حديث الجمعة

كان الوطن

كان الفرحُ عميماً قبل أن يقبضوا على أرواحِنا.

قبل أن يقسِّموا أعمارَنا لنفوذِهم وطوائفِهم وزعاماتِهم البالية.

قبل أن تطفو الجرائم على السَّطح منذ أن نهبّوا ما تبقى من أحلامِنا بوطن.

لم تكن أحلامي كبيرة بعض السَّكِينة لضحكة أحفادي أتعشق رائحة أجسادهم الطرية، وهي تشق دربَ حياةٍ سعيت لتكون لجيلِهم أقل قسّاوة على أقدامِهم مما عانينا.

عمرٌ آخر لقراءةٍ وكتابة يُكملُ مسّيرةَ تعبٍ بدأتُها بإستعجالٍ بشَّغف من دون درايةٍ مني أن لا شيءَ يستحق كل هذا الإستعجال قبل أن تسقط الأوهام.

كنت أُسابقُ العمرَ قبل أوانِه منذ طفولتي المُتلبسةِ بألعابِ الكبار على إختلافِها.

صورتان نقيضتان.

فرحُ الأعيادِ، زينةٌ آسرة للأيدي، محمّلةً بالهدايا وألالعاب تعيدُ إليَّ سنواتٍ خَلَّت كنت وشقيقتي، نُحوِّلُ منزليّنا مسرحاً يَفِّد إليه بابا نويل موزعاً قهقهةً تَدخلُ ثقوبَ جدران الأحياء المحيطة والمباني.

دمعتي تُسَّخِن وجنتيَّ. تزيح الجليد عن وجهي.

أعبرُ وجوهاً بلا ملامح. طاغيٌ الفرحُ من ثقب العيون البارزة والوجوه المتخفية بأقنعةِ الكوفيد.

تقفزُ أماميّ صورُ المسروقةِ أعمارهم المنهوبة، المسلوبة طفولتهم في وطني المخطوف لفجورِ أسيادِه وأصحابِ القرار.

دلال قنديل ياغي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى