أولى

ماكرون والحنين الاستعماري

فتح الحديث الذي أدلى به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول الذين قاتلوا الى جانب الإحتلال الفرنسي متجاهلاً الدور الإرهابي واللاإنساني للإحتلال، ومتجاهلاً أيضاً الدعوات التاريخية للاعتذار من الشعب الجزائري والدولة الجزائرية عن التاريخ الإستعماري لفرنسا، وخصوصاً في الجزائر، وجاء الردّ الجزائري على الرئيس ماكرون فرصة لفرنسا لتراجع وتتراجع.

أمعن ماكرون في موقفه العنجهي والمتعالي مجسّداً نموذجاً للمستعمر، كاشفاً ضحالة فكرية وثقافية وانحطاطاً أخلاقياً وإنسانياً، وجاءت المناظرة التي جمعته بشخصيات ثقافية أفريقية تحت عنوان فرنسا وأفريقيا لتفضح محدودية فهم ماكرون للمواضيع التي يتحدث عنها، وشكل كلامه عن أنّ الجزائر لم تكن موجودة قبل أن تحتلها فرنسا، مستطرداً بأنّ فرنسا هي من أوجدت الجزائر ليردّ عليه مؤرّخون فرنسيون بطريقة الاستهزاء بسطحيته الثقافية وتطاوله على البحث التاريخي خلافاً لبديهيات ما يعرفه المؤرّخون.

في النقاش مع الشخصيات الثقافية الأفريقية ظهر ماكرون كمجرد رجل أبيض مشبع بالعنصرية والروح الشوفينية العدائية للشعوب التي دفعت ملايين الشهداء في طريقها الى الحرية، والتي لا يمكن للدول المستعمرة ان تزعم سعيها لعلاقات طبيعية معها دون مراجعة موقفها من تاريخها الاستعماري والاعتذار عن الجرائم التي تمّ ارتكابها خلال الحقبة الاستعمارية.

بعض اللبنانيين الذين يحجبون عن أعينهم هذه الحقيقة لا ينتبهون إلى انّ المقاربة الفرنسية للبنان لا تختلف في العمق عن المقاربة الفرنسية للجزائر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى