مانشيت

الحكومة بانتظار القرار الاتهامي لبيطار… ومجلس النواب ينظر بقانون الانتخاب مجدداً / اشتباك «توتر عالٍ» بين حركة أمل والتيار الوطني الحر عنوانه بيطار وجريصاتي / رعد: سقطت صدقية حملاتهم لدعم بيطار بتهربهم من المثول وظهرت عنصريتهم /

كتب المحرر السياسي

تستعد الحكومة للتأقلم مع اعتبار شهر تشرين الثاني شهراً لإنهاء اللجان الوزارية تحضير ملفاتها، خصوصاً التفاوض مع صندوق الدولي، وإعداد البطاقة التمويلية، ريثما يكون المحقق العدلي القاضي طارق بيطار قد أصدر قراره الاتهامي، الذي تقول مصادر مجلس القضاء الأعلى إنها لا تجد مبرراً للدخول على مسار البحث في وجهة تحقيقاته وملاءمتها مع الدستور، طالما أنه أبلغ المعنيين أنه سينهي القرار الاتهامي قبل نهاية شهر تشرين الثاني، وعندها يصبح الملف بعهدة المجلس العدلي، وتنتهي مهمة المحقق العدلي، وتسقط طلباته التي سينظر بها المجلس العدلي، الذي سيبدأ بالنظر بالدفوع الشكلية للمتهمين الذين ترد أسماؤهم في القرار الاتهامي، خصوصاً الذين يطعنون بصلاحية المجلس العدلي بمحاكمتهم من رؤساء ووزراء.

شهر تشرين الثاني سيكون بالنسبة لمجلس النواب شهر قانون الانتخاب، حيث سينظر اليوم برد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للقانون، مسجلاً الاعتراض على موعد الانتخابات والدائرة المخصصة للمغتربين، وقالت مصادر نيابية إن احتمال أن يدخل المجلس النيابي تعديلاً على القانون لجهة الدعوة لتضمين لوائح الشطب أسماء الناخبين الذي يتمون سن الواحدة والعشرين مع نهاية ولاية المجلس النيابي بمعزل عن موعد الانتخابات، لمنع استخدام حجة حق الذين يبلغون الواحدة والعشرين بين التاريخين للطعن لاحقاً بالقانون أمام المجلس الدستوري، بينما قالت المصادر إن الأرجح هو توافر الأكثرية اللازمة لإعادة تثبيت القانون وهي أكثرية خمسة وستين نائباً، وتوقعت المصادر تعرض القانون للطعن أمام المجلس الدستوري، مبدية الثقة من تحصينه من الإسقاط، خصوصاً إذا تم احتواء الاعتراض الخاص بالمهل، لأن الدائرة الخاصة بالمغتربين تشوبها نقاط ضعف دستورية وهذا أحد أسباب التخلي عنها لكونها تناقض النص الدستوري بضرورة مراعاة التوازن بين المناطق والطوائف في التمثيل النيابي، واعتماد منح غير المقيمين حقاً مساوياً للمقيمين في الانتخاب لنواب الدوائر التي ينتمي إليها الناخبون، لكن المصادر تقول إنه في أحسن الأحوال سيستهلك الطعن شهر تشرين الثاني، إذا انتهى من دون حاجة المجلس لإعادة النظر بالقانون، أما إذا انتهى برد القانون من المجلس الدستوري فهذا يعني أنه لن يكون هناك قانون انتخاب ناجز قبل بداية العام، ما سيعني طرح الحاجة  لتمديد ولاية المجلس النيابي لشهر على الأقل لتأمين سريان المهل التي سيكون صعباً اختصارها أكثر.

السجال حول قانون الانتخابات ليس إلا فرعاً من أصل هو السجال الذي انفجر على خلفية الموقف من القاضي طارق بيطار بين حركة أمل والتيار الوطني الحر، وشكل الوزير السابق سليم جريصاتي أحد عناوينه وأطرافه، وتبادل الطرفان اتهامات سقفها مرتفع، دفعت مصادر سياسية للتذكير بأن الخلاف بين حركة أمل والتيار الوطني الحر بات يشكل مصدر الخلل الرئيسي في الحديث عن أكثرية نيابية، وسط تفكك قوى الرابع عشر من آذار، وحالة التجاذب بين مكونات تحالفات حزب الله التي تشكل خلافاتها سبباً كافياً لعدم تمثيلها أكثرية نيابية على رغم امتلاك مجموعها للعدد الأكبر من النواب، ففي الشؤون التشريعية يبدو في أغلب القضايا أن التمسك بالقانون الحالي شكل نقطة لقاء بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر ومثله الموقف من تعديل سن الانتخاب إلى الثامنة عشر سنة، والموقف من المحقق العدلي طارق بيطار، بينما تلتقي القوات مع أمل والمستقبل والاشتراكي في الموقف من الدائرة الاغترابية وموعد الانتخابات.

في خضم الحرب المستعرة بين المكونات السياسية، يبدو واضحاً أن لم شمل الحكومة لا يزال بعيداً، علماً أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يكثف اتصالاته مع المعنيين بهدف تليين مواقف القوى كافة ومعاودة عقد جلسات مجلس الوزراء، بخاصة أن لا مصلحة لأحد باستمرار الوضع على ما هو عليه.

وفي ظل هذا المشهد، فإن المسار القضائي يتقدم على ما عداه، فقضية استدعاء رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في ملف أحداث الطيونة من قبل المحكمة العسكرية لتقديم إفادته، قضائياً أمام مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي تفاعلت في اليومين الماضيين، حيث رأى مكتب النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات أن إشارة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بتكليف مديرية المخابرات للاستماع إلى رئيس حزب القوات اللبنانية هو موضوع متابعة من قبل السلطات المعنية لمعرفة ما إذا كان التكليف يرتب استجواباً في فرع المخابرات أم عند القاضي صاحب التكليف من دون أن يكون هناك أي تحديد لأي مهلة زمنية.

ويقول الخبير الدستوري والقانوني عادل يمين لـ»البناء» يفترض أنه عندما يدعو القضاء أحد الأشخاص بصفة شاهد للإدلاء بإفادته أمامه أن يكون ذلك تم بناء على معلومات ومعطيات وإفادات مشتبه بهم أو مدعى عليهم أوجبت على القاضي من أجل إنارة التحقيق أن يستمع إلى هذا الشخص بصفة شاهد، أما إذا امتنع الشخص عن الحضور المطلوب بصفة شاهد فيكون أمام القاضي أحد احتمالات ثلاثة:

أن يصرف النظر عن الاستماع إلى شهادته في حال تبين له لاحقاً في ضوء مجريات التحقيق أنه لم يعد من لزوم للاستماع إلى إفادته وأنه يمكنه الاستغناء عنها.

أن يقرر فرض غرامة على الشاهد بسبب امتناعه عن الحضور بعد تبليغه أصولاً.

أن يقرر إحضار الشاهد بالقوة وبذلك يفترض أن يتم إحضار الشاهد بواسطة القوة العامة، علماً أنه لا يستطيع الشاهد أن يشترط على القاضي من أجل حضوره والاستماع إلى شهادته شروطاً معينة، من مثل أن يشترط على القاضي أن يستمع إلى شهود آخرين في القضية، وهذا الأمر يعود إلى تقدير القاضي وهو سيد الملف.

وشدد رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، على أن «من كان لديه شرف يجب أن يعتذر إذا أخطأ، والمرتكب يعلم أنه أخطأ، لأنه اعترض على مسيرة قصدت تغيير قاض خرج عن سلوكيات الصدقية في التحقيق».

وأضاف: «اعترض على من خرجوا بالمسيرة، معتبراً أنهم باحتجاجهم على استنسابية هذا القاضي قد تطاولوا على القضاء».

وتابع: «أما استدعاؤه (سمير جعجع) لدى المحكمة العسكرية فيحق له أن يرفض المثول أمامها»، متسائلاً «أي صدقية لديك»؟ معتبراً أن «كلامه هراء، وهو تطاول على البلد وليس على سيدنا فقط، ويقومون بكل شيء كي يسترون عنصريتهم».

ولفت وزير الخارجية ​عبدالله بو حبيب، في مقابلة تلفزيونية، إلى أن «الأحداث التي جرت الأسبوع الماضي انعكست سلباً على مسار الحكومة، وليُصدر المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت، ​القاضي طارق البيطار​، القرار الظني «ويخلصنا» من هذا الموضوع»، لافتاً إلى أن «هناك صعوبة بانعقاد جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع بسبب سفر رئيس الحكومة ​نجيب ميقاتي​ ومعه عدد من الوزراء إلى خارج ​لبنان.

 إلى ذلك عادت حرب البيانات مجدداً بين التيار الوطني الحر وحركة أمل على خلفية أحداث الطيونة والمحقق العدلي طارق البيطار ورد رئيس الجمهورية لقانون الانتخاب.

وإذ ثمّن التيار الوطني الحر مبادرة رئيس الجمهورية في ممارسة حقه الدستوري في رد التعديلات التي أدخلتها الأكثرية النيابية على قانون الانتخاب، فأسقطت منه البنود الإصلاحية الأساسية. وجدد التيّار الوطنيّ الحرّ إدانته «مشهدية الفتنة الميليشوية التي ظهرت في الطيونة بوجهيها الاستفزازي والإجرامي، والتي شهد اللبنانيون على تواطؤ وتناغم كتلتيها في مجلس النواب. ويؤكد ‏التيّار في المقابل تمسكه بمشهدية تفاهم مار مخايل النقيض لثنائية تواطؤ الطيونة.

في المقابل قالت حركة أمل إن التيار الوطني الحر تيار يحاول استغلال تفاهم سياسي في مار مخايل لزرع الفتن والمس بالتحالف المتمثل بالثنائية الحقيقية بين حركة أمل وحزب الله، والذي تعمد بدماء الشهداء الذين سقطوا في الطيونة جنباً إلى جنب، ليجسدوا عمقه في مواجهة تسييس القضاء عبر الغرفة السوداء برئاسة سليم جريصاتي والتي تحرك وتدير عمل القاضي طارق بيطار، وفي مواجهة منطق التعصب والانعزال الطائفي الذي يعيشه التيار وجمهوره، وهو الذي يعرف تماماً أننا لم نتحالف يوماً مع حزب القوات اللبنانية. واعتبرت حركة أمل أن «كل ما ورد في بيان التيار ورد الرئيس (رد الرئيس عون تعديلات قانون الانتخابات إلى المجلس) ما هو إلا تغطية وهروب.

وأشار الوزير السابق سليم جريصاتي في بيان من جهته رداً على «أمل» إلى أنه «إذا كانت سياسات حركة «أمل» وتموضعاتها الوطنية والإقليمية مبنية على مثل هذه الاتهامات الزائفة والمعزوفات المملة، فهنيئاً لها وأبواقها الإعلامية المواقف الفاشلة بانبهار. من الخفة والظلم والعيب والجرم اتهام المحقق العدلي في انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار بأنه يتحرك بإملاء من «غرفة سوداء» بإدارتي وإشرافي. كاد المريب أن يقول خذوني يا إخوة. اتقوا الله وعودوا إلى ثوابت إمامنا المغيّب، فهو الركن أن خانتكم أركان».

 انتخابياً، تتجه الأنظار إلى جلسة اللجان المشتركة، في تمام الساعة العاشرة والنصف من صباح يوم غد الثلثاء، وذلك لدرس رد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قانون الانتخاب. وكان قد وافق مجلس النواب الأسبوع الماضي، على بند تقريب موعد الانتخابات النيابية إلى 27 آذار المقبل.

 وأشارت مصادر متابعة للملف، إلى أن هناك اتصالات تجرى من أجل إجراء الانتخابات في 15 أيار المقبل، معتبرة أن بمعزل عن التوقيت الذي لا يزال محل اختلاف، فإن التحضيرات للانتخابات على المستوى اللوجستي وغيره تفترض أن تكون الحكومة في حالة انعقاد، وهذا يعني أن على المعنيين اعتماد سياسة الفصل بين الملفات القضائية والحكومة لتمرير ما يمكن تمريره على المستوى الاقتصادي من جهة وعلى مستوى الانتخابات من جهة أخرى وإلا سيكون الاستحقاق الانتخابي أمام خطر عدم إجرائه.

وأشار وزير الخارجية إلى أن «هناك ضغطاً دولياً كبيراً على إجراء ​الانتخابات النيابية​ في موعدها وأنا شخصياً مع أن تبقى في شهر أيار من عام 2022، فمجلس النواب تنتهي ولايته في 21 أيار لذلك فإن الانتخابات ستجرى قبل هذا التاريخ».

وفي سياق رد الرئيس ميشال عون للقانون المتصل بالانتخابات، قال الخبير الدستوري عادل يمين لـ»البناء» إن هذا الرد أتى من ضمن الحق الدستوري العائد للرئيس بأن يعيد القانون لو رأى ذلك مناسباً للمجلس النيابي، وبذلك يصبح بحل من إصداره وذلك خلال المهلة المخصصة للإصدار، وهذا ما فعله الرئيس عون لأنه اعتبر أن القانون مخالف للدستور لأنه يحرم أعداداً كبيرة من الناخبين اللبنانيين الذين بعملية تقصير المهل لا يبلغون عمر الـ 21، كما أنه يحرم المنتشرين من حقوق مكتسبة أعطاهم إياها قانون 44/2017 بأن يكون لهم ممثلون في بلاد الانتشار، كما من شأنه أن يقصر مهلة التسجيل أمامهم في بلاد الاغتراب، فضلاً عن أنه يعقد عملية إجراء الانتخابات في 27 آذار حيث يكون الطقس عاصفاً ومثلجاً، كما هو محتمل وهذا من شأنه تقليل مشاركة الناس، وهذا يتناقض مع مبدأ الشعب مصدر السلطات وحق اللبنانيين بالانتخاب والانتقاص من مدى مشروعية العملية الانتخابية.

 وأضاف يمين إذا أصر المجلس النيابي على القانون الذي رده الرئيس عون فيتعين عليه أن يؤمن تأييد الغالبية المطلقة من عدد الأعضاء في القراءة الثانية للقانون، أي 65 نائباً على الأقل مؤيدين للقانون، وليس فقط كحاضرين في الجلسة النيابية المخصصة للقراءة الثانية للقانون، وفي حال أقر البرلمان بالغالبية المطلقة من عدد أعضائه القانون بالقراءة الثانية وجب نشر هذا القانون، وإزاء ذلك يكون من حق الرئيس عون كما من حق عشرة نواب كما من حق رئيس البرلمان ورئيس الحكومة الطعن بالقانون خلال مهلة 15 يوماً من نشره أمام المجلس الدستوري، الذي سيكون أمامه الحق فور ورود طلب الطعن أمامه أن يقرر وقف تنفيذه إذا أراد عند ورود الطعن بصورة موقتة لحين البت بأساس الطعن، وهذا البت يفترض أن يبت في مهلة تقارب الشهر، وبنهايتها يكون من حق المجلس الدستوري إما رد المراجعة أو قبولها كلياً وإبطال القانون برمته، أي القانون التعديلي، وإما إبطال القانون بصورة جزئية في المواد التي يعتبرها غير دستورية.

إلى ذلك رأت مصادر نيابية في كتلة التحرير والتنمية لـ»البناء»، أن مبررات مكون سياسي للاعتراض على التعديلات التي أقرها البرلمان على القانون هي في غير مكانها ويشوبها التباسات، فحتى إبراز الرئيس عون للأسباب التي دفعته إلى ردّ القانون دونها قطب مخفية كثيرة، مشيرة إلى أن هناك محاولات تجرى لمنع حصول الانتخابات في موعدها، لكن البرلمان سيقوم بواجباته كافة حيال رد القانون لجهة إعادة درسه وإقراره.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى