أولى

تركيا و«إسرائيل» تتفكّكان… انتظروا خرائط جديدة للمنطقة!

 محمد صادق الحسيني

قد يتفاجأ الكثيرون من هذا العنوان، ومنهم من سيعتبره خيالياً أو طوباوياً، لكنها السنن الكونية التي لا بدّ منها عندما تفعل فعلها بعيداً من الحب والبغض.

منذ بداية القرن الماضي سعى الاستعمار الغربي إلى إيجاد صيغة مشوّهة لجغرافيا بلادنا السياسية بهدف السيطرة على قدراتنا وموقعنا الجيواستراتيجي وإبادتنا كهويات أصيلة إنْ أمكن.

وكانت وسيلتاه إلى تلك الأهداف كيانين اصطناعيين فرضهما فرضاً بمختلف وسائل الاحتيال والخداع والتضليل.

“إسرائيل” من خلال فرض مقولة خرافية بأنّ اليهود شعب عن وطن ضائع وفرضها على الوطن العربي قسراً بهدف تمزيقه وتقسيمه وتفتيت قواه ونهب خيراته.

وتركيا من خلال اختراع أمة طورانية مركّبة استولدها عنوةً من بطن الدولة العثمانية المسلمة لتقطيع أوصال العالم الإسلامي وشعوبه الأصلية.

الأولى لتتحكم في موقع ما بين النيل والفرات الغني بأصل الحضارات والديانات، والثانية من أجل التحكم بطريق الحرير القديم والتحكم بمقدرات العالم الإسلامي الغنية وعزلها عن الروس والصينيين.

ومنذ ذلك الحين حتى اليوم فإنّ كلّ ما يجري من حروب متنقلة على أراضينا المشرقية هو من صنع ذلك المخطط والذي نفذه ولا يزال ينفذه هذان الكيانان المصطنعان.

وآخرهما الحرب الكونية على سورية – اقرأوها الحرب الكونية على العرب والفرس والأرمن والأشوريين والسريان والكلدان والأكراد وكل شعب حي أصيل ينتمي للمشرق.

لا تستغربوا من هذا القول أعلاه، فمع احترامنا للشعب “التركي” المسلم الذي تشكل بصيرورة عنفية حادة على حساب شعوب المنطقة الأصليين، إلا أنّ الثابت هو أن صانع تركيا الحديثة كما هي عليه اليوم إنما هو كمال أتاتورك اليهودي الأصل من الدونمة والذي جندته الاستخبارات البريطانية لمحاربة الإسلام وشعوب المنطقة في إطار قمع كلّ طموحات شعوب الدولة العثمانية، وهو الذي لا تزال روحه الحاقدة ضدّ العرب والمسلمين تلهج في فؤاد مخلب الناتو رجب أردوغان.

تركيا الطورانية المتقمّصة طور “العثمانية الجديدة” في روح أردوغان ما هي إلا دور وموقع بدأ مع عالم المنتصرين في الحرب الكونية الأولى، واليوم يفقد أهميته ووظيفته الكيانية في هذه اللحظة التاريخية كما يحصل مع الكيان الصهيوني بعدما خسر كلاهما الحرب الكونية على شعوب المنطقة برمتها في غرب آسيا.

من يتابع بعمق ودقة ما يجري في شمال غربي إيران ـ شمال النهر ـ من تحرك صهيوني حثيث بمواكبة أردوغانية نشطة، يتأكد له بأن الهدف من التحشيد “الإسرائيلي” ـ الطوراني هناك ما هو إلا محاولة فتح باب لحروب جديدة وهذه المرة في القوقاز وآسيا الوسطى، (بعد فشل الحرب على سورية) على خلفية الصراع الأرميني الأذربايجاني حول إقليم أرتساخ الأرميني (قره باغ) لخدمة الأميركي المنكسر والمهزوم والمذلول.

قد ينطلي الأمر لبرهة على بعض السذج من أتباع العنصرية الطورانية الفاشيين المتوهّمين في باكو إلا أنّ المتتبّع العميق يعرف تماماً بأنّ هذا الحراك ليس سوى علامة النزع الأخير من عمر هذين الكيانين الخاسرين للحرب الكونية ضدّ شعوبنا الحية والأصيلة.

لقد ربحنا حربنا الدفاعية ضدهم على تخوم دمشق وبوابات الشام وأسوار بغداد وفي تباب صنعاء، ولا باب لهم سيفتح في القوقاز بفضل وعي شعوبنا وقوة محورنا محور المقاومة الذي بات بإمكانه ردع أيّ طالب حروب جديدة.

إن أذربايجان التي يحاولون التسلل إليها اليوم من بوابة حزب إلهام علييف، يكفي فقط أن نعيد قراءة اسمها لنعرف أنها تتشكل من كلمتين فارسيتين “أذر” ويعني النار وبايجان أيّ – بادكان- أيّ موقع أو مكان النار، بالتالي فهي إيرانية أصيلة منذ ما قبل الإسلام وكذلك ما بعده بامتياز لأن منها انطلق نور “أهورا مزدا” أي دين زرادشت أولاً ومن ثم كانت مهد نور الإسلام، وهي بالتالي لن تقع فريسة “التتريك” الذي فرضه الغزاة المغول لمنطقة الأناضول على شعوب المنطقة بقوة السيف مهما طال الزمن.

وإذا كان المكسيك قد تحوّلوا يوماً أو سيتحوّلون إلى إسبان لأنهم يتحدثون اللغة الإسبانية، أو البرازيليون تحوّلوا إلى برتغاليين لأنهم تحدثوا اللغة البرتغالية عندها ستصبح أذر بايجان تركية!

كلّ الشواهد والقرائن تفيد بأنّ الأذربايجانيين والأرمن سيتوحدون قريباً بفضل وعيهم التاريخي وتغيّر معادلات العالم الجديد الذي نشأ بفضل انتصارات محور المقاومة ـوعلى رأسه إيران ـ وحلفائه الدوليين، ولن يتحوّلوا إلى بيادق أو حطب في حروب الآخرين.

والمنتصر في الحرب الكونية التي مرّت علينا طوال 10 سنوات ونيف الماضية، هو من سيفرض شروطه على الخاسرين، وأول الخاسرين هما القاعدة الأميركية المقامة زوراً على اليابسة الفلسطينية المحتلة ومياهها التي تسمّى “إسرائيل”، والأخرى الطورانية الأردوغانية المفروضة فوق رقاب الشعوب المشرقية المتآخية في تركيا الدولة المسلمة وليس الاخوانية.

لا أحد يريد تغيير خرائط المنطقة بالقوة لكن ما فرض بقوة السيف ستغيره قوة السنن الكونية.

هذا قانون إلهي، وهذه سنة كونية، وهذا مسار منطقي، لن يفلت منه أردوغان والحبل سيلتف حوله يوماً بعد يوم أكثر فأكثر.

بلاد الأناضول ستنهض من جديد بخريطة جديدة تماماً كما ستعود فلسطين أكثر نضارة من ذي قبل.

بعدنا طيبين قولوا الله…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى