أخيرة

طوابير الذلّ ورغيف الخبز

} يكتبها الياس عشّي

أبدأ صباحي مع ساعات الفجر الأولى، مع بدايات «عصر» طوابير السيارات، وما يرافقها من إذلال وتزلّف ورشوة، ومن قبل كنت أبدأ صباحي مع العصافير، ومع رسائل العطر تحملها إليك بساتين الليمون المنسحبة من وسط طرابلس إلى فقش الموج الأزرق في الميناء.

أقارب بين ما كان وما هو كائن وما يمكن أن يكون، وأتذكّر ما قرأته مرة عن «لويد جورج» الذي كان يخطب مطالباً بالاستقلال الذاتي لبعض من أجزاء المملكة المتحدة، ويبدو أنّ أحد النواب لم يرقه حديثه، فقاطع الرئيس وقال متهكّماً:

ـ واستقلال ذاتي لجهنم أيضاً.

فأجابه لويد جورج:

ـ أنت محقّ يا صديقي، فكلّ منا يدافع عن وطنه!

تساءلت: أيُّ «وطن» يمكن أن نتخيّله في الغد، فيما القيّمون عليه يختلفون على جنس الملائكة في تسمية وزير من هنا وآخر من هناك، فيما لبنان تحوّل إلى مرآب، وفيما كلّ القيم تتهاوى أمام رغيف من الخبز حكى عنه ڤكتور هيغو، وصار من الخالدين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى