الوطن

التويني: العرب على رأس قائمة الغُبن الغربي والدولي

رأى الوزير السابق نقولا التويني، أنّ «أميركا غدت بعد الحرب العالمية الثانية قوة أولى أو ثانية بعد الاتحاد السوفياتي وتقاسما الانتصار على النازية. وتوغلت أميركا في أوروبا الغربية مع مشروع مرشال الإنمائي لدول أوروبا الغربية، وغدت موسكو في مشروع الكوميكون للتكامل الاقتصادي بين دول أوروبا الشرقية، وكانت مباراة في التنافس الاقتصادي والعسكري والاجتماعي».

 وقال “موسكو تريد تعميم الاشتراكية الموجهة، وواشنطن الليبرالية الإنسانية العطوفة على الحريات، كانت صورة أميركا التي ساهمت في تحرير أوروبا من الأشرار النازيين، صورة مشرقة لدولة عطوفة غنية وسخية في العطاء وبدأت هوليوود ومراكز أوروبية تنتج الأفلام التاريخية عن أبطال أميركا في حربهم ضد الأشرار الألمان وعمّمت السياسة الخارجية الأميركية هذا التوجه واستفادت منه في التوسع شرقاً وغرباً واحتلت اليابان وأخذت تنافس الاتحاد السوفياتي في آسيا وجنوب شرقها. فهُزمت في كوريا الشمالية نصف هزيمة وهزيمة كاملة نكراء في فيتنام وكذلك في مواقع محدّدة في أميركا الجنوبية وبات للعالم حدود دولية لكل دولة وحدود ضمنية لكل دولة ضمن تقاسم الجبارين هذا حتى سقوط الاتحاد السوفياتي في تسعينات القرن العشرين، ما شكل انهياراً كاملاً للكتلة الشرقية الأوروبية وارتدادات وأزمات اقتصادية واجتماعية لم يشهدها التاريخ الإنساني من قبل”.

 أضاف “بيد أن سقوط الاتحاد السوفياتي كان له الأثر السيء الكبير على سياسة الولايات المتحدة الداخلية والخارجية، إذ تخلّت أميركا في السياسة الداخلية عن المساعدات الاجتماعية للطبقات المتواضعة وتعاظمت الخلافات الإتنية بين الأصول الإفريقية والإسبانية والأوروبية، وزاد الهامش بين الفقراء والأغنياء بشكل مضطرد وباتت حفنة من الأغنياء تتحكم بأكثرية الثروة والدخل وزاد عدد السجناء والمهمشين بينما انتهجت في السياسة الخارجية نمطاً انفعالياً عدوانياً يُذكّر بطرق الاستعمار القديمة فباتت تؤيد حركات الانفصال العرقية والمذهبية في كل مكان من أميركا إلى آسيا إلى أوروبا الشرقية والبلقان إلى البلاد العربية، فكانت الهجمات واحتلال العراق وأفغانستان وقسم من سورية والاعتراف غير المشروط بمشيئة الكيان الصهيوني المجرم والاعتراف باغتصاب أراضٍ فلسطينية وأردنية وسورية ولبنانية لصالح إسرائيل العظمى وانتهاج سياسة مفرطة في الانحياز والظلم تجاه العرب كل العرب، وتقويض السياسة الأوروبية في خط الانحياز الصهيوني الظالم غرم كل الجرائم والعدوان اليومي الصهيوني”.

 وتابع “لذلك، يتجه العالم، وهو على فلق عدم التوازن الدولي، لتلقف الحلف الشرقي غير المعلن بين القوة العسكرية الروسية الهائلة والحديثة والقوة الصينية الاقتصادية النامية وسائر دول آسيا بما فيها الهند واليابان وكوريا، بعد أن عادت الدول الشرقية إلى مسيرة التاريخ الفاعل بعد أكثر من ثلاثة قرون من المسيرة التاريخية الدفاعية الخجولة أمام الاستعمار الغربي. إن مسيرة الدول الشرقية متنامية بفعل النمو الاقتصادي والدفاعي ورجوع موسكو وبيكين إلى الساحة الدولية، يُعتبر تقدماً على طريق احتواء التصرفات الغربية التي تذكرنا بالغرب في مرحلة الاستعمار في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، ونرى كيف أن الجيوش الغربية انكفأت من العراق وأفغانستان، لكونها تحركت من الانحلال الاستعماري وغلبها منطق الحق الدولي وحرية الشعوب”.

وأكد أنه يوافق “حكّام الشرق أو الكتلة الشرقية عندما يصرّحون أنهم يعملون لتصحيح اعوجاج العلاقات الدولية في اتجاه الحقوق العادلة للشعوب، عبر كبح المغامرات الغربية الفاشلة لحكم الشعوب والتبشير الديمقراطي”، معتبراً أنه  “لن يستتب أو يهدأ الصراع العالمي إلاّ باسترجاع الحقوق المغدورة وإعادة التوازن بين غرب ظالم وشرق متصاعد وإحلال جدلية تنافسية في النفوذ الدولي من جديد. والمنافسة المتعددة الأطراف على النفوذ العالمي تدرّ بالنفع على الشعوب المستضعفة والمغبونة، وللأسف نحن العرب على رأس قائمة الغبن الغربي والدولي بعدما قرّر الغرب الأوروبي التبشيري الديمقراطي أن الحلّ النهائي للمشكلة اليهودية هو في تصدير مشكلة اللاّسامية واضطهاد اليهود من أغلبية الشعوب الأوروبية، إلى فلسطين، وسوف نساعدكم على طرد أهلها والاستيلاء على أرضها ومواردها، تم اقناع أرباب اليهود في ذلك الوقت بعد الحرب العالمية الثانية بأن الدولة الدينية الصهيونية العتيدة هي الحلّ، وهذا الحلّ هو الملاذ الآمن الأخير للشعب اليهودي المضطهد من أوروبا على حساب شعب فلسطين».

 وختم “من الفوائد الجانبية لهذا الحلّ، إشعال حرب دائمة مستعرة في ربوع العرب، والقضاء أو إضعاف أي مشيئة وحدوية عربية تمكّن العرب من إنشاء كتلة وازنة تاريخية تتحدّى الكتل العالمية الأخرى وتسلك طريق النمو والرقي والتقدم، وهذا ما حصل وما يحصل لنا منذ أكثر من سبعين عاماً مضت، حرب بدون هوادة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى