ثقافة وفنون

العراقة والتاريخ يلتقيان في صدد بملتقى النحت على الحجر

} سانا ـ حنان سويد

صدد بتاريخها العريق وكنائسها القديمة وحجارتها الصلبة وسكانها الذين تحدوا إرهابيي «داعش» احتضنت أحد عشر فناناً تشكيلياً من مختلف المحافظات للمشاركة في ملتقى النحت على الحجر بعنوان (صدد العراقة والتاريخ).

الملتقى الذي أقامته مطرانية حمص وحماة وطرطوس وتوابعها للسريان الأرثوذكس بالتعاون مع اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين وفريق شباب صدد استمر على مدى عشرة أيام ليقدم إحدى عشرة منحوتة فنية على حجارة البازلت والحجر التدمري الأبيض الصلب الذي تتميز به صدد.

عن الملتقى والهدف من إقامته في صدد قال المهندس محمد عرفان أبو الشامات رئيس الاتحاد العام للفنانين التشكيليين في تصريح لـ «سانا» الثقافية «إن الفن بمختلف ألوانه لغة عالمية والملتقيات النحتية تمثل الوجه الحضاري لكل بلد وسورية تفتخر بهذه التظاهرة الثقافية البصرية الجميلة التي تجمع كبار النحاتين في بلدة عريقة تاريخياً كصدد».

من جهته أكد عماد كسحوت مدير الفنون الجميلة بوزارة الثقافة دعم الوزارة لأي مبادرة ثقافية تشجع على الفن التشكيلي لنشر الثقافة البصرية في مجتمعنا، واصفاً صدد بالمدينة الغنية آثارياً وثقافياً وتستحق أن تتزين ساحاتها بأعمال فنانين مبدعين آملاً بأن تشمل هذه التظاهرات كل المحافظات.

بدوره المطران مارتيموثاوس متى الخوري راعي مطرانية حمص وحماة وطرطوس وتوابعها رأى أن الملتقى رسالة من سورية لكل العالم أن بلدنا كانت وستبقى مهداً للفن والثقافة والجمال وهي منبع التاريخ وأننا عبر منحوتات قدمها فنانون متميزون في الملتقى خلال فترة قصيرة جداً استطعنا أن نلخص كل الحضارات التي تشهد على غنى بلدنا.

الفنان التشكيلي حسان حلواني المدير الفني للملتقى بين أنه تم اختيار صدد لما تمثله من عراقة في التاريخ ولإعطاء هذه المدينة ذات الطبيعة الصحراوية روحاً جمالية تضاف إلى جمالها فكانت الأعمال النحتية مستوحاة من روح المكان.

وعن مشاركته في الملتقى أوضح حلواني أنه قدم منحوتة على الحجر التدمري الأبيض بأسلوب تجريد حروفي تمثل مسلة حفر عليها الحرف السرياني الذي هو أساس اللغة الآرامية ويرمز إلى جذورنا الضاربة في التاريخ.

وعن مشاركته في الملتقى أوضح الفنان التشكيلي أكثم عبد الحميد أنه جاء من مدينة أوغاريت ليشارك بعمل نحتي على حجر البازلت الأسود المعتق حمل عنوان (سيدة الزيتون) على شكل وجه بشري تلفه أوراق الزيتون لما شاهده من كثرة هذه الشجرة في (صدد) والتي ترمز إلى الخصوبة والخير.

ومن اللاذقية أيضاً شارك الفنان التشكيلي محمد بعجانو بعمل نحتي ثنائي على شكل طير جارح وحصان جامح بعنوان (القوة والأصالة) إيماناً منه بأن صدد كغيرها من المدن قاومت وصمدت وتحدت محاولات الغزاة تدمير تراثها الغني.

الفنان التشكيلي غاندي خضر من محافظة حماة أعرب عن سعادته للمشاركة في الملتقى الذي يظهر تمازج الثقافة السورية عبر فنانيها، لافتاً إلى أنه اشتغل في عمله النحتي على الاتجاه التجريدي الرمزي بهدف رفع الثقافة التشكيلية وترك المتلقي يسأل ويفكر بنفسه ما المقصود من العمل.

الدكتور سمير رحمة أستاذ في قسم النحت بكلية الفنون الجميلة في دمشق الذي شارك بعمل تجريدي رأى أن الملتقيات النحتية فرصة للقاء النحاتين وتفاعلهم مع بعضهم ومع المجتمع المستضيف وأن وجود الملتقى في صدد له رمزية خاصة كونها بعيدة عن الأضواء ومرت بأزمة قاسية، ولهذا فالملتقى نقطة أمل وفرح ومحبة ونواة صغيرة لمشروع ثقافي متكامل كبير يتضمن ورشات نحت للصغار والكبار في أرجاء سورية.

من جهته أعرب الفنان التشكيلي وضاح سلامة عن سعادته بالمشاركة في الملتقى بعمل نحتي على شكل طير استخدم في تكوينه الحجر مع مادة الحديد ليعطيه بريقاً إضافياً عنوانه (حارس الجوهرة الثمينة) في إشارة إلى صدد جوهرة الصحراء التي ستزينها هذه الأعمال لأنها تستحقها.

ومن طرطوس جاء الفنان التشكيلي علاء محمد ليشارك بعمل نحتي على الحجر الأبيض عنوانه (تدرج تاريخي) عبر فيه كما قرأ وسمع من أهالي صدد عن المراحل التاريخية التي مرت بها المدينة المتجذرة بالتاريخ والناهضة بعمرانها وأبوابها وكنائسها ومكانة المرأة منوهاً بأهمية الملتقى لأنه يجمع فنانين يتبادلون الخبرات ويتعرفون إلى أدواتهم وخاماتهم ويتفاعلون مباشرة مع المتلقي.

وعلى شكل سيدة تحاول النهوض على رغم الألم جسد الفنان التشكيلي أكسم السلوم منحوتته التي وصفها بأنها تمثل سورية الأم الناهضة والقوية والمتشبثة بأرضها.

ومن السويداء جاء الفنان التشكيلي أسامة عماشة ليشارك في الملتقى بمنحوتة على حجر البازلت الحمصي، مسقطاً عليه بحثه الخاص عبر سنوات ليدل على تاريخ الحضارات السورية مستخدماً له رموزاً كالسمك الذي يدل على الخصوبة والعطاء والخير.

وتم خلال الملتقى إزاحة الستار عن تمثال المطران الراحل مارسلوانس بطرس النعمة وهو من عمل الفنان التشكيلي ابن مدينة دير الزور هشام الغدو.

وعقب حفل طربي فني أحيته فرقة هارموني بقيادة الفنان رند سكر في صالة الكنيسة بصدد تم تكريم الفنانين التشكيليين المشاركين في الملتقى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى