أولى

المعادلة السياسية في هندسة الخطاب

} رنا العفيف

مهارة التركيب في الجمل، وتسلسل الصياغة في المعادلة السياسية وتفرع الادّعاءات هي نموذج عمودي يُحتذى به في المصطلحات العلمية التي استخدمها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في الخطاب.

إذ قارن بين القاتل والشهيد، وكيف تتمّ المقارنة والتمايز، حيث قدم للجمهور مهارة الصياغة في تشابك الجمل ما بين العالمي والإقليمي، وأميركا كما وصفها بالعدو كمحور صهيوني، ومجرد المقارنة بين القاتل الذي يدعمه الإرهاب، وبين أولئك الذين يدافعون عن سورية ولبنان واليمن، كما تتطرق إلى القوى المحلية، مستخدماً الكلمات الإنشائية كردع لمحاولة تزوير الوعي،

حزب الله مدرك تماماً ما الذي يفعله في هذه الادّعاءات، ومن منطلق علمي واسع وشامل، وضع معادلات سياسية في ميزان القوى في الإقليم، وتحديداً في ما يخص لبنان والسعودية، بالرغم انه لم يذكر الوزير السابق قرداحي، إلا انه قال: انّ استقالة أيّ وزير لم يؤثر على ذلك، أيّ بالمفهوم السياسي هناك معتد ومعتدى عليه والموضوع لا يتعلق لا بتصريح ولا باعتداء، وعلى هذا النحو تأتي الادّعاءات بوصف العاهل السعودي أنه إرهابي،

 وبالتأكيد تلقف الأمين العام لحزب الله هذا الهجوم لما قام به العاهل السعودي ووصف الحزب بمنظمة إرهابية، مبيّناً اعترافات السعودية بتمويل الإرهاب ودعمه لوجستيا وعسكريا وماديا، والمعنى هنا بقلب المعادلة السياسية التي تقول: حتى ولو كنتَ ملكاً للسعودية لا يحق لك أن تتجاوز الخطوط الحمراء السياسية، ولا يمكن لك إقصاء جزء أساسي من دولة أو أخرى، ولا نسمح لك بالتدخل في الشؤون اللبنانية، وأنتم من اعتديتم على لبنان وليس لبنان الذي اعتدى على السعودية، والردّ الذي جاء من السيد مبيّناً التدخلات السافرة من السعودية على سيادة لبنان.

وبالتالي فإنّ وصف المعادلات السعودية المتكرّرة أتى في إطار تزويد السعودية ولغاية الآن الجماعات الإرهابية بالعتاد وتمويلهم بالدولارات، كي تبقى مهيمنة على السيادة اللبنانية وقراراتها، ونسف حزب الله من المعادلة.

وهنا تكمل مشكلة العاهل السعودي والذي اتهمه حزب الله بشكل مباشر بدعم الإرهاب وتصديره الى سورية ولبنان واليمن، المشكلة نفسية أكثر مما هي سياسية لدى السعودي لماذا؟ كلّ هذا التخبّط!

لأنّ السعودية استثمرت ودعمت الإرهابيين كي تسيطر على بلاد الشام ولبنان وخسرت في هذه المعركة التي دفعت التريليونات في هذة المواجهة، وحاولت مراراً أن تملي على هذه القوى الإقليمية الهيمنة وباءت جميعها بالفشل،

لذا على السعودي ان يفهم انّ السحاب الذي أطلقه لا يهزّ الرأي العام حتى ولو قام ببلبلة الواقع، عن طريق عملائه، وفي النهاية يجب جميعنا أن ندرك حقيقة الخطاب العلمي بتوجيه الادّعاءات السعودية هو ضمن إطار ردّ الفعل السعودي وخسارته التي مُني بها، واذا وسعنا الصورة أكثر ربما حزب الله يشكل خطر على السعودية بما أنها تفكر بفكر المحور الصهيوأميركي، خاصة في ظلّ الانسجام السياسي المتلاحق بالضغوط الصهيونية، ضدّ حزب الله ويخرج في كلّ مرة منها منتصراً، وطبعاً هذا قد يتسبّب بالصرع السياسي للسعودية. وخلاصة الكلام هنا ليس هناك اعتداءات لبنانية على السعودية، بل هناك انتقام سياسي من القوى المحلية التي ردعت الغطرسة الصهيونية في معادلة الإقليم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى