مقالات وآراء

جورج قرداحي هذا ذنبك…

} يوسف الصايغ

غريب أمر البعض في بلادنا من سياسيين مزعومين وأبواق إعلامية، فهم لا تنفر عروقهم ولا تصدح حناجرهم، إلا عندما يتعلق الأمر بأولياء نعمتهم في بلاد الصحارى، فتراهم يتزاحمون من أجل تقديم فروض الطاعة، كي يكونوا ملكيّين اكثر من الملك وأهله نفسهم.

هي ليست المرة الأولى التي يخرج هؤلاء بأبواقهم الممجوجة وتغريدات غبّ الطلب، لتوجيه الانتقاد والتهويل بالثبور وعظائم الأمور، لماذا؟ لأنّ شخصاً ما في موقع إعلامي معيّن وأصبح لاحقاً وزيراً للإعلام، عبّر عن رأيه بشكل حضاري وضمن الآداب والسلوكيات وبكلّ رقيّ، في ما خصّ العدوان الذي يتعرّض له اليمن، وللأسف من دول عربية شقيقة.

جريمة الإنسان والإعلامي والوزير جورج قرداحي أنه أعلن موقفه الشخصي، والذي يعبّر عن موقف الملايين في العالم العربي والعالم أجمع، مما يحصل في اليمن من قتل للأطفال والنساء والشيوخ تحت مرأى العالم ومسمعه بدون أي ذنب، سوى أنهم يرفضون الخضوع لأهل «الأمر والنهي» في مملكة الرمال.

لماذا تصمت كلّ الأبواق عندما تخرج الصحافة الأجنبية ووسائل الإعلام الغربية بتقارير أو أخبار عن جريمة قتل جمال الخاشقجي التي تعتبر جريمة العصر نظراً لبشاعتها وفظاعتها، فهل يُعقل أننا في القرن الحادي والعشرين نسمع بجريمة تقطيع صحافي ووضعه في حقائب، فقط لأنه عارض بالكلمة والموقف حكم آل سلمان في بلاد الحجاز؟

أليست هذه الجريمة هي قميص عثمان التي يستخدمها الغرب كلما أراد ابتزاز آل سعود، لتحصيل بضع مليارات منهم كما فعل ترامب وابنته خلال الزيارة الشهيرة تحت ظلال السيوف؟ ولهذه الغاية يتمّ تسريب معلومة من هنا او خبر من هناك عن جريمة قتل الخاشقجي كلما اقتضت الحاجة، فأين هم أدعياء الدفاع عن أولياء نعمتهم لا ترتعد فرائصهم عندما يتعلق الأمر بالصحافة الأجنبية او الإعلام الغربي؟

حقا اننا في زمن القحل الأخلاقي والإعلامي حيث تصبح الكلمة ممنوعة، والتعبير عن الرأي جريمة، فما الفرق بين من يريد أن يقمع الرأي الحر او يكمّم الأفواه وبين مجرمي «داعش» الذين يدّعون تنفيذ شريعة الله على الأرض، فيجزّون الأعناق ويقطعون الأيدي ويحرقون الأجساد، الى ما هنالك من أساليب وحشية لا تمتّ للإنسانية بصلة.

هل تعلم ما هو ذنبك يا جورج قرداحي؟ ببساطة كان يجب ان تخرج لتهاجم جمال الخاشقجي لأنه أقدم على قتل نفسه تقطيعاً بمنشار، وكان يجب ان تشتم أطفال اليمن ونساءه وشيوخه لأنهم يرمون أجسادهم تحت قنابل «عاصفة الحزم» المزعومة، والتي تنزل محمّلة بـ «النخوة العربية».

وربما عليك أيضاً أن تشتم أهل فلسطين وأبناء غزة الذين يرفضون الوقوف مع ملوك ومشيخات الخليج الذين يرفضون التطبيع ويعملون ليل نهار من أجل تحرير القدس والأقصى، ولاحقاً الجولان ومزارع شبعا، عذراً فنحن في زمن شراء الذمم بالبترودولار، وأصحاب الضمير الحي أمثال جورج قرداحي لا مكان لهم في أسواق النخاسة الإعلامية والسياسية، فنحن في «زمن اللاإنسانية»…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى