الوطن

مواقف مندّدة بوعد بلفور المشؤوم: لأوسع تحركات شعبية رفضاً للتطبيع ودعماً للحقوق الفلسطينية وتحرير الأرض

في ذكرى وعد بلفور الذي منحت بموجبه بريطانيا الاستعمارية أرض فلسطين للصهاينة، صدرت مواقف ندّدت بالوعد المشؤوم، معتبرةً أنه «رغم انقضاء أكثر من مائة عام على تلك الجريمة الموصوفة، ما زال شعبنا يقاوم نتائجها الكارثية على الأمّة وما تبعها من نكسات ونكبات». ودعت إلى أوسع التحركات الشعبية العربية والفاعليات رفضاً للتطبيع ودعماً للحقوق الوطنية الثابتة غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني وإلى تحرير كل فلسطين.

وفي هذا الإطار، غرّد النائب قاسم هاشم عبر «تويتر» كاتباً «إن نسي العرب والأحرار لن ينسوا الثاني من تشرين حيث كان (وعد بلفور) الذي كتب أول أحرف في كتاب الظلم العالمي الذي قادته دولته لإنشاء كيان للصهيونية العالمية على حساب فلسطين وشعبها ولتكون تلك اللحظة بداية مرحلة الظلم والعدوان والتي أسّست لكل ما يعيشه العالم من همجية وعدوانية».

من جهتها، رأت الأمانة العامّة للمؤتمر العام للأحزاب العربية، في بيان، أنه «رغم انقضاء أكثر من مائة عام على تلك الجريمة الموصوفة، ما زال شعبنا يقاوم نتائجها الكارثية على الأمّة وما تبعها من نكسات ونكبات».

 واعتبرت أنه «منذ أن منحت بريطانيا الاستعمارية بموجب هذا الوعد ما لا تملك لمن لا يستحق والذي جسّد تلاقي مصالح الاستعمار البريطاني مع مصالح الصهيونية العالمية، لتهويد فلسطين وتفتيت البلدان العربية والحيلولة دون وحدتها وتطورها، هذا الوعد جريمة عظمى ارتكبتها الحكومة البريطانية في حق شعبنا الفلسطيني بسعيها لحل المسألة اليهودية في أوروبا على حساب حقوقه الوطنية خدمةً للمصالح الاستعمارية والصهيونية».

 أضافت «لا يزال شعبنا الفلسطيني وأمتنا يدفعون ثمن هذا الوعد الذي يخالف مبادئ القانون الدولي وحق الشعوب في تقرير مصيرها واستقلالها الوطني. والذي أدى إلى إقامة الكيان الصهيوني في قلب الأمة  ونستذكر في هذا المجال تقرير كامبل لعام 1907 واتفاقية سايكس بيكو لعام 1916، وفصل فلسطين عن الأمّة. وفق اتفاقية فرنسا لعام 1919 وقرار التقسيم غير الشرعي والمجازر الجماعية التي ارتكبتها العصابات اليهودية الإرهابية المسلحة والحروب التي أشعلها الكيان الصهيوني وطرح مشروع تقسيم فلسطين وإقامة الكيان الصهيوني هي من أكبر الجرائم في تاريخ الإنسانية التي ارتكبتها كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية والأمم المتحدة في حق الشعب الفلسطيني والأمّة جمعاء».

 وتابعت «إن مرور السنين لا يُمكن أن يضفي الشرعية على الكيان الاستعماري الاستيطاني اليهودي في فلسطين، لذلك يرفض شعبنا وأمتنا وعد بلفور المشؤوم وتقسيم فلسطين وإقامة «الكيان الصهيوني» على أرضها، كما يرفض الصلح والاعتراف والتطبيع معها ويصرّ على عودة الحقوق الوطنية إلى شعبها وتحرير فلسطين التاريخية من الاستعمار الاستيطاني العنصري الصهيوني».

 وأكدت دعمها «مطالبة الشعب الفلسطيني تحميل بريطانيا كامل المسؤولية عمّا حل بفلسطين وشعبها العربي من ظلم فادح وحروب وخراب وقتل واغتيال وترحيل وتهويد وتقديم دعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة قادة بريطانيا على هذه الجريمة النكراء باعتبارهم مجرمين في حقّ الإنسانية».

 كما أكدت «وجوب إلغاء اتفاقات الذلّ والإذعان والاستسلام في كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة وقطع العلاقات الديبلوماسية مع العدو الصهيوني ووقف جميع أشكال التطبيع معه وتشديد المقاطعة العربية له»، مشددةً على «خيار المقاومة بكل أشكالها لأن العدو الصهيوني لا يفهم إلاّ لغة القوة، لأن القوة هي القول الفصل في إثبات الحقّ القومي وما أُخذ بالقوة لا يُستردّ إلاّ بالقوة».

 ودعت «الجماهير والقوى والفاعليات السياسية والنقابية والاجتماعية والثقافية العربية إلى القيام بأوسع التحركات الشعبية والفاعليات رفضاً للتطبيع ودعماً للحقوق الوطنية الثابتة غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني وإلى تحرير فلسطين كل فلسطين بأرضها ومقدساتها من رجس الاحتلال الصهيوني».

واعتبر المنسق العام للحملة الأهلية لنصرة فلسطين وقضايا الامة معن بشور «أنّ وعد بلفور البريطاني لم يكن فريداً في تاريخ فلسطين المعاصر فقد سبقه وعد نابوليون حين غزا مصر في أواخر القرن الثامن عشر، ووعد « بالمرستون» رئيس وزراء بريطانيا في أربعينيات القرن التاسع بعد الخطر على المصالح الفربية الذي أحدثه نجاح محمد علي وابنه  إبراهيم باشا في الوصول الى هضبة الأناضول شمالاً، وجزيرة العرب شمال، فتحدث بالمرستون عن ضرورة قيام حاجز بين مصر وبلاد الشام، وجاء مع وعد بلفور وعد سايكس – بيكو لتجزئة الأمة العربية  خدمة للمشروع الصهيوني، كما جاءت بعده خيانات حكام عرب في حرب 1948. وأحلاف ومشاريع استعمارية تحمل كلها شيئاً من وعد بلفور وتسعى لتحقيقه وصولاً الى ما نراه اليوم من «وعود»  الحروب والفتن في البلاد العربية يطلقها النظام الرسمي العربي، لا سيما بعض المهيمنين عليه، واتفاقات تطبيع وتحالف يعقده البعض مع الكيان  الغاصب، وكلها تسعى لتحويل الوعد البريطاني الى حقيقة عربية شاملة تلغي كل مقاومة لها، وتدمّر أيّ قطر يقف في وجهها…

لذلك ما زلنا نعيش عصر بلفور المتجدد في ما نشهده من حروب على مصر والعراق ولبنان وسورية والجزائر واليمن وليبيا والسودان وداخلها، وفي ما نراه من تحالفات تعقد مع العدو باسم التطبيع وتسعى لإبقاء الوطن العربي كله في حال من عدم الاستقرار …

لكن الجديد في الأعوام الأخيرة أن مقاومة وعد بلفور والوعود المماثلة المتجددة قد باتت أكثر صلابة وفعالية وقدرة من ما سبقها من مقاومات فلسطينية وعربية لم تتوقف اصلا منذ وعد بلفور، وبات الكيان الذي وعد به وزير خارجية بريطانيا أكثر هشاشة وأقرب الى الاندثار حسب كبار المحللين الصهاينة والأميركيين أنفسهم.

وتابع بشور: بين وعد بلفور وسايكس بيكو تناغم ليس في الزمن وحده (زمن الحرب العالمية الأولى) بل أيضاً في الهدف الذي هو تمزيق الأمة وتمكين أعدائها من السيطرة الدائمة عليها، لذلك فاذا كان الردّ على وعد بلفور بالمقاومة الممتدة من فلسطين والى دول الطوق والجوار والعمق، فإنّ الردّ على سايكس ـ بيكو يكون بالوحدة، وحدة داخل الأقطار وبينها…

فالمقاومة تنتصر بالوحدة… والوحدة تتحصّن بالمقاومة… والمقاومة لا تكون قادرة على تحقيق أهدافها إلا بالوحدة، والوحدة لا يمكن تحقيقها إلا بالمقاومة بكلّ اشكالها وبوجه أعداء الأمة.

وأكد رئيس الهيئة الإدارية لـ»تجمّع العلماء المسلمين» الشيخ الدكتور حسان عبد الله في كلمة له خلال لقاء لمجلس التجمّع المركزي، استنكاراً وشجباً لوعد «بلفور»، أن «ارض فلسطين ليست ملكاً لبريطانيا لتعطيها لمن تشاء وكل حكام العرب لا يملكون أن يتنازلوا عن شبر من أرضها وهي ملك للمسلمين حتى قيام الساعة وسيحررونها». ودعا إلى «إقامة دعوى من الشعب والمؤسسات المدنية الفلسطينية ضدّ بريطانيا»، كما دعا «الفصائل الفلسطينية كافة لحمل ما تيسّر لها من سلاح والعمل على الضغط على العدو الصهيوني للتراجع عن مشاريعه التهويدية وإبقاء شعلة الجهاد متقدة حتى يمنّ الله على أمتنا بمن يقود جحافلها ويحرّرها من الصهاينة الغاصبين».

 ورأى أن «دول الاستكبار العالمي بأجمعها تدين بالولاء للكيان الصهيوني لذا فإن تعليق الآمال على أن يقوموا بإعطائنا حقوقنا هو من قبيل التمسك بالأوهام».

وللمناسبة رأى السيد علي فضل الله عبر حسابه  على «توتير»، أن «معظم ما نعانيه في بلداننا هو من تبعات هذا الوعد الذي يمثّل وصمة عار على جبين كل من فتح باب الشرعية لهذا الكيان، من دون أي مبرّر قانوني أو شرعي أو إنساني وهؤلاء جميعاً يتحملون المسؤولية عن كل ما جرى للشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة».

وقال «يبقى الرهان على وحدة الشعب الفلسطيني ومقاومته ومعه الشعوب العربية والإسلامية لمواجهة التداعيات المستمرّة لهذا الوعد واستعادة الأرض مهما كانت التضحيات».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى