أولى

مأزق الكيان وكذبة القدرة

بات الخطاب السياسي لقادة الحياة منهكاً كما قدرة الدرع المتآكلة، فعندما تهرّب جيش الاحتلال من مواصلة الحرب على غزة في معركة سيف القدس واستنجد قادة الكيان بواشنطن طلباً لوقف النار برر القادة السياسيون والعسكريون ذلك، ومن ضمنهم بنيامين نتنياهو ونفتالي بينيت ويائير لبيد، الذين يتبادلون المزايدات اليوم، بأولوية التفرّغ لمواجهة إيران، وعندما اصيبت الناقلة النفطية التابعة للكيان بصاروخ قيل انه من طائرة مسيّرة اتهمت إيران بالوقوف وراءها، استنجد قادة الكيان بواشنطن لتعهّد متابعة الموضوع، تحت شعار أمن الملاحة الدولية، وأولوية المواجهة مع قوة المقاومة في لبنان، وعندما اختبر قادة الكيان معادلة الردع مع المقاومة أملاً بالإيحاء تسللاً أنهم قاموا بفرض قواعد اشتباك جديدة بالعودة لاستخدام قصف الطيران الحربي لمناطق لبنانية وردّت المقاومة بصواريخها، التزم جيش الاحتلال وحكومة الكيان بمعادلة الردع وطلبوا من واشنطن التدخل ولم يقولوا شيئاً.

العجز والإخفاق هما السمتان الملازمتان لحال الكيان مع تنامي مقدرات المقاومة في لبنان وفلسطين والمنطقة، ورغم الإقرار بحقيقة أن كلفة الحرب اليوم أدنى من كلفتها غداً، فإنّ كلفة اليوم تكفي لجعل السعي لتجنب الحرب ولو من دون نظرة استراتيجية للغد، سياسة الحكومات المتعاقبة تحت عنوان اليمين والتطرف والتهديد بالحرب.

ترتدي عملية الردع التي نفذتها المقاومة في لبنان أهمية إضافية لوظيفتها في إيصال الرسائل لقادة الكيان حول جهوزية المقاومة وحضورها وعدم تأثر هذا الحضور وتلك الجهوزية بما يجري في الداخل اللبناني، بأنها أحكمت إغلاق دائرة المأزق حول قيادة الكيان وجعلها بلا خطاب سياسي، بمثل ما هي دون أفق استراتيجي، فهي عاجزة اليوم عن التهرّب من جبهة للاختباء وراء مزاعم أولوية جبهة أخرى، علماً أنها كانت دائماً تقول انها مستعدة لحرب على كلّ الجبهات دفعة واحدة، ومن المصادفات المعبّرة انها يوم اندلاع معركة سيف القدس كانت قد بدأت مناورة تحت عنوان حرب متعددة الجبهات، وبدلاً من أن تواصلها تأكيدا على الجهوزية لهذا النوع من الحروب وتدخل حرب غزة من ضمن عمليات المناورة، قامت بإلغائها لتؤكد أنها غير جاهزة لحرب على جبهة واحدة فكيف تكون جاهزة لحرب على كل الجبهات معاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى