع المحلي ومجلس مدينة دوما، حيث تبرع أحد أبناء المدينة بأعمال الترميم وإعادة افتتاح قاعة المطالعة».
وتشمل أعمال الترميم أيضاً وفقاً لرئيسة قصر الثقافة إعادة تأهيل سور البناء وإغلاق الأنفاق التي حفرها الإرهابيون ولا سيما في المسرح والمدرج وإزالة الردم الناجم عنها ومراجعة نقابة المهندسين لأجل هذه الغاية وإعادة تأهيل غرف أخرى لتنفيذ سلسلة محاضرات وندوات ودورات فنية وطلاء الشارع المقابل للمبنى وتزيينه برسوم تعبيرية وتهيئة المجال لعودة مديرية الثقافة إلى المدينة.
وتكشف عطايا عن النية لإطلاق كورال غنائي خاص بقصر الثقافة يحمل رسالة التراث السوري ولا سيما محافظة ريف دمشق لما تتسم به من تنوع وعراقة.
وأكد أيمن السيد عضو مجلس محافظة ريف دمشق حول دور مؤسسات الإدارة المحليّة في إعادة تأهيل قصر الثقافة ليأخذ دوره الفاعل «أن الثقافة حاجة أساسية وليست كمالية لذلك تم اتخاذ خطوات إسعافيّة تكون مقدمة لمشروع أكبر في المستقبل القريب مثل إعادة تأهيل صالة المعارض وقاعة المحاضرات بهدف جذب حضور جماهيري أكبر وجلب أعداد من أهالي المدينة لمواكبة النشاط الثقافي وخلق تفاعل يسمح لقصر الثقافة أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب على وطننا».
يذكر أن المركز الثقافي في مدينة دوما تأسس عام 1967 وكان يضمّ قاعة مسرح صغيرة ومكتبة ومركز تدريب للثقافة الشعبية وتمّ توسيعه عام 2000 ليضم مسرحاً يحوي 700 كرسي ثابت ومجهزاً بأجهزة الصوت والإضاءة والتدفئة والتكييف مع غرف للكواليس وصالة إنترنت وقاعات للاستقبال وللتدريب تابعة لمعهد الثقافة الشعبية مع مقر مديرية الثقافة.