أولى

أحمد جبريل رمز للمقاومة العربيّة

تخسر فلسطين وقوى المقاومة برحيل القائد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة قامة نادرة، فأبو جهاد الذي سقط ابنه شهيداً على طريق العمل الفدائيّ لأجل فلسطين، كان منذوراً لكل ما يجعل القدس أقرب، وفي لحظات الركود النضالي التي عرفتها المقاومة الفلسطينية كانت العمليات النوعيّة التي يخطط لها ويقودها أبو جهاد تكسر الركود وتعيد الألق للقضية. وفي لحظات المواجهات كان أبو جهاد دائماً في الخطوط الأمامية قائداً ومقاتلاً.

امتاز جبريل عن أقرانه من جيل المؤسسين للتنظيمات الفلسطينية التي ولدت في الستينيات تحت عنوان المقاومة أنه بقي مخلصاً لخيار المقاومة حتى الرمق الأخير، رغم كل التحولات التي مرّت بها التنظيمات الفلسطينية تحت عناوين تكتيكيّة وسياسيّة أبعدت بعضها عن خيار المقاومة ودفعت بعضها الآخر لمهادنة من ابتعدوا، بينما بقي أبو جهاد صوتاً صارخاً يدعو للمقاومة ويبني لها ويؤسس لمواصلتها، ولو بقي وحيداً.

في التحالفات كانت بوصلته وحيدة وهي فلسطين، لا تحيده ولا تبعده عقائد ولا أيديولوجيات ولا سياسات، فكانت سورية القلعة الحصينة التي لا يمكن أن يتنكر لموقعها ودورها في مواجهة مشروع كيان الاحتلال ودعمها للنضال الوطني الفلسطيني واحتضانها لقواه بلا مقابل، وعندما تعرّضت سورية لحرب الإسقاط وأراد البعض استعمال الفلسطينيين وقوداً لهذه الحرب وقف جبريل بالمرصاد، وعندما انتصرت الثورة الإسلامية في إيران كان من أوائل من قرأوا حجم الرصيد الذي أضافته لحساب القضية الفلسطينية ومقاومتها، وتحمّل التحريض المذهبي والإساءات المدفوعة والمبرمجة، ولم يرفّ له جفن بالمجاهرة في التمسك بمحور المقاومة الذي تقوده إيران، معلناً فخره بهذا الانتماء. وعندما صعدت مقاومة حزب الله في لبنان كان في طليعة الذين بادروا للتفاعل مع تجربته المقاومة واعتبروها نموذجاً رائداً لإلهام ونصرة المقاومة الفلسطينية.

في مواجهة اجتياح جيش الاحتلال للبنان كان في طليعة خطوط المواجهة قائداً ومقالاً صلبا، محاولاً حثّ زملائه القادة على الصمود والقتال، وعندما قرّروا المغادرة ترك ما تيسّر من سلاح وعتاد نوعيّ للمقاومين اللبنانيين الذين أرادوا مواصلة القتال، وكل مَن شارك في أعمال المقاومة في الثمانينيات أحزاباً ومجموعات وأفرادا وجدوا في هذا القائد دعماً وسنداً وأخاً موجهاً بلا مقابل سوى أن يستمر القتال.

يغادر أبو جهاد تاركاً وراءه رصيداً من النضال والتضحيات، ملاقياً لحظة تاريخية في النضال الفلسطيني وجيلاً جديداً من الشباب الذي يصنع مرحلة جديدة من النضال عن قرب، يجعل فلسطين أقرب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى