مانشيت

التشاؤم في المسار الحكومي يقارب اليأس… والضيق في حياة الناس يقارب الإنفجار الدعوة لقمة بغداد بمشاركة تركيا والسعودية وإيران وسورية نهاية آب تتصدر المشهد الإقليمي ماكرون مشاركا ًويدعو لبنان لحجز مقعد… وحكومة سورية جديدة لترجمة خطاب الأسد

كتب المحرر السياسي

فجأة خطفت بغداد الأضواء بالإعلان المتتابع عن قيام وزير خارجيتها بتسليم الدعوات لقادة دول الجوار، للمشاركة في القمة التي دعا رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي لعقدها في بغداد نهاية شهر آب الجاري لقادة دول جوار العراق، وبعد زيارات وزير الخارجية العراقية فؤاد حسين لكل من السعودية وتركيا وتسليم وزير التخطيط العراقي الدعوة للكويت، سيزور المسؤولون العراقيون كلا من إيران وسورية والأردن، بعد اتصال هاتفي أجراه الرئيس العراقي برهم صالح قبل أيام بالرئيس السوري بشار الأسد، فيما كان لافتاً إعلان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماركون نيته المشاركة في القمة، ووضع بعض المصادر اتصاله بالرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي وما تخلله من بحث في أمن الملاحة في الخليج وفي مستقبل مفاوضات فيينا حول الملف النووي الإيراني، في إطار التمهيد للقاء المرتقب بين الرئيسين على هامش انعقاد القمة، بينما يبدو أنّ مصر المشاركة في اللقاء الثلاثي المصري الأردني العراقي الذي طرح خلاله الكاظمي فكرة قمة دول الجوار بين المشاركين، مع كلام عراقي عن عدم اقتصار الجوار على الدول التي تملك حدودا مباشرة مع العراق، ما فتح الباب للتساؤل عن احتمال توجيه الدعوة للبنان، وهو ما تقول المصادر انه كان موضوع نصيحة فرنسية لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي للمسارعة بتشكيل الحكومة ليكون لبنان من الذين تتمّ دعوتهم وتكون المشاركة فرصتهم للحصول على الدعم لبلدهم الذي يتجه نحو الانهيار بسرعة.

تساؤلات كثيرة تحيط بالدعوة، سواء لجهة إمكانية انعقادها في ضوء حجم التعقيدات التي تخيّم على علاقات الدول المدعوة للمشاركة فيها، خصوصاً ما يتصل بالعلاقات السورية التركية والعلاقات السورية التركية، أو لجهة مصير نظام العقوبات الأميركية التي تستهدف إيران وسورية، والقمة ستبحث كما هو مقرر بالتعاون الاقتصادي والتحديات الأمنية خصوصا مكافحة الإرهاب، ومن المستبعد كما تقول المصادر العراقية التي تتابع الدعوة للقمة أن تنعقد القمة دون سورية، لأن هذا سيجعل المشاركة الإيرانية مستبعدة، ودون سورية وإيران تفقد القمة مهمتها ورونقها وتصبح مشكلة للعراق الذي يريدها فرصة للعب دور في المصالحات الإقليمية، ما يفتح الباب على جعل الدعوة نقطة إنطلاق لحركة دبلوماسية مكثفة، يتولاها العراق بين الدول المدعوة لتهيئة المناخ لنجاح القمة، دون استبعاد تأجيل الموعد والاستعاضة عن القمة بلقاء على مستوى وزراء الخارجية وكبار المسؤولين الأمنيين، في موعد أقرب للخريف تمهيدا لعقد القمة نهاية العام.

الحركة نحو القمة برأي المصادر لا تقل أهمية عن القمة نفسها، فهي مؤشر لانطلاق قطار التسويات والمصالحات، فرئيس الحكومة العراقي مصطفى الكاظمي عائد تواً من واشنطن، ومثله الملك الأردني، وكل منهما شريك في اللقاء الثلاثي المصري العراقي الأردني الذي بحثت فكرة القمة للمرة الأولى على طاولته. وما يجري في أفغانستان من انهيار متسارع يسابق موعد الإنسحاب الأميركي المقرر نهاية الشهر الجاري، يجعل الأميركي معنيا بإحاطة قراره الخاص بتخفيض وجوده في العراق، المرفوض من فصائل المقاومة، بحزام أمان إقليمي لا يكرر المشهد الأفغاني، والعراق حلقة مفصلية في توازنات المنطقة لوقوعه على تماس مع أبرز دولها، خصوصا إيران وسورية وتركيا والسعودية، ولحجمه السكاني والجغرافي والاقتصادي، وموقعه في المواجهة مع الإرهاب.

في المشهد الإقليمي أيضاً استعداد سوري لترجمة مضمون خطاب القسم للرئيس الدكتور بشار الأسد، من خلال الإعلان عن حكومة جديدة برئاسة المهندس حسين عرنوس بقيت فيها الحقائب السيادية وخصوصاً وزارتي الدفاع والخارجية في عهدة كلّ من العماد علي أيوب والدكتور فيصل المقداد، بينما شمل التغيير بالإضافة لوزارتي دولة مثلتا حزب الوحدويين الإشتراكيين بعضو المكتب السياسي في الحزب والمرشح الرئاسي السابق عبدالله عبدالله والحزب السوري القومي الإجتماعي بالدكتورة ديالا بركات عميدة شؤون البيئة في الحزب، بتعيين نائب رئيس جامعة دمشق والعميد السابق لكلية الإعلام فيها الدكتور بطرس الحلاق وزيراً للإعلام بديلاً لعماد سارة وتعيين الوزير السابق للإتصالات والتقانة الدكتور عمرو سالم وزيراً للتجارة الداخلية وحماية المستهلك بديلاً لطلال البرازي، وتعيين محمد سيف الدين بدلاً من سلوى العبدالله في وزارة الشؤون الإجتماعية.

لبنانياً يشكل الفراغ السياسي وتصاعد التحدي الأمني سمتين مترافقتين لكلّ يوم من أيام اللبنانيين، في ظل إنهيار كل مقومات الحياة الطبيعية بفقدان المحروقات وانقطاع الكهرباء، بحيث بدا انّ الإنسداد في المسار الحكومي الذي ترجمه توقف الإجتماعات بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، وبعدما كان متوقعاً أن يكون موعد أمس المفترض تعبيراً عن مواصلة المساعي لحلحلة العقد، فهم غياب الموعد كإشارة لحجم الاستعصاء الذي بلغ معه التشاؤم الحكومي حدّ اليأس، وعاد الحديث عن تكرار تجربة الرئيس السابق سعد الحريري، والإتجاه نحو الإعتذار، فيما يزاوج اليأس السياسي يأس شعبي اقتصادي اجتماعي خدماتي أمني، حيث لا جدوى من صراخ الناس أمام فقدان كل شيء من الأسواق، حيث الأزمات تطوّق اللبنانيين من كل الإتجاهات، في ظل شلل مؤسساتي واستهتار حزبي وسياسي، وغياب حكومي، ولا يشكل غياب الإنفجار الشعبي للغضب الا تعبيراً إضافياً عن اليأس لأنّ الناس تخاف المزيد من الفوضى وليس لديها ما يقول إنّ نزولها الى الشارع يمكن أن يغيّر شيئاً في واقع الحال فتنفق وقتها وعرقها في البحث عن الأساسيات الحياتية بدلاً من مغامرة تخشى ان تقود الى ما هو أشدّ ألماً إذا عمّت الفوضى، ما يؤكد أنّ حسّ المسؤولية الذي يتحرك بوحيه المواطنون يتقدّم كثيراً عن حاله عند المسؤولين.

فيما تبلغ شدة الأزمات الحياتية ذروتها بعدما تحوّل اللبنانيون إلى «طوابير بشرية» أمام محطات المحروقات والأفران والصيدليات وقطعت شرايين الحياة وسبل العيش بهم، يتجه الملف الحكومي أكثر فأكثر نحو السلبية وتراجع منسوب التفاؤل إلى الحدّ الأدنى رغم الإشارات الإيجابية المتقطعة بين الحين والآخر على خط عون – ميقاتي. فلم ينعقد اللقاء بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف كما كان متوقعاً أمس، ما يعدّ مؤشراً سلبياً لوصول مسار التأليف إلى طريق مسدود وسط المعلومات التي تشير إلى أننا أمام أسبوع حاسم سيتقرّر خلاله مصير استمرار ميقاتي في مهامه أو تقديم اعتذاره.

وكشفت مصادر مطلعة لـ»البناء» أنّ ميقاتي أبلغ رئيس الجمهورية في اللقاء الأخير بينهما أنه ينتظر تجاوبه مع الصيغة الحكومية النهائية التي أصبحت بين يديه، وعندما يتوافر لديه جديد أو جواب على هذه الصيغة يتمنى إبلاغه لكي يصعد إلى قصر بعبدا لوضع اللمسات الأخيرة على الحكومة لإعلان ولادتها»، ولفتت المصادر إلى أن «ميقاتي قد لا يبادر مجدداً باتجاه عون قبل معرفة موقفه النهائي من الصيغة وهو أدّى قسطه للعلى والكرة في ملعب رئاسة الجمهورية».

وأشار مصدر مقرب من نادي رؤساء الحكومات السابقين لـ «البناء» إلى أن «تأليف الحكومة من مسؤولية وصلاحية الرئيس المكلف بالتعاون مع رئيس الجمهورية لكن من دون إدخال أو تكريس أعراف جديدة تخالف الدستور»، موضحة أنّ «رئيس الجمهورية أجهض فرصة ثمينة لتأليف الحكومة المتمثلة بالتشكيلة التي قدمها الرئيس سعد الحريري المؤلفة من 18 وزيراً من أفضل الوزراء والاختصاصيين المستقلين الذين يستطيعون إنقاذ لبنان من أزماته».

في المقابل أشارت أوساط مطلعة على موقف بعبدا لـ»البناء» إلى أن «عون متمسك بموقفه بالحصول على وزارة الداخلية كضمانة للعهد ولتياره في الحكومة المقبلة التي ستشرف على استحقاقات عدة أهمها الانتخابات النيابية لا سيّما أن الحكومة العتيدة لن تستلحق الإصلاحات المالية والاقتصادية، بل مهمتها الأساسية الإشراف على الانتخابات، ويخشى عون والنائب جبران باسيل أن يتمّ التلاعب بها لصالح الخصوم السياسيين على الساحة المسيحية»، ولفتت إلى أنّ «الضغط على عون بطرق ووسائل عدّة لن يؤثر على موقفه، رغم انفتاحه على كلّ الطروحات والصيغ الحكومية»،

وفي هذا السياق يشير الوزير السابق المحامي كريم بقرادوني في حديث لـ»البناء» إلى أنّ «تشدد عون نابع من أزمة الثقة بينه وبين «نادي الرؤساء» والتجربة غير المشجعة مع الرئيس سعد الحريري. لذلك يسعى لتعزيز مكانته وتياره السياسي في الحكومة التي قد تبقى إلى ما بعد الانتخابات ونهاية العهد، في ظل غياب الكيمياء بين عون وميقاتي».

في المقابل أوضح الوزير السابق غسان عطالله أن «الجو إيجابي جداً وهناك رئيس مكلّف يتحاور بشكلٍ إيجابي مع رئيس الجمهورية بنية تأليف الحكومة وثمة محاولة إقامة جسور على عكس الفترة الماضية». وأضاف بأن «رئيس الجمهورية يسعى لتكون وزارة الداخلية من حصته لكنها لن تكون العقدة والأيام ستثبت ذلك وقد يقبل بأن لا تكون من حصته». مشدّداً على أنّ «رئيس الجمهورية لن يكون حجر عثرة أمام تشكيل الحكومة ومفتاح الحلّ الأساسي يبدأ من وزارة المالية واسم وزير المالية».

وفيما اعتصم ميقاتي ونواب كتلته ومصادره بالصمت، اكتفى مكتبه الإعلامي في بيان بنفي اي لقاء جمع ميقاتي وباسيل. وكذلك نفت اللجنة المركزية للإعلام في التيار الوطني الحر حصول اللقاء.

وتشير أوساط مطلعة على الملف الحكومي لـ»البناء» إلى أن «تأليف الحكومة ليس مسهلاً حتى الساعة لأسباب عدة:

ـ ارتباط ميقاتي بمرجعية «نادي رؤساء الحكومات السابقين» الذي هو يقرّر استمرار ميقاتي بمهمته للضغط على عون وفرض تركيبة حكومية عليه تحت وطأة الظروف الاقتصادية والسياسية والأمنية، أم الطلب منه تقديم اعتذاره لإحراج عون وحزب الله ودفع البلاد أكثر نحو التأزم والانهيار.

ـ استمرار الخلاف حول عقدتي الداخلية والمالية وسط «الفيتو» العوني على اسم وزير المالية يوسف خليل لاعتبار رئيس الجمهورية بأنه سيقف عائقاً امام تمرير التدقيق الجنائي.

ـ انتظار بعض المعنيين بالتأليف صدور التقرير الظني الأوّل حول تفجير مرفأ بيروت المتوقع في أيلول المقبل لترقب تداعياته على المستويات القضائية والسياسية والشعبية.

ـ الموقف الدولي لا سيّما الأميركي المتجاهل للملف اللّبناني منذ فترة طويلة، والموقف السعودي الذي لا يوحي بتقديم الدعم السياسي والمالي لحكومة ميقاتي.

ويعبّر مصد سياسي لـ»البناء» عن عدم تفاؤله بولادة الحكومة خلال وقت قريب كما يشاع. متسائلاً: «لماذا يمنح عون ميقاتي ما رفض منحه للحريري؟ لافتاً إلى أن لبنان أمام أزمة ثقة بين المرجعيتين الرئاسيتين المسيحية والسنية، معطوفة على أزمة نظام سياسي أثبت فشله وعقمه في حل الأزمات. ويضيف: فحتى الساعة هناك خلاف على عدّة أمور:

هل سيتم اعتماد المداورة أم لا؟

خلاف مستجد على حقيبة المالية في ظل مطالبة عون بها كثمن للتنازل عن الداخلية في ظل استحالة موافقة ميقاتي لكي لا يصطدم مع الرئيس نبيه بري.

خلاف على الحقائب السيادية والخدماتية أيضاً في ظل إعلان النائب السابق وليد جنبلاط تمسكه بحقيبة الشؤون الاجتماعية التي ستمرّ عبرها معظم المساعدات الخارجية للبنان.

وبرأي المصدر فإنّ المناخ الدولي والإقليمي غير مؤاتٍ لتأليف الحكومة، في ظلّ الموقف السعودي الأخير على لسان السفير السعودي وليد البخاري، والذي عكس اعتراضاً سعودياً على أيّ حكومة تضمّ ممثلين عن حزب الله بمعزل عن هويّة وشخصيّة رئيسها أكان الحريري أم ميقاتي أم أي مرشح آخر، وذلك بسبب الصراع المستعر الإيراني – السعودي في المنطقة ورئاسة الحكومة جزء أساسي من هذا الصراع. لذلك لن تسهّل السعودية وتحالفها حكومة لإنقاذ العهد المتحالف مع إيران وسورية وحزب الله. ويشير إلى أنّ لبنان لا يزال يخضع للحصار الخارجي المالي والاقتصادي في ظل انقسام بين القوى السياسية وصل إلى حدّ استحالة التعايش السياسي تحت سقف حكومي واحد، وهذا الواقع الصعب في لبنان يشكل فرصة للقوى الدولية لانتزاع مكاسب سياسية وأمنية داخلية من لبنان ومن حزب الله وعون تحديداً، ومكاسب خارجية تتعلق بالصراع الإيراني – الأميركي السعودي. ويرجح المصدر فشل تأليف الحكومة واعتذار ميقاتي قبل نهاية الشهر الجاري وإجراء استشارات نيابية جديدة قد لا تنجح أيضاً بالتكليف والتأليف وبالتالي بقاء حكومة تصريف الأعمال.

وربطت مصادر سياسية بين اشتعال الأزمات دفعة واحدة وبين عملية تأليف الحكومة، مشيرة لـ «البناء» الى أن هذه الازمات مفتعلة من قبل جهات سياسية داخلية – خارجية للضغط على فريق رئاسة الجمهورية لدفعه للتنازل في عدد من العقد، وبالتالي يدفع المواطنون الثمن. وربطت المصادر بين تعثر تأليف الحكومة وبين الأحداث الامنية التي شهدها الأسبوعين الماضيين من أحداث خلدة الى العدوان الاسرائيلي الاخير على لبنان.

وأكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، أن «الولايات المتحدة الأميركية لا يمكن أن تكون مصدراً للعدل في العالم، وهي تقوم بدعم «إسرائيل»، ولا يمكن لأميركا التي تفرض العقوبات على شعوب العالم أن تكون مصدراً للعدل». وشدد قاسم، في المجلس العاشورائي المركزي على أن «إسرائيل تريد أن تسيطر على لبنان سياسياً وأخلاقياً وثقافياً وأن تقتطع منه»، مشيراً إلى أن «لا أحد يتحرّش بإسرائيل، وأنها إذا اعتدت علينا فسنردّ، وكلما كبر اعتداء إسرائيل على لبنان سيزداد حجم رد حزب الله». ولفت إلى «الحاجة لإعادة النظر بكل التقييمات الخاطئة»، مؤكداً أن «حزب الله يريد الاستقلال، ولا يحمي لبنان إلا أبناء لبنان».

وجدد تكتل لبنان القوي خلال اجتماعه الكترونياً برئاسة باسيل التأكيد على «أهمية الاسراع في تشكيل حكومة برئاسة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي بالتعاون والاتفاق مع رئيس الجمهورية وفق الدستور والميثاق، قادرة على وقف الإنهيار وتنفيذ الاصلاح المطلوب وعلى رأسه التدقيق الجنائي واستعادة الأموال المحولة الى الخارج وقانون الكابيتال كونترول وكل الاصلاحات المعروفة».

ورأى التكتل أن «اللبنانيين يدفعون في ملفي المحروقات والكهرباء غالياً ثمن كيدية بعض الاحزاب والقوى النيابية التي سمحت لنفسها بتعطيل منح مؤسسة كهرباء لبنان الاعتمادات اللازمة لشراء الفيول فكبّدت الاحتياطي الالزامي 30% كلفة إضافية، بغرض تأمين إستمرارية المنظومة النفطية التي أهدرت المليارات من أموال اللبنانيين، ولا تزال، وهي راهناً تتنعّم بسوق سوداء نفطية تقدّر بحوالى مليار دولار. كذلك كبّدت المواطنين فاتورة مولدات هي 20 مرة أكثر كلفة من فاتورة كهرباء».

في غضون ذلك، تفاقمت الأزمات الى حدّ غير مسبوق لا سيما على صعيد المحروقات وعاد مشهد طوابير السيارات أمام المحطات في مختلف المناطق بعد انقطاع مادة البنزين طيلة عطلة نهاية الأسبوع ما دفع بعشرات آلاف المواطنين للتهافت على المحطات منذ فجر الأمس لتعبئة الوقود قبل الإنقطاع النهائي خلال أيام كما يشاع، فيما توقفت أغلب المولدات الكهربائية الخاصة كلياً أو جزئياً عن تأمين التيار الكهربائي حيث بات أغلب اللبنانيين ليالي الأيام الماضية على «البلكونات» و»سطيحات» المنازل فيما برزت في الأفق أزمة غاز حيث شهدت مراكز تعبئة الغاز زحمة لافتة، بسبب خشية بعض المواطنين من انقطاعه أو غلاء سعره.

وأوضح ممثل موزّعي المحروقات فادي أبو شقرا أن «طوابير السيارات أمام المحطات مردّها الى عدم تسليم الشركات في الأيام الماضية مادة البنزين». مؤكداً أنّ «السعر على حاله ولا رفع للدعم من دون بطاقة تمويلية».

وأشار رئيس تجمّع أصحاب المولدات الخاصة عبدو سعادة إلى أن «مادة المازوت مخزّنة تحت الأرض في خزانات التجار ويُباع في السوق السوداء». وحذر نقيب الأطباء شرف ابو شرف من ان إذا لم تتأمّن مادة المازوت بسرعة فسنكون أمام كارثة كبيرة في المستشفيات. وافادت المعلومات ان معظم المستشفيات التي هدّدت بالإقفال بسبب الشحّ في مادة المازوت تبيّن بعد كشف أمن الدولة ان مخزون المازوت الموجود لديها يكفي لأيام عدة. وأعلنت قيادة الجيش اللبناني، أنّ «قوّة من الجيش دهمت في بلدة الأنصار – البقاع، حيث ضبطت عدّة خزّانات موضوعة تحت الأرض، وتحتوي كميّات كبيرة من مادّة المازوت».

وأعلن تجمع المطاحن «توقف العديد من المطاحن قسريا عن العمل بسبب فقدان مادة المازوت التي باتت غير متوافرة في السوق الشرعية ولا في السوق السوداء، والمطاحن الأخرى ستتوقف خلال ايام معدودة عن العمل تباعاً وتدريجاً وفقاً لحجم مخزونها من المازوت».

وأشارت مصادر معنية لـ»البناء» الى أن «رفع الدعم سيصبح واقعاً في نهاية المطاف بسبب رفض مصرف لبنان استمرار الدعم للمحروقات على سعر 3999 ليرة».

وفي سياق ذلك، أنهت اللجنة الوزارية الاقتصادية المعنية بمتابعة مشروع البطاقة التمويلية وضع الصيغة النهائية للمشروع اليوم خلال اجتماع عقدته في السراي الحكومي برئاسة دياب عن بعد، وقد تغيّب عنه وزير المال غازي وزني.

وبعد الاجتماع أكد المشرفية أننا «سنعمل على إطلاق عمل اللجنة التقنية لوضع الآلية موضع التطبيق الفعلي». وبحسب معلومات «البناء» فقد أجرت اللجنة مراجعة نهائية لبنود خطة البطاقة التمويلية وأجرت بعض التعديلات المطلوبة لتسهيل تطبيق الخطة واستفادة المواطنين منها. وأكدت مصادر مطلعة على المشروع لـ»البناء» إلى أن «البطاقة التمويلية ستنجز وستشمل معظم العائلات اللبنانية استناداً إلى معايير موحدة». ولفتت المصادر إلى أن «اللجنة الوزارية تعمل بجهد لإنهاء الآليات التطبيقية للخطة لوضعها موضع التنفيذ خلال شهرين كحدّ أقصى وهذا يتطلب بحسب المصادر إنجاز عدة خطوات كتشكيل لجنة الإشراف على تطبيق الخطة، وإعلان المنصة الإلكترونية لكي يتمكن المواطنون من تسجيل أسمائهم وملئ الإستمارات للحصول على البطاقة ثم تحديد آلية الدفع».

ووفق المصادر فإنّ كلّ عائلة من العائلات التي تستوفي شروط الإستفادة من البطاقة ستحصل على مبلغ يتراوح بين 93 و137 دولاراً وفق قانون مجلس النواب، ويتمّ تحديد المبلغ بدقة وفق عدد أفراد العائلة، أي تنال كلّ عائلة مؤلفة من 6 أشخاص مبلغ 136 دولار، لكن بعض الخبراء الاقتصاديين أشاروا لـ»البناء» إلى أنّ «تطبيق المشروع يواجه عدد من العقبات كطريقة الدفع بالليرة أو بالدولار وفق أي سعر؟ هل سعر الصرف في المصارف أم السوق السوداء؟ ولفتت مصادر معنية لـ»البناء» الى أن «حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يرفض حتى الآن دفع قيمة البطاقة بالدولار لعدم وجود المبلغ الكافي لديه ويفضل صرفه بالليرة بحسب قيمة الدولار في السوق الموازية».

إلى ذلك، تتجه الأنظار الى قصر الأونيسكو الذي يشهد جلسة نيابية دعا اليها الرئيس بري الخميس المقبل وذلك للنظر في قرار الاتهام في تفجير المرفأ وفقا للمادة ٢٢ معطوفة على المادة ٢٠ من القانون ١٣ /٩٠. وأعلن تكتل لبنان القوي في هذا السياق على ضرورة أن تطرح رئاسة مجلس النواب في الجلسة على التصويت طلب المحقق العدلي رفع الحصانات.

على صعيد آخر، تلقى الرئيس بري رسالة من نظيره رئيس مجلس الشعب السوري حموده الصباغ تضمنت شرحاً للاعتداءات التي تطاول أجزاء من الأراضي السورية بشكل عام وعملية قطع المياه المتكرر عن مدينة الحسكة وجوارها بشكل خاص.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى