حديث الجمعة

تناقضات الحياة..

ورد قول لعالم الوراثة الأميركي (فرانسيس كولنير): «لا معنى لأن يخلق الإنسان كاملاً لا يمرض، لا يهرم، لا يموت».

يعيش الإنسان دهراً حتى يعي أن الحفاظ على صداقات في حياته لا ترادف الحفاظ على جلّ المحيطين به، بل إنّ الاختيار الواعي والتخلص من الأقزام أولى والتفرقة ضرورية بين الصديق والمعارف وذوي العلاقات المبتورة..

 الأصحاب، الخدن، الشلة وسواهم.

بعض الناس تهوى المظاهر وهذا ما يجعلهم يحيطون أنفسهم «بكذابين الزفة» لرغبتهم في أن يبدوا محاطين بالكثير فقط لا أقل ولا أكثر.

قد تتحوّل بعض العلاقات المعنونة بالصداقة لعبء وحمولة ثقيلة لها تبعات مهلكة للعمود الفقري وللنفس معاً.

أو قد يستنفز المرء عاطفياً ليظل أسير علاقات يتم فيها استغباؤه لقبول شروط اعتسافية إجبارية، استنزافية تحت مسمى الصداقة، والأفضل له في مثل هذه الحالات الابتعاد رغم أنه قد يصنف على أنه انطوائي في حين أنه في واقع الحال انتقائيّ. فضّل انتقاء قلّة من المقربين المضمونين عوضاً عن الانهماك وسط كم مهول من المستغلين.

مع الأشخاص الذين تربط بهم علاقة قوية ينبغي أن يتحمل المرء كرمى أن تبقى هذه العلاقات صامدة ومراعاة ظروف الآخرين لكن مثل هذا التصرف ليكن مرة أو مرتين وإن لم تتحصل النتيجة المطلوبة اقطع هذا الحبل ودعهم وشأنهم فمن العسير جداً أن تبقى تتحمّل الاستعباط أو التجاهل، الاستغلال، الإهانة حتى من أقرب الناس إليك. قل لهم «مع ألف سلامة» ولا تلتفت للخلف أبداً.

في أحد الفنادق الفنادق المبنيّة على الطراز الرومانيّ القديم. لفت انتباه أحد الزوار انتشار نسخ متكررة من تمثال _ فينوس دي ميلو _ إلهة الجمال لدى الإغريق، وقد هاله أن التمثال مبتور الكتفين. ربما أنّ النحات كان على ثقة تامة أن الجمال لا بد أن يكون ناقصاً ولو كان لملكات جمال العالم لعجز البشر للوصول إلى الكمال، ربما كان الإغريق قد نحتوه بهذه الطريقة لتصل رسالة إلى حواء أنّ ذوات الأجنحة المتكسّرة لهم الغلبة في الوجود. بغض النظر عن رمزية المقصود ولكن هذا يقودنا إلى شيء واحد مفاده أنّ الكمال لله.

حتّى في العلاقات والصداقات كل ينقصه حاجة أو كثير من الحاجات وقد وجدت مثل هذه العلاقات لنقوى ببعضنا البعض، لنساعد، لنقدم النصائح، لنكون خير سند لبعضنا الآخر.

بالعودة إلى قول العالم الأميركي نلخص ما كتبناه: مشيئة الله ارتأت أن الأفضل للإنسان إخضاعه لمحن شتى، لذا نحن بأمس الحاجة لصداقات حقيقية، لأناس تحمل الإنسانية ومن العسير جداً أن يظن الإنسان نفسه كاملاً ومستغنياً ولا يحتاج لأحد..

صباح برجس العلي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى