أخيرة

الحقيقة متكوِّرة…

صُعِقَ محدّثي حينما قلت له وأنا أحاوره… إنك يا عزيزي حينما تلجأ برمّتك الفكرية والمرجعية إلى آية… «يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم» كسندٍ مطلق إلى تقرير الإطاعة التامة لولي الأمر فإنك ملتبس إلى أبعد الحدود في فهم المتن وليس في أيّ شيءٍ آخر… فالآية تدعو إلى الطاعة في حدود الله وفي ما يرضي الله والرسول… والدليل على ذلك أنّ أحاديث أتت لاحقاً لتضع النقاط على الحروف، وهي أحاديث صحيحة وليست موضوعةً كما دأب بعضٌ من محدثي الحديث على إيلاجه عنوة إلى منطقة الموروث الغير قابلٍ للنقض.

* إن أعظم الجهاد عند الله… كلمة حقّ عند سلطان جائر. لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق .

ولن أغامر في إضافة «الساكت عن الحق شيطان أخرس»… وأدّعي طلباً للحذر، أنّ هذا هو من موروث التراث الإنساني الذي يقترب كثيراً من القداسة. كيف يستوي ما صحّ من الحديث في هذه المسألة مع ما تدّعيه وهّابيتكم من الطاعة المطلقة لوليّ الأمر. ثم بُهِتَ محدّثي حينما أضفت بأنّ المشكلة لدى من أحسن النيّة لديكم، ولا أشمل ها هنا سيّئي النيّة، فهؤلاء هم خارج نطاق أولئك الساعين لاستخلاص الحقيقة… المشكلة لديكم ـ صديقي ـ أنكم أغلقتم على الحقيقة كلّ منفذ، وأصبح لديكم مصدر الحقّ والحقيقة محصور في نطاق واحدٍ… لا تطيقون التماس أيّ صدقٍ إلّا في ما هو لديكم والغث فيه كثير… أنتم كمن نظر إلى الكرة الأرضية، وكان يواجه الصحراء العربية، فقال من فوره… الأرض كلها صفراء… وهي برمّتها صحراوية… أو كمن نظر الى الأرض وهو يواجه جبال روكي، وقال متعجّلاً… الأرض كلها جبالٌ ومرتفعات شاهقة… أو كآخر نظر الى غابات الأمازون وقفز إلى جزءٍ من الحقيقة قائلاً… الأرض كلها غابات، ولا شيء سوى الغابات… عليكم أن تقلِّبوا الأمور ذات اليمين وذات الشمال… ذات الشرق وذات الغرب حتى تدركوا الحقيقة على إطلاقها… فالحقيقة متكوِّرة، قلتها له بالإنجليزية Truth is Hemispheric، فهو أميركي دخل إلى الوهّابية حديثاً… ظانّاً أنه قد أسلم!

سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى