ثقافة وفنون

الكاتبة والروائية د. زينة جرادي عن روايتها الأولى «سجينة خلف قضبان الزمن»: بانوراما من يومياتنا تجسّد تفاني الألم مع السعادة… والأفكار لا تولد لأنها متأصّلة فينا

ـ الورق رفيقي الدائم والكتابة إحساس لا يوصف وحالة انصهار ما بين الروح والجسد ـ الروائي يكون على مسافة قريبة جداً لأنه لا يمكنه النهوض بمسيرة روائية إلا من خلال البيئة التي ينشأ فيها...

} علي بدر الدين

عشقت الإعلامية والكاتبة الروائية د. زينة جرادي الكتابة منذ المرحلة الابتدائية، فكانت قارئة نهمة للروايات العاطفية والأشعار، وحاولت مراراً، ترجمة مشاعرها على الورق، لكنها كانت تخجل من البوح بها.

تميّزت في عالم الصحافة المقروءة، بأسلوب مستقلّ له مفرداته، وظلّ حلم التأليف يراودها إلى أن ولدت روايتها الأولى (سجينة خلف قضبان الزمن) التي لاقت صدى كبيراً وترجمت إلى الإنكليزية، وبعدها سلكت جرادي طريق الإبداع، تنتقل من نجاح إلى آخر توّج بتأسيس وطنها الأدبي المستقلّ وهي ملكته من دون منازع.

من الصعب أن تغوص في مكنونات إعلامية وكاتبة روائية، ترسم أفكارها خيالات على الورق ثم تحوّلها إلى واقع وإلى أناس حقيقيين.

«البناء» حاورت الروائية زينة جرادي، وسألتها عن بداياتها في رحلة القلم؟

ـ انّ تجربتي الصحافية بدأت منذ أكثر من عشرين عاماً، تكللت بالنجاح والحمد لله، وبعد صدور مجلتي الفنية «سناء» أصبح شغفي بالكتابة مزدوجاً بين تحقيق حلم الصحافة وبين تأسيس دار نشر لتحقيق حلمي الآخر المتمثل بكتابة الرواية. طبعا كانت مسيرة طويلة، ومشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، ولم أكتف بمجلة «سناء»، تتالى لاحقاً التحضير لمجلة esthetic التجميلية ومجلة Teenager مجلة المراهق، وهي بمثابة الخطوة الثانية قبل البدء بمشروع الحلم.

* كيف رعت زينة جرادي الكاتبة التي تسكنها منذ البدايات؟

ـ الكاتبة التي تسكنني رافقتني منذ نشأتي الأولى في الحياة، وكانت دائماً بين كتب مدرستي وأحلامي وأفكاري، لكنني لم أتعرّف إليها بشكل واضح حتى بلغت مرحلة المراهقة، ووجدتها في الروايات التي قرأتها والقصائد التي حفظتها، فسعيت إلى رعايتها بالمعرفة والاكتساب لتبقى محصّنة.

* إلى أيّ مدى ساعدك عملك الإعلامي على تأسيس أرضية ثابتة للكاتبة التي تسكنك؟

ـ بدون شك الإعلام زادني مرونة على تلقف الفكرة وسكبها بالشكل الروائي، أو القنوات الوجدانية الشاعرية، إنما الفعل الحقيقي للكتابة يختلف من قطاع لآخر، فالروائي يتعايش مع خياله بينما الشاعر مع تجاربه، وكذلك الوجداني مع أحاسيسه، أما الإعلامي فهو أقرب إلى الواقعية حتى في انتقاء مفرداته.

*كيف ولدت رواية «سجينة خلف قضبان الزمن»؟

ـ لا تولد الأفكار بل تكون متأصّلة فينا لكنها تمرّ بمرحلة مخاض عسير حتى تبصر النور، والحمد لله، فإنّ روايتي الأولى ولدت بعد هذا المخاض، فوجدت نفسي أنكبّ على الورق بشكل نهم، وأكتب ما يجول في خاطري فكانت الأحداث تتسابق في مخيّلتي، وبفترة وجيزة انتهيت من الرواية.

*ماذا حققت زينة الإعلامية والكاتبة من روايتها الأولى؟

ـ أنا اليوم أقف على أرض صلبة، خصوصاً بعد أن افتتحتُ داراً للنشر وبدأت أسير في الخط المستقيم.

*هل حصدت روايتك الأولى أيّ جوائز؟

ـ سؤال جميل بالفعل، فقد ترشحت هذه الرواية لجائزة مهرجان «كتارا» في دولة قطر، وأنا بانتظار النتيجة في نهاية شهر آب، إضافة الى نيلي شهادة دكتوراه فخرية في الأدب العربي، نظراً لما لاقته من انتشار عربي حيث كانت الأكثر انتشاراً وبحثاً على غوغل لعام ٢٠-٢١.

*إلى أي مدى يكون الروائي قريباً من بيئته؟

ـ يكون على مسافة قريبة جداً لأنه لا يمكنه أصلاً النهوض بمسيرة روائية إلا من خلال البيئة التي ينشأ فيها ويستمدّ منها تكوينه الفيزيائي والنفسي والاجتماعي، لكن من الضروري أن يتطور نحو الأفضل ولا يبقى أسيراً لهذة البيئة.

*ماذا بعد روايتك الأولى وهل من إصدارات جديدة؟

ـ إنها رحلة طويلة من العطاءات الإبداعية، وأنا بصدد إصدار كتاب (وجدانيات) بعنوان (خربشات امرأة)، كما انتهيت من روايتي الثانية (في حضرة القدر)، وعندي في العام المقبل بإذن الله روايتين (زهرة الغاردينيا) و(الرقص في معبد الشيطان).

* ألا تخافين من تأثير هذا الزخم من العطاء سلبياً عليك في ما بعد؟

ـ لا أبداً، اليوم أنا في مرحلة إنتاج مثمرة مختمرة، والورق صار رفيقي الدائم لأني أشعر بحالة انصهار لا توصف أثناء ممارستي الكتابة ما بين الروح والجسد وأكون مخطوفة كلياً عن واقعي.

*كيف تتعايشين مع أبطال روايتك؟

ـ تصبح بيننا عشرة دائمة أتفاعل مع مشاعرهم وأبرّر أخطاءهم وأحياناً أعطف عليهم لأنهم ينتقلون على الورق من ظلّ الخيالات إلى الكيان الإنساني، وهذه النقلة تجعلني أكون حريصة جداً معهم.

*ألا تشعرين بالملل أثناء فعل الكتابة أحياناً؟

ـ بالعكس تماماً، الأمر الوحيد الذي يطرب كياني وينعشه هو الكتابة، لأنني أولد مع كلّ ثانية أكتب فيها، وأشعر بكياني الحقيقي، خصوصاً عندما أحمل يراعي للبدء بأوّل فصل وكأني أكتشف ذاتي لأول مرة، وكلما غصت في الكتاب أنفصل عن كلّ ما حولي وأعيش مع الأبطال والأحداث.

*أيهما الأكثر قلقاً وهوساً في الكتابة، المرأة أم الرجل؟

ـ أثناء فعل الكتابة تسقط الهوية الجنسية، لأنّ الكاتب ينصهر بطريقة غير مباشرة مع فكرته، إنما بالرؤية النفسية المرأة أكثر انحيازاً إلى تفسير خصوصياتها على الورق لهذا السبب تبدو أكثر رقة منه.

*ماذا أضافت الكتابة إلى دورك كزوجة ورسالتك كأمّ؟

ـ بصراحة… الكتابة روّضت مشاعري وجعلتني أكثر حكمة في تسيير الأمور والإشكالات، فأنا أكتب أثناء وحدتي لكنني أقرأ كتاباتي في عيون أولادي وزوجي لأنهم مرآتي الحقيقية.

* هل الروائي أو الكاتب عموماً دوماً في حالة عشق؟

ـ ليس بالضرورة أن يكون عاشقاً إنما بالمعنى الصحيح هو دوماً في حالة ذاتية منفردة فيها مساحة عريضة من الخصوصية.

* زينة جرادي لمن تقرأ؟

ـ أقرأ أيّ نص كامل الأوصاف فيه مشهدية اللغة وسلاسة التعبير، وأنا بطبعي قراءاتي متنوّعة من كافة الألوان.

*متى يستكين اليراع عن البوح ويتقاعد عن الكتابة؟

ـ الأديب لا يرتبط بمرور السنين طالما يراعه ما زال قادراً على العطاء وفكره ما زال نابضاً بالحياة لأنه إذا تقاعد لسبب ما شعر بالإحباط والخيبة، وأنا أتمنى أن أستمر بالكتابة طالما فيّ قلب ينبص…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى