أولى

التدقيق الجنائي والحكومة والمجتمع المدني

– أما وقد انطلق مسار التدقيق الجنائي بتوقيع العقد مع شركة “ألفاريز اند مارسال” وصرف مستحقات هذا الإنطلاق، فيكون قد سقط معها الخطاب الذي قام على القول بأنّ هناك فريقاً واحداً يتمسك بهذا التدقيق الجنائي كعنوان إصلاحي، بينما الآخرون متورّطون بالعمل على إسقاطه، خصوصاً أنّ هذا الخطاب وصل لحد القول ان السبب الرئيسي لعدم ولادة الحكومة منذ أكثر من سنة يعود لتعطيل الجميع لمسار الحكومة ما عداه، لأنهم يخشون التدقيق الجنائي، والمفارقة انّ أحداً لم يتوقف أمام معنى انّ هذا المسار ينطلق في ذروة الأزمة الحكومية الحالية، وبغياب حكومة، وبمساهمة واضحة من المتهمين بالسعي لتعطيله، على الأقلّ بالدور المحوري لوزير المالية، الذي يمثل مرجعيته السياسية، في السير بهذا الملف.

– أما وقد انطلق مسار التدقيق الجنائي، فصار المهمّ تحرير مساره من التجاذبات السياسية، كي يصل التدقيق الى تشريح كيفية إنفاق مئات مليارات الدولارات خلال ثلاثين عاماً، بين عائدات الدولة والقروض التي حصلت عليها، وكي يصل هذا التدقيق الى تتبع حركة المال العام وأموال العقود التي تولت انفاقه، وكيفية توزيعها، وما نجم على هوامشها من تسرّب وتحويلات تظهر مكامن الهدر والفساد، وكي يظهر التدقيق مدى استناد السياسات المالية للإستدانة وتحديد فوائد الدين الى حاجات حقيقية للدولة، أم الى تلبية لمتطلبات مصلحية لبطانات مالية ومصرفية مستفيدة تشكل الواجهة المالية لمراجع سياسية لن يصعب كشفها اذا كشفت هذه الواجهة.

– ما نحتاجه إضافة للانتظار والمتابعة والترقب، هو ان يجري التفكير جدياً بضمّ ما وصل الى أيدي منظمات غير حكومية من مليارات أكيدة، خلال السنوات القليلة الماضية، ووجهة إنفاقها، بعيداً عن الكيد السياسي، ولكن للتحقق من صحة إنفاقها على الخير العام ومصالح الناس، فهل نسمع الأصوات المنادية بضمّ هذا الملف الى مسار التدقيق الجنائي لتحصين البلد بدولته ومنظماته الأهلية بوجه الفساد؟

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى