أولى

الالتزام أولى دعائم الانتصار

جورج جريج*

حين تنتظم الجماعة في إطار بعينه دون سواه، تجمعها إرادة أولية لتحقيق غاية، يكون الالتزام أولى دعائم الانتصار، والانتظام فعل حر، إرادي، يقوم على صدقية الانتماء للجماعة في ما تسعى إليه، والانتماء لا يكتمل معناه، إلا إذا كان مؤسّساً على جملة المفاهيم القيميّة التي تميّز هذه الجماعة عن سواها، شكلاً ومضموناً، في البنيان والاتجاه…

وليس الحزب السوري القومي الاجتماعي في هذا الجانب استثناء، لجهة شكل الانتظام، إنما التمايز محصور ببعد الانتماء، من حيث جوهر وجود الجماعة، في التكوين والمعنى.

والإنتماء كما أرساه مؤسّس الحزب أنطون سعاده يقوم على دعائم أوجزها بـ «صحة العقيدة، وشدة الإيمان، وصلابة الإرادة ومضاء العزيمة»، وعليه ليس الانتماء فعلاً عابراً انتقائياً، إنما هو فعل راسخ، إيماني عاقل، مبنيّ على قواعد أولية لا بدّ منها في حركية الصراع.

   هذا التمايز، شكّل شراعاً على مدى عقود خلال حياة سعاده وبعد استشهاده، فكانت مسيرته من التأسيس حتى الاستشهاد منهلاً ينير درب أتباع عقيدته، يتفانون في سبيل انتصارها على هدى تعاليمه ودرب جهاده.

   واليوم، وبقراءة موضوعية لجملة الاضطرابات التي يشهدها الحزب لا بدّ من قراءة للأصول والتفرّعات، في أصول أسباب الوضع الراهن وتفرّعات إفرازاته، بعيداً عن الأفكار الاستباقية والأحكام غير المبنية إلا على أمزجة مطلقيها استناداً إلى الموروث غير المرتقي للقيم النهضوية تأسيساً وبنياناً، ومن خلال ملامسة جسم الأعضاء المنضوين في هذه الجماعة، نجد وبشكل ملحوظ عند الغالبية، انتفاء التمايز في بعد الانتماء، فنرى الاجتماع أفقياً يفتقر للتجذر في فهم صحة العقيدة كي يؤسّس عليها الإيمان الشديد، وكي تكون صلابة الإرادة أداة فعل وليس جدار إعاقة، وكي يكون لمضاء العزيمة معنى في مسار الارتقاء. في حين أنّ الانتماء لا يكتمل إلا إذا تأسّس في البدء على التجذر في الفهم والإدراك لبُعد تمايز هذا الانتماء لجماعة بذاتها دون سواها، الأمر الذي تنتفي معه إمكانية الحكم الرشيد دون تحققه المسبق، ونفيُ تحققه ينفي حكماً مفاعيل هذا الانتماء في فعل حركية الصراع.

   وهكذا لا بدّ من إعادة السيل إلى منابعه، والهداية مسار ارتقائي، وضع مداميكها الأولية، المعلم، صاحب حركة النهضة القومية، وثبت شراع اتجاهها بدمائه، وخط حروف أبجديتها، حروفاً بيّنات، لعقيدة جليّة، بنقاء البنيان، وصلابة التكوين. وعليه لا يسعنا إلا أن نردّد معه يخاطبنا بالتشديد والتوكيد أن «عودوا إلى ساحة الجهاد»، فهل منّا مَن يستجيب؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*عميد شؤون العلاقات العامة في الحزب السوري القومي الاجتماعي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى