نقاط على الحروف

بلا لفّ ودوران: هاتوا هاتين وتجرّأوا على السلاح؟

 ناصر قنديل

– يتلاقى عدد من القوى السياسية والقيادات داخل لبنان وخارجه على مقاربة سلاح المقاومة بعناوين مباشرة أو مواربة، وقحة وخجولة، حيث يتلاقى من يتحدث عن احتلال إيراني، مع من يتحدث عن الحياد، مع من يتحدث عن السلاح كسبب مشكلة ويقول بربط النزاع حوله، ومن يقول انه يرفض الدعوة لنزع السلاح منعاً لحرب أهلية، أو من يقول انّ حزب الله قوة شعبية وسياسية وإنّ السلاح قضية إقليمية تفوق طاقة الدولة، فكلّ هؤلاء يقولون إما بأنّ مشكلة لبنان هي بسلاح المقاومة، ويضعون في هذا السياق الغضب الغربي والعربي من هذا السلاح، ويفلسفونه بتسميات ربط لبنان بمحور تقوده إيران ومصادرة قرار السلم الحرب وما الى هنالك من مسمّيات، أو يقولون إن لهم ملاحظات على بقاء سلاح المقاومة ويشاركون المعترضين عليه في الكثير مما يقولون، لكنهم لا يرون مصلحة بتحويله الى قضية مواجهة تهدّد السلم الأهلي، أو يعتقدون بأنّ حسم أمره فوق طاقة الدولة اللبنانية والقوى السياسية اللبنانية، وكلّ ضغط عليها لتحمّل هذا العبء يعني مغامرة ومخاطرة وخيمة العواقب.

– لأننا دعونا الآخرين الى التحدث بلا لف ولا دوران، سنقول بلا لف ولا دوران إنّ سلاح المقاومة لن يؤثر في مصيره كلّ هذا التلاعب والعبث السياسي، فهو يملك تغطية شعبية كافية لحمايته، ويملك قدرة عملياتية كافية لمنع استهدافه عسكرياً خارجياً وداخلياً، ولذلك لا يهدف هذا النقاش لإقناع الآخرين بتغيير مواقفهم، خشية ان يؤدي تعنتهم بها الى التاثير سلباً على سلاح المقاومة وتعريضه للخطر، بل يهدف الى كشف النتائج الفعلية لدعواتهم، وتحدّيهم في ميدان الحجة بالحجة أن يثبتوا منطلقاً وطنياً لمزاعمهم، ممن يظهرون عداءهم للسلاح أو الذين يختبئون وراء عدم واقعية طرح مصير السلاح حرصاً على السلم الأهلي، بما يعني تسليماً بالتموضع على ضفة اعتبار السلاح عبئاً على لبنان واللبنانيين.

– ليس مطروحاً العودة للوراء رغم أحقيتها، لجهة مطالبة الجميع بالعرفان بالجميل للمقاومة وسلاحها في ما أنجزت في معركتي تحرير أراض لبنانية من الاحتلال “الإسرائيلي” وأراض أخرى من الإرهاب، وصدّ مخاطر كليهما، والعرفان بالجميل ليس واجباً أخلاقياً فقط، بل هو التزام بضبط الخطاب وفق مقتضياته، وشعور بالخجل لتفوّق مواطنية أهل المقاومة على سواهم، وبعقدة النقص والذنب تجاه الذين سبقوا سواهم في التضحية لأجل الوطن، وتفوّقاً بوطنيتهم ومواطنتهم، وإذا تسامحنا بهذا الطلب المحق، وتسامحنا معه بطلب محق آخر، وهو أنّ أراضي محتلة لا تزال تحت الاحتلال في مزارع شبعا، ولا يجب أن يستهين أحد بفرضية استردادها دون امتلاك القوة، وأنّ الإرهاب الذي تلقى ضربات بنيوية لا يبدو غائباً عن المشهد مع استعادة حيويته في الكثير من الساحات، لكن منعاً للسجال حول قضايا إشكالية وطلباً لوضوح المواقف سنكتفي بطلبين إثنين من كلّ الذين يلتقون بالحديث عن السلاح كعبء على لبنان واللبنانيين، سواء دعوا لحسم أمره سريعاً او ربطوا النزاع تحت عنوان الحرص على السلم الأهلي، وقالوا بجعله موضوعاً للحوار تحت شعار استراتيجية وطنية للدفاع، لا يبدو أنها تهدف لما يقوله اسمها بل باتت اسماً مموّهاً لطرح مصير سلاح المقاومة.

– الطلب الأول هو أن يجيب طرفا الاعتراض، الوقحون والخجولون، على سؤال يتصل بمصلحة اقتصادية ومالية لبنانية حيوية، طالما انّ الكلّ صار عقله في جيبه ويحدثنا عن المصالح، واسترضاء الدول التي تملك مالاً ولو على حساب الكرامة الوطنية، والسؤال هو هل أنتم تؤمنون بأنّ لدى لبنان ثروات من النفط والغاز تشكل اليوم ركيزة رئيسية في أيّ خطة نهوض وإنقاذ، بصفتها مصدراً لعائدات بمليارات الدولارات، التي لن تبلغها كلّ المساهمات والقروض الموعودة من التسوّل والاستجداء والخضوع، واذا كان الجواب نعم وهو كذلك، فتتمة السؤال هي هل تعتقدون أنّ “إسرائيل تتربّص يهذه الثروة، وأنّ الدول الغربية الفاعلة، سواء التي تتقدّم كوسيط في المفاوضات كأميركا أو التي تملك شركات تدير التنقيب كفرنسا، منحازة بالأصل الى جانب “إسرائيل” وتدير موقفها على جدول الأعمال “الإسرائيلي”، واذا كان الجواب نعم وهو كذلك، تصير نهاية السؤال هل لدى لبنان ما يجبر “إسرائيل” على التفاوض بدل سرقة الثروات اللبنانية بقوة الأمر الواقع، وما يجبر أميركا وفرنسا على التوسط والبحث عن حلول ترضي لبنان، غير قوة المقاومة وقدرتها على تهديد أمن “اسرائيل” ومنصاتها للتنقيب عن النفط والغاز وخطوط نقله، واذا كان الجواب نعم وهو كذلك، هل من مصلحة وطنية تبرّر التشارك بإضعاف هذه القوة ولو بكلمة، وهل يصبّ كلّ سوء يُقال بحق هذا السلاح من لبناني مسؤول او غير مسؤول في مصلحة تعزيز موقف “إسرائيل” التفاوضي، وإضعاف موقف لبنان، وإذا كان الجواب هو نعم وهو كذلك، ننتظر تفسيركم وبدائلكم يا عباقرة؟

– الطلب الثاني هو ان يجيب طرفا الاعتراض العلني والمستتر، على سؤال يتصل بمستقبل قضية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، طالما انّ الكلّ يؤكد صبح ومساء على خطر التوطين والتمسك برفضه ولو من منطلقات عنصرية في عقول البعض، وأول السؤال هو هل لدى أحد من شك بأنّ الرؤية “الإسرائيلية” ومن ورائها كلّ الغرب وكثير من الحكومات العربية لإنهاء القضية الفلسطينية أو حلها، يقوم على توطين اللاجئين الفلسطينيين في أماكن إقامتهم ومنها لبنان، وأنّ زمن التطبيع العربي “الإسرائيلي” أسقط التضامن العربي حول ما عُرف بالمباردة العربية للسلام التي نصّت على عودة اللاجئين بناء على طلب لبنان ممثلاً بالرئيس إميل لحود، ما جعل التوطين مشروعاً داهماً، وإذا كان الجواب نعم وهو كذلك، يصير الجزء الثاني من السؤال هل تشكل المقاومة في لبنان وسلاحها عقبة رئيسية أمام تقدم الرؤية “الإسرائيلية” لحلّ القضية الفلسطينية أو إنهائها، ومن ضمنها التوطين، واذا كان الجواب نعم وهو كذلك، تصير تتمة السؤال، هل يملك لبنان مصدر قوة يفرض على العالم أن يأخذ رفضه للتوطين بعين الإعتبار غير قوة المقاومة وسلاحها، واذا كان الجواب نعم وهو كذلك تصير نهاية السؤال، ألا يقع كلّ إضعاف للمقاومة وسلاحها ولو بكلمة، تعزيزاً للأمل “الإسرائيلي” ومن مع “إسرائيل” من الغرب والعرب، بوجود فرصة بديلة للأخذ بمطلب لبنان بعودة اللاجئين بدلاً من توطينهم، وهو الاستثمار على الداخل اللبناني لإضعاف المقاومة والطعن بسلاحها، ولأنّ الجواب هو نعم، تصير الخلاصة ألا تخجلون من وطنيتكم وأنتم تلعبون لعبة رخيصة بحسابات رخيصة وتصيبون وطنكم في الصميم، فما هو شعوركم بأنّ “الإسرائيلي” يصفق لكم ويبتسم عندما يسمعكم، وقحين وخجولين، أو هاتوا بدائلكم يا عباقرة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى