مقالات وآراء

اقتراحات برسم الحكومة الميقاتية…

} عدنان برجي*

واخيراً تشكلت الحكومة وهي في طريقها الى نيل ثقة المجلس النيابي، ولأنّ فترة ولايتها قصيرة نسبياً ارتباطاً بالاستحقاق الانتخابي حيث من واجبها تقديم مشروع قانون انتخاب مجلس نيابي غير طائفي يعتمد الدائرة الكبرى وانتخاب مجلس شيوخ يحفظ لطوائف والمذاهب خصوصياتها، كما نص الدستور. وبسبب تراكم المعضلات وكثرتها، فعلى الحكومة التحرك سريعاً لوقف الانهيار في مؤسسات الدولة، والحدّ من المآسي الاجتماعية التي تطال غالبيّة اللبنانيين.

عليه نقترح ما يلي:

1 ـ الإعلان بكلّ شفافية عن موجودات المصرف المركزي، قطعاً للتأويلات والتخمينات، وتسهيلاً لاتخاذ القرارات المناسبة في ضوء ذلك.

2 ـ التخلّص من تعدّد سعر صرف الدولار، مهما كان الأمر قاسياً، فلا يجوز استمرار هذا التخبّط الحاصل حالياً والذي يدفع ثمنه المواطن، على ضعف إمكانياته ومحدودية قيمة راتبه. انّ تحديد سعر محدّد للدولار بهامش تقلب معقول، يتيح للحكومة بناء مقاربات لمعالجة المشكلات الاجتماعية والمعيشية التي يتخبّط بها اللبنانيون، ويضع حداً لارتفاع الأسعار التي تصعد مع صعود الدولار ولا تنخفض مع انخفاضه.

3 ـ معالجة الشلل الحاصل في وزارات الدولة وإداراتها العامة، فالموظفون يريدون تعديل رواتبهم بعد ان أصبحت قيمتها معدومة، والدولة بحاجة الى استيفاء الرسوم والضرائب ليصبح لديها مداخيل، فكيف التوفيق بين الأمرين؟ ذلك يتطلب جلسات متواصلة بين الحكومة والنقابات والروابط، في جو من التعاون، يفضي الى تأمين ديمومة عمل المؤسسات والادارات والوزارات، ولا يظلم الموظف والعامل والأجير. لا شك انها معضلة لكن بالتعاون وباعتماد الحلول التدريجية، يمكن تجاوز المرحلة بأقل الأضرار على الطرفين: الدولة والموظف.

4 ـ عند كلّ مطالبة بتحسين الأجور كانت ترتفع أصوات أصحاب الإنتاج، رافضة هذا التوجه ومطالبة باستبدال هذا الطلب بتحسين التقديمات الاجتماعية. فهل بادرت الحكومة الى تحقيق هذه الغاية من خلال تأمين كامل حاجات تعاونية موظفي الدولة والضمان الاجتماعي لتأمين الطبابة والاستشفاء للموظفين والأجراء بدون دفع تكاليف إضافية للمستشفيات والأطباء والصيادلة من قبل الموظف والأجير، هل ستبادر الحكومة الى إلزام شركات التأمين بتغطية زبائنها وفق نصوص العقد؟ ان تأمين الطبابة والاستشفاء للمواطن ضرورة ملحّة في زمن تدني الرواتب والاجور.

5 ـ على الحكومة تأمين الكهرباء لمباني الوزارات والإدارات العامّة، واعتماد نصف دوام للموظفين، شريطة تأمين سيرورة العمل بشكل كامل للمواطن، والخروج من الروتين الإداري الذي يرهق المواطن، ويرهق خزينة الدولة. فمثلاً، لماذا لا يُكتفى بالهوية بديلاً عن إخراج القيد؟ ولماذا لا يعمد وزير الداخلية الى السماح لأصحاب المركبات بدفع رسوم الميكانيك مضافاً اليها بدل المعاينة الميكانيكية تجنّباً لانتظار ساعات للمعاينة في ظلّ غياب البنزين والمازوت؟

6 ـ في موضوع النقل المشترك، الغائب عن برامج الحكومات السابقة، هل ستعمد هذه الحكومة الى تخصيص مبلغ كاف من حصة لبنان القادمة من صندوق النقد لحلّ مشكلة النقل المشترك بين المدن والأرياف على الأقلّ في المرحلة الأولى؟ هل سنجد قريباً وسائل نقل مشتركة مناسبة خلال شهرين او ثلاثة؟

7 ـ في موضوع تعزيز الزراعة، وهو مطلب وطني، نتمنى تعزيز التعاونيات الزراعية وفتح المجال واسعاً بين أبناء القرى لإنشاء مثل هذه التعاونيات والتعامل معها لتأمين البذور والأدوية والأسمدة، والاعتماد عليها في تصريف إنتاج المزارع، تنافساً معاً تجار الخضروات الذين غالباً ما يضمنون حقوقهم، ويتجاهلون حقوق المزارع.

8 ـ في موضوع التربية والتعليم، فلبنان لم يعد يحتمل تعطيل عام دراسي جديد، بعد عامين غير طبيعيين، لكن المعضلة في عدم قدرة الأساتذة والمعلمين على العمل برواتب صفرية، وفي عدم قدرة الأهل على تأمين مستلزمات الدراسة لأبنائهم. وللأسف فإنّ كلّ المطالبات السابقة بتعزيز التعليم الرسمي ذهبت أدراج رياح الحكومات المتعاقبة. ان المواطن في حيرة من أمره، فلا هو قادر على تأمين قسط أولاده في المدارس الخاصة، ولا هو مطمئن الى انطلاق الدراسة في التعليم الرسمي، بعد البيانات المتلاحقة والمواقف التصعيدية من الروابط والنقابات. انّ الحلّ الممكن والمؤقت، هو بتوفير عدد من صفائح البنزين للمعلمين والأساتذة على السعر المدعوم، ومن خلال أذونات كما هو الحال في المؤسسات العسكرية، ومضاعفة الرواتب، والحدّ من الارتفاع المتتالي لسعر الدولار، وتأمين القرطاسية لجميع الطلاب، وتجاوز الزي المدرسي، وتسهيل انتقال المعلمين الى اماكن عمل قريبة من اماكن سكنهم، وتعزيز تقديمات تعاونية الموظفين، كما أشرنا سابقاً.

ـ أن تبادر وزارة الشباب والرياضة، بالتعاون مع البلديات والمؤسسات العامة، لتنظيم أعمال تطوعية من قبل الجمعيات الشبابية والكشفية والطالبية، في أعمال الإحصاء، وتوزيع المعونات، وبما يعزز نظافة البيئة. بل يمكن لهذه الوزارة ان تتعاون مع وزارات أخرى لتوفير متطوّعين لتحسين أعمال المكننة فيها وتطوير البرامج.

10 ـ ان تعمد وزارة العدل الى حل الخلافات بين القضاء ونقابات المحامين، لتسهيل عمل المحاكم وحل المشكلات القانونية، ووقف اضراب نقابة المحامين، بعد ان اصبح مضرا جدا بالمواطن.

11 ـ انّ لبنان يحتاج في هذه المرحلة الصعبة من تاريخه الى أوسع تعاون بين الشعب والإدارة العامة، ويحتاج الى تسريع وتنشيط كلّ إنتاج ممكن. انّ الحلول الفردية قاصرة، وكذلك فإنّ العمل البيروقراطي عاجز عن انتشال لبنان مما هو فيه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*مدير المركز الوطني للدراسات ـ لبنان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى