حديث الجمعة

أواخر كثيرة..

آخر القرابين كلمة ضمّدت بها جرحًا في وجهها لتُشفى على سبيل العناد فقط.

آخر الجروح ذاك التلعثم بين الصراخ وبين الخرس، حين صفعة لا تُردّ ولا تُقال.

آخر العتب لا يُنطق به، يهيمُ في البالِ غريبًا مستوحشًا مستذكرًا صوت الجمرِ في كفّ قلبه ورائحة البلاد، منفيًّا ومنسيًا..

آخر التمتمات تلك التي تبدو كدوار أصاب اللّغة، فمزجت عن غير قصد الخوف والأمان والهروب والمكابرة في رجفة واحدة.

آخر نوبات الصداع غفوة تكثف الصخب وتحشره في ثقب ما بين القلب وشغافه.. فيبدو النائم قتيلًا سكبت على خدّه الحرب كلّ دموعها..

آخر الضحكات تلك المرسومة وشمًا بين ضلعين مفترقين، لهول علوّها يكاد يُسمَع نبضها كلّما صُعق القلب بالنار كي يواصل مشيته.

آخر الأمنيات لحظة تريد فيها أن تنتزع من براثن النصال صوتك، فتجده استأنس منثورًا حرًّا من جهد الانصياع لترتيب الكلمات.

آخر الكلمات ورقة ترميها في النار كي تصير رمادًا ثم تدرك أنّك أنت الحريق وأنت الموقد الذي اختنق برماده حتى انطفأ..

آخر الوجوه، وجهٌ دُسّ في الجمع مغمضًا فاختفى أو عُرّي من خماره السماويّ وما عرف إلّا حين امتدت إلى خدّه أيادٍ قاسية..

آخر الأسماء اسمٌ يحضر إلى مجلس محبّيه فلا يُستقبل إلّا غريبًا كحزنٍ مباغت، كذاكرة خالية من عزّها، كتهمة يفوز من يتبرأ منها أوّلًا..

آخر الرسالات، وكلّها.. اسمي مجرّدًا من وجهي ومن صوتي ومنّي.. عاريًا من تفاصيل أردته قتيلًا في خاتمة النصوص..

ليلى عماشة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى