أولى

ملف العلاقة مع سورية بين لبنان والأردن

– يقع الأردن سياسياً على الضفة التي يطالها التشكيك بمحاباة محور المقاومة، وهذا يفترض أن تنسيق لبنان مع الأردن لا يقع على خط تماس سياسي يستفز الأطراف اللبنانية المناوئة للمقاومة، والتي فاجأها ما جرى في لحظة متسارعة مع اقتراب وصول المازوت الإيراني الذي جلبه حزب الله عبر سورية، وفتحه لمسار تشبيك إقليمي بين لبنان وسورية والأردن ومصر، كان ممنوعاً من الجانب الأميركي بقيود العقوبات الأميركية على سورية، أملاً بأن يوفر بديلاً لسفن كسر الحصار المحملة بالنفط الإيراني نحو بانياس لتعبر لبنان عبر الحدود البرية، والمفترض أن ما مر من الوقت على تلك اللحظة، وما أعقبها من إشارات متلاحقة دولياً وإقليمياً لجهة سقوط الحظر الأميركي الذي يقيم له بعض اللبنانيين حساباً كبيراً، على أي تعاون مع سورية.

– من المهمّ الانتباه إلى المغزى السياسي للخطوات التي يقوم بها الأردن نحو سورية، من زاوية موقع سياسي مخالف لسياسات محور المقاومة، وهي خطوات متلاحقة تلت اللقاء الوزاري الرباعي المخصص لاستجرار الكهرباء الأردنية والغاز المصري إلى لبنان عبر سورية، فجاءت الدعوة الأردنية لزيارة تنسيق وتعاون لوزير الدفاع السوري تزامنت مع الحسم العسكري في جنوب سورية، في ظل تعاون أردني مع الجيش السوري، وتلاها لقاء وزير الخارجية الأردني بوزير الخارجية السوري في نيويورك، ليتوج الأمر بالإعلان عن استئناف العمل برحلات الطيران السورية والأردنية وفتح الحدود البرية أمام انتقال المسافرين والبضائع، وهذا يعني أحد أمرين، إما أن الأردن يتصرف في ظلال ضوء أخضر من واشنطن، على رغم بعض الكلام الأميركي المخصص للاستهلاك الإعلامي، وفي هذه الحالة تصير الخطوات الأردنية مصدر تساؤل عن سبب التردد اللبناني بفعل المثل، أو أن الأردن يجتهد ليرسم تحركه ضمن هوامش يرسمها بنفسه وفقاً لقراءته لمضمون المتغيرات الحاصلة وملاقاة تلك التي ستحصل، وهنا يصير السؤال للحكومة اللبنانية أشد إحراجاً، فهل يعقل أن يكون الأردن الذي تربطه علاقة تحالف مع أميركا وعلاقة خصومة مع سورية أكثر استقلالاً وشجاعة من لبنان وحكومته؟

– بين لبنان والأردن علاقات تاريخية ومصلحية متشابكة، ويربط لبنان وسورية والأردن أكثر من الجوار الجغرافي، ففي التوقيت الراهن، يتشابه اقتصاد البلدين بضعف موارده الإنتاجية، ويتقاطع البلدان في حجم الأثر الكبير لملف النازحين السوريين، وبحجم  مكانة الاقتصاد السوري وقطاعاته الزراعية والصناعية في السلة الاستهلاكية التقليدية للأردنيين واللبنانيين، ويلتقي البلدان على كونهما من البلدان الصغيرة الحجم كمساحة وسكان، بين جيران عرب بحجم العراق ومصر، يتطلع كل منهما لدور اقتصادي وسياسي يستثمر على الجوار، ما يتيح للبلدين التحرك معاً، نحو صيغة إقليمية تضم الأردن ولبنان ومن حولهما سورية والعراق ومصر، في مناخ دولي وإقليمي متسارع الخطى نحو إقفال ملفات تنتمي لمرحلة المواجهات الكبرى، التي تستعد للترجل.

– تأتي زيارة رئيس الحكومة الأردنية إلى لبنان ومعه وفد مرافق سياسي واقتصادي، ويملك لبنان التعامل مع هذه الزيارة بصفتها عنواناً لمبادرة فتح الباب أمام لبنان لاستيعاب الرسائل المشفرة التي يتردد المسؤولون اللبنانيون في التعامل معها بشجاعة، فهل نتفاءل بأن تكون هذه الزيارة موضع عناية المسؤولين اللبنانيين لكيفية التعامل مع المتغيرات الحاصلة والمرشحة للحصول، بما يتخطى واجب الترحيب بالضيوف الأردنيين، وهو ترحيب واجب طبعاً.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى