الوطن

صفقة الأسرى وإسراء الجعابيص

} حمزة البشتاوي

يجري الحديث حالياً عن تقدّم يحصل بإتجاه تنفيذ صفقة لتبادل الأسرى في المفاوضات غير المباشرة التي تعقد في القاهرة حيث تم التوصل إلى صيغة أولية تقضي بتنفيذ الصفقة على عدة مراحل أوّلها إطلاق سراح كبار السن والأطفال والنساء وأصحاب الحالات المرضية، وهنا يبرز أسم الأسيرة إسراء الجعابيص المتوقع أن تنال الحرية في المرحلة الأولى من هذه الصفقة، وهي الحاضرة في الوعي الفلسطيني كرمز صلب للصبر والقدرة على تحمّل الألم. وشهد الأسبوع الأخير من شهر أيلول حملة على مواقع التواصل الإجتماعي بعنوان (أنقذوا إسراء الجعابيص) للتعريف بها وبمعاناتها وهي التي كانت تدرس قبل إصابتها وأسرها بالكلية الأهلية في بلدة بيت حنينا شمالي القدس بتخصص التربية الخاصة وتعمل مع المسنين وتقيم الفعاليات والأنشطة الترفيهية للكبار والصغار الذين يحبونها وتحبهم كطفلها الوحيد معتصم الذي لم تلمس وجهه الطري والناعم منذ يوم 11 تشرين الأول من العام 2015 حين كانت إسراء في طريقها من مدينة أريحا إلى مكان عملها في القدس وتنقل معها بسيارتها بعض أغراض بيتها إلى مكان سكنها الجديد ومن بين الأغراض أنبوبة غاز وجهاز تلفاز وفي الطريق بالقرب من مستوطنة (معاليه أدوميم) أطلق الجنود الإسرائيليون النار على سيارتها مما أدّى إلى انفجارها واشتعال النيران فيها لتصاب إسراء بحروق خطيرة في منطقة الوجه والظهر وتصبح واحدة من بين 35 أسيرة فلسطينية في السجون «الإسرائيلية» ومن أكثر الحالات صعوبة وخطورة بسبب وضعها الصحي والالتهابات الحادة في جسدها وفقدانها لثمانية من أصابع يديها، وتتفاقم معاناتها اليوم أكثر بسبب سياسة الإهمال الطبي والحرمان من العلاج المناسب ومن إجراء العمليات الجراحية الضرورية للتخفيف من آلامها الحادة والمتفاقمة داخل زنزانتها في سجن هشارون حيث تواجه قسوة السجن والسجان بصناعة الفرح والأمل من خلال أدائها أمام الأسيرات دور المهرج (سوسو) لترسم ضحكة على وجوههم وقلبها يتوجّع قهراً وحزناً على وضعها الصحي الذي قالت عنه في رسالة إلى أشقائها: لم أستطع قراءة رسالتكم بسبب العمليات التي أجريت في عيني ويوم الأحد أخذوني إلى مستشفى هداسا في عين كارم وكنت أعتقد بأنّ العملية لفصل الأصابع إلا أنهم أجروا لي عملية في العين وكذلك عملية تحت الإبط لأتمكن من تحريك يدي وأتمنى أن تجرى لي باقي العمليات وهي: فصل الأصابع تركيب الأطراف، عمليات في الأنف، علاج التشويه الخارجي، عمليات في الفم… وجروحي وأوجاعي ما زالت تلازمني رغم محاولاتي نسيانها وكان من المقرّر أن أبقى في المستشفى لأسبوع ولكنني طلبت إخراجي من المستشفى لأنني مقيّدة بالسرير ويربطون قدمي اليمني مع يدي اليسرى والعكس والكلبشات مشدودة جداً وسبّبت لي جروح جديدة وصعبة في القدمين واليدين ولا أحتمل آلامهم الشديدة ورفضوا إرخاءها قليلاً وعندما أذهب للحمام يشدّونها أكثر والطعام يصلني متأخراً جداً ولكن الحمد لله وضعي أفضل.

وعن مستجدات وضعها الصحي تقول شقيقتها: عظام إسراء مكشوفة بسبب بتر أصابعها وتتنفس عن طريق الفم فقط. وفي رسالة وجهتها إسراء من سجنها للعالم وخاصة إلى أبناء شعبها قالت فيها: أطلب منكم أن تتوجهوا لكلّ مسؤول وصاحب شأن ألا ينسوني فأنا بشر وأتألم وإن كنت أحاول تجاوز المشكلة التي أعاني منها إلا أنني ما زلت أعاني. وبهذا المعنى إشارة للدور المطلوب من الجميع لمواجهة محاولات الاحتلال بث فقدان الأمل بالإنسانية والعدالة في العالم، ولكن إسراء التي تقاوم الألم بالأمل قرّرت أن تصمد وتواجه وتتابع دراستها الجامعية لتبقى في الوعي الجمعي مناضلة صابرة من جارات قوس قزح اللواتي يزرعن أناشيد الفرح في البيارات والحقول والحدائق كي يسطع فجر الحرية عما قريب وتعود إسراء بروحها العالية لتعطي دروساً في الرسم والأدب والمسرح والصبر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى