الوطن

الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب ينتخب قيادته الجديدة مرشحان لموقع الأمين العام… والقادري الأوفر حظاً

ـ فقيه: نأمل أن لا يتمّ توزيع المسؤوليات كهدايا والوقت ليس ملائماً لتعديل الدستور كاملاً ـ عيش: تداعيات «الربيع العربي» وضعف التمويل عوامل حالت دون قيام الاتحاد بدوره ومهمّاته ـ معتوق: تولّي سورية الأمانة العامة يفتح آفاقاً كبيرة لتطوير الاتحاد وتجاوز الكثير من المعوقات

} إنعام خرّوبي

تنطلق بعد غدٍ الإثنين، في مدينة الغردقة المصرية، أعمال المؤتمر العام الرابع عشر للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، بحضور وفود من مختلف الاتحادات والمنظمات النقابية العربية، وممثلين عن منظمات دولية.

ومن المقرّر أن يغادر وفد من الاتحاد العمالي العام اللبناني برئاسة الدكتور بشارة الأسمر اليوم السبت إلى القاهرة للمشاركة في الاجتماعات التحضيرية والتنظيمية للمؤتمر الذي سيتمخّض عنه انتخاب أمين عام جديد خلفاً للأمين العام الحالي غسان غصن الرئيس السابق للاتحاد العمالي العام اللبناني.

وقد ترشح لمنصب الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب كلّ من رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال سورية جمال القادري، ورئيس الاتحاد العام لنقابات عمال العراق ستار دنبوس. كما أقرّت هيئة مكتب الاتحاد العمالي اللبناني ترشيح نائب رئيس الاتحاد حسن فقيه لموقع نائب الأمين العام.

وفي حديث لـ»البناء» قال فقيه: «نعوّل كثيراً على هذا المؤتمر لإعادة النهوض بالاتحاد بعد فترة الركود التي مرّ بها»، مشيراً إلى وجود «أسباب موضوعية وأسباب ذاتية لهذا الركود منها الوباء والإمكانات المالية والحروب التي تشهدها المنطقة العربية».

وأضاف: «كنا نأمل أن يكون النشاط أكبر خاصة مع الأمانة الأخيرة والتي كان يقودها نقابي لبناني هو الرئيس السابق لاتحاد عمال لبنان غسان غصن. كنا نأمل بفعالية أكبر ولكن الظروف لم تكن ملائمة. الموتمر سيكون فيصلاً لمرحلة مقبلة وسيتمّ تقديم أوراق تشرح المعوقات. ويجب أن لا ننسى أنّ هناك حرباً تُشنّ على الاتحاد الدولي ونحن نأمل أن تكون حركة الأمين العام والأمانة معه كافية بالشكل المطلوب لاستنهاض الوضع».

وفي الإطار نفسه، أوضح نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، عضو مجلس الشيوخ، خالد عيش، لـ»البناء» أنه «لا يمكن تقييم أداء الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب بمعزل عن التحديات التي واجهت الوطن العربي، خاصة بعد أحداث ما سمّي الربيع العربي وحالات عدم الاستقرار في بعض البلدان، ومخططات الهدم والتخريب التي استهدفنا بها أعداء الوحدة والتماسك، أو أعداء وطننا العربي في الداخل والخارج، ناهيك عن الظروف المالية الصعبة التي يعاني منها الاتحاد، خاصة أنّ اعتماده على الاشتراكات وليس لديه تمويل من جهات دولية».

مؤتمر انتخابي

وفي حين يعلّق البعض آمالاً كبيرة على المؤتمر من حيث إيلاء شؤون العمال وما آلت إليه أحوالهم الاهتمام اللازم، خاصة بعد جائحة كورونا التي طالت بتأثيراتها السلبية العمال، تلك الشريحة الأساسية في المجتمع، وأدّت إلى ارتفاع نسبة البطالة بشكل كبير، يرى آخرون أنّ المؤتمر «سيغلب عليه الطابع الانتخابي»، كما يقول الأمين العام الأسبق للاتحاد رجب معتوق لـ»البناء»، مضيفاً: «لا يبدو أنّ هناك تقارير أعدّت لهذا المؤتمر، ولا يبدو أنه سيعكف على دراسة الانعكاسات السلبية لجائحة كورونا على أوضاع العمال الحياتية والمعيشية وارتفاع مؤشر البطالة بشكل مرعب»، مضيفاً: «سيكون المؤتمر مكرّساً لبعض التعديلات الدستورية وانتخاب الأمين العام الجديد والأمانة العامة الجديدة بعد توسيعها».

وفي المقابل، يرى فقيه أنّ الانتخابات «هي إجراء روتيني». أما بالنسبة إلى التعديلات التي ستطال دستور الاتحاد، يُجيب: «كنت آمل أن لا يُزجّ بالتعديل الدستوري الكامل للاتحاد في هذا المؤتمر، صحيح أنّ هناك مواد أساسية وضرورية يجب أن يتمّ تعديلها في الدستور الذي وضع عام 1956، خصوصاً تلك المتعلقة بالاتحادات المهنية التي يجب أن يكفل لها الدستور الحقّ في أن تتمتع باستقلالية وأن تحصل على عضوية دائمة وأساسية في الأمانة العامة، كون تلك الاتحادات ركائز أساسية للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، هذه النقاط يمكن أن يجري تعديلها خلال المؤتمر، لكنني مع إرجاء التعديل الكامل إلى وقت آخر لأنّ الأمر يحتاج إلى مناقشات ووجود خبراء قانونيين، وليس هناك من مبرّر للقيام بأمر أساسي كتعديل الدستور كاملاً بهذه السرعة».

 ويتابع فقيه: «لقد أعددنا كاتحاد ملاحظات سنتوجه بها إلى المؤتمر وأهمها أننا كاتحادات عمالية نحتاج إلى هامش استقلالية عن السلطات لأننا في أوضاع سياسية واقتصادية صعبة. نحتاج إلى الحوار والمكاشفة مع السلطات كوننا شريكاً أساسياً في ثلاثية الدولة وأصحاب العمل والعمال ويجب أن نفكر بمسؤولية. الأنظمة يجب أن تستمع إلى شعوبها وأن تركز على مشاريع التنمية عبر حوار حقيقي وشفاف، من دون ذلك لا يمكننا أن نستمر».

سورية الأوفر حظاً

بحسب المراقبين والمتابعين لأجواء المؤتمر، تبدو سورية الأوفر حظاً للفوز بموقع الأمين العام للاتحاد، نظراً لما يتمتع به رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال سورية جمال القادري من كفاءة في الميدان النقابي، بالإضافة إلى الإجماع المتوفر حوله من غالبية الاتحادات النقابية العربية، فهو النقابي المخضرم الذائع الصيت بين نظرائه الدوليين والعرب الذي تولّى رئاسة الاتحاد العام لنقابات العمال في سورية للمرة الثانية على التوالي. وفي هذا السياق، يعلّق النقابي رجب معتوق، قائلاً: «بارقة الأمل التي بدت لي كمتابع دقيق لأوضاع هذا الاتحاد هو الإمكانية الكبيرة لانتخاب سورية لموقع الأمين العام». ويضيف: «تبدو حظوظ سورية لنيل هذا المنصب في شخص النقابي جمال القادري كبيرة جداً، وهذا التكليف، في تقديري، إذا تمّ سوف يفتح آفاقاً كبيرة لتطوّر الاتحاد وتطويره وتجاوزه الكثير من المعوقات، وسوف تتمكن سورية بنهجها القومي، وبما يحمله رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال سورية من أفكار قومية ونضج نقابي وعلاقات عربية ودولية متميّزة من نقل الاتحاد من خانة التراجع والركود وفقدان جزء كبير من دوره القومي والدولي إلى خانة الحضور الكبير والمؤثر، الفاعل والمتفاعل مع كافة المحافل النقابية الدولية، وسوف يستطيع، بوعي وهدوء وحكمة وصبر وتعاون عربي عربي مواجهة الحملات التي تستهدف الاتحاد منذ فترة، وسيعود لهذه القلعة العربية القومية تأثيرها الذي ينشده كلّ عامل عربي من المحيط إلى الخليج».

من جهته، يقول فقيه: «المرشحان إلى موقع الأمين العام ينتميان إلى اتحادين نقابيين عريقين، وإذا حالف الحظ سورية بموقع الأمين العام، فهي جديرة به وأنا أعتبر أنّ تلك الدولة القوية الصامدة التي عبرت مرحلة عدوان عالميّ قاسٍ تستحق أن تقود في هذه المرحلة، كما أنّ المرشح النقابي جمال القادري هو شخصية قديرة جامعة وملائمة لهذا الموقع، فهو قيادي عمالي كبير ويستطيع أن ينجز الكثير».

وفي السياق عينه، يؤكد النقابي خالد عيش أنّ الاتحاد «رغم ظروفه لا يزال يحافظ على هويته العربية ومواقفه الوطنية تجاه القضايا المصيرية». ويقول: «ننظر بتفاؤل إلى المرحلة المقبلة ونتطلع إلى قيادة جديدة تجعل الاتحاد أقوى وأكثر تماسكاً وتأثيراً. قيادة تهتم بالتدريب والتثقيف والتوعية وبكلّ ما من شأنه تمكيننا من مواجهة التحديات الراهنة والمقبلة». في حين يرى فقيه «أنّ المطلوب من الاتحاد ومن سيديره في المرحلة المقبلة خطوات جبارة، وأن ينطلق باتجاه الدول العربية ويعيد خلق حوار معها، خاصة تلك الدول التي توقفت عن المشاركة في الاتحاد، لا سيما أنّه وبعد أحداث ما أطلق عليه الربيع العربي نشأ ما يسمّى «الاتحاد العربي المستقل» وقد توفّرت له الإمكانات والرعاية الدولية، بذريعة أن اتحادات الأنظمة لم يعد منها جدوى، وهنا نوضح ونقول ليس هناك اتحادات للأنظمة واتحادات لغير أنظمة، الاتحادات العمالية يجب أن لا تكون مرتهنة للأنظمة ولا لأي جهة كانت».

تحدّيات كبيرة ومسؤوليات جسام

ويأمل فقيه «أن يُعاد في المرحلة المقبلة تفعيل الأدوات وأن لا يتم توزيع المسؤوليات كهدايا، فهذا توزيع لمهام جسام لذلك يجب أن يتم لرجال كبار وإذا لم يكن في هذا الإطار، أعتقد أنّ الاتحاد يذهب باتجاه الأفول».

كما يأمل «أن يكون هناك جو جديد ينطلق من تفاهم على التركيبة ككلّ والمسؤوليات وأن يتم تشكيل فريق عمل واحد متجانس لكي نتمكن من النهوض بالوضع، وفتح المجال أمام الجميع ليكونوا شركاء في مرحلة النهوض المقبلة».

ويختم نائب رئيس الاتحاد العمالي العام حسن فقيه حديثه لـ»البناء» بوجوب «توفّر ثلاثة عناصر أساسية لانطلاق المرحلة المقبلة والنهوض بالاتحاد وهي الإمكانات المادية والمشروع واختيار أشخاص من ذوي الكفاءة لأننا نحتاج مشروعاً نهضوياً جباراً ينهض بالعمال العرب».

وفي المحصلة، تبقى الأنظار شاخصة إلى ما بعد المؤتمر، إلى الدور الذي سوف تضطلع به القيادة الجديدة للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب وما ينتظرها من مسؤوليات جسام لمواجهة تحديات اجتماعية كبرى تهدّد العمال والشباب، مثل انتشار الفقر وتفاقم البطالة، ومشاكل الأجور وتعديلات قوانين العمل، إضافة إلى معاناة العمال الفلسطينيين في ظلّ الاحتلال الصهيوني والانتهاكات التي يتعرّضون لها وغيرها من التحديات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى