أخيرة

حـبُّ الحـياةِ مـن الهُـدى

} يوسف المسمار*

 

حـبُّ الحـياةِ مـن الهُـدى، فمن اهتدى

بالحـبِّ أدركَ ما الوجـود وما السُـدى

فاخـتارَ في دنيا الـوجـودِ مـقـامَـهُ

وطـنا ً لأجـلِ خـلودهِ ابـتكَـرَ الفـِدى

وأحـبَّـه الحـبَّ الـذي بَـلَغ العُـلى

حـتـى اســـتحـالَ الحـبُّ فـيه تَعَـبُّـدا

عـَشقَ الترابَ وعـشقُه انصهرت به

روحُ الـحُـنُـوّ عـلى التـرابِ تأبـُّـدا

فتروحنَ الوطـنُ الحـبيبُ تـأنـسُــا ً

وتَجَسـَّـد الروحُ المُـحِـبُّ تَـنَهـُّـدا

إنَّ الحـيـاةَ مـن التـرابِ عـجـيـنـة ٌ

نَضَجـتْ بنامـوسِ التـفاعُـل والهُـدى

وتـفَـتَحـت  أكـمـامُـهـا  بـنـسـائـم

النـورِ الذي اخترقَ المـدى ومدى المدى

وتأنـسنَ الكـونُ الفـسـيـحُ بـيـقـظـةٍ

فـيها الحـقـيـقةُ لا الصَدى وصدى الصَدى

فـالكـونُ بالمعنى العـمـيقِ صـحـيـفـة ٌ

فـيـهـا  الـنـهـايـةُ  للمـلا والـمُـبـتـدى

وقـارئ  الألغـاز إنـســانٌ مـتـى

عـاشَ الفـضـيـلـةَ ناهـضـا ً مُـتَـجـدِّدا

فـلـيـنـظُر الإنـسـانُ في الكـونِ الذي

أسـرارُهُ اخـتُصِرت بخاطـف من ردى

يـجـد الحـقـيـقـةَ ومـضَة ً فيها الـتَـقى

مـا غـابَ من مـعـنى الحـيـاةِ وما بـدا

لـو أدركَ  الإنـسـانُ ســـرَّ وجـودهِ

ما اخـتارَ من أجل الحـياةِ سوى الفـدى

فالعُـمـرُ بالعـيـش الذليـل هـُوَ السُـدى

والعـُمـرُ بالعـيـش العـزيـز هُـوَ الـنَـدى

وطـنُ ألأذلةِ حـيـثُ مـاتَ إبـاؤهـمْ

ومـدى ألأعـزّةِ قــد تَحَـوَّلَ مـعـبـدا

عـَشِقَ الكـرامُ إبـاءَهـم وطـنا ً لـهـمْ

إلاهُ مـا اخـتـاروا وشـاؤوا منـتـدى

وطـنُ الأبـاة  عـلى الإبـاءِ حُـدودُهُ

ارتَـسَمَت، وبالعـقـل المـُنـيـرِ تَـزَوَّدا

والى البـطـولةِ قــد تـنـافسَ أهـلُهُ

بـفـضـيلةِ الأحـرارِ قـد قَهَـروا العِدى

ومـضـوا بأخـلاقِ  الكـرامِ  أعـزَّة ً

يـتـســـابـقـونَ ويـطـلبـونَ الأجــودا

فطمـوحُـهمْ زرعُ المـحـبةِ في العَـدوّ

وهَـمُّهـُم نـشــرُ المـكـارم ِ والهُـدى

مـا كـانت الدنـيا لأجـل ِ تـعـاســة ٍ

بل كـانت الدنـيـا الى الفَـرَح ِ المـدى

فـمـن اسـتـهان بقيمةِ الخَـلْـق اعـتـدى

ومَـن استجـابَ لمُجـرم ٍ فـقـد اعـتدى

وحـقـيـقـةُ الإجـرامِ  تـبـقـى دائـما ً

ظُلمـا ً وجُـبْـنـا ً، واللبـيـبُ من اهـتدى

مـا كـان في الجُـبْـنِ المـقـيتِ كـرامـة ٌ

أو حَـقّـقَ الظُـلـمُ  الكـريـهُ تَمــجُّــدا

فـالمـجـدُ أن نـحـيـا حـيــاة ً حـُـرة ً

لـنـفـوزَ بالعـيـش ِ الرغـيـدِ ونَسْـعـدا

ونـعـيـد للـقـدسِ السـلامَ فـيـنـتهـي

زمـنُ الكــوارثِ والظــلامِ مُـبَـدَّدا

ونـعـيـد بـيـروتَ المـشـوَّهـة الرؤى

لصـفـائـها فـتـظـلّ قـاهــرةَ الـردى

ونـعـيـد بـغـدادَ الجـريـحـةَ مـثـلمـا

كـانـت لأبــراجِ الحـضـارةِ مـرصـدا

ونعـيـد عــمــان الأبـيــةَ مــارداً

إلاَّ بـقـهـر من اعـتـدى لن تسعـدا

فالشـامُ أنـقـذت الكـرامـةَ دائـمـاً

في سحقِ من مسَّ الكرامةَ واعتدى

فاستبشري يا قدسُ أسرُك لنْ يطولَ

ونـارُنــا بـفــدائـنـا لـنْ تـخـمــدا

حـتى يـعي الأشـــرارُ أن بـلادنـا

وطـنٌ لعـشَّـاقِ البطـولـةِ والفـدى

وطــنُ التـمـدُّنِ والـرقـيّ عــدالـة ٌ

لا يـعـتـدي أبـداً، ويـرأفُ بالعـِدى

فـطـبـيـعـةُ العــدلِ التـفـوُّقُ بالهُـدى

وطبـيعـةُ الظُـلمِ استـحـالت جـلمــدا

مـعـنى السُـمـوِّ تـألُّـقٌ لا يـنـتـهي

والظُلمُ يبـقى في الحضيضِ مُـرَمِّدا

فـمن اصـطـفى نـورَ السُموّ دليـلَهُ

أبــدا ً بإبــداعِ  السُـــمـوّ تَجَــدَّدا

لـن يـقـهـرَ الإجرام إلاَّ مَـوطـنٌ

بالعــدلِ أسـَّـسَ للـرُقـيّ ومَـهَّــدا

واستـنفـر العـقـل البطـوليَّ الـذي

مَـحَـقَ الخُـنـوعَ وكـلَّ ذلٍّ بَـدَّدا

لـنْ يستـقـرَّ الظلـمُ في وطـنٍ لنـا

مهما العمى نكـرَ الإبـاءَ وأفسـدا

فالحـقُّ لا يـفـنى بجـرمِ عصابـةٍ

تلمـودُها أعمى النفـوسَ وتـلمـدا

يا قـدسُ حَـقُّـكِ خالـدٌ كخلودِ من

خَلَـقَ الوجـود وكـلَّ حـقٍّ خَـلَّـدا

فالحـقُّ سَحْـقٌ للشـرور وأهلهـا

والعـدلُ خيـرٌ في الصلاح تأبدا

والنصرُ يا قـدس القـداسة قادمٌ

بـدمـاءِ أبـطـالِ الإبــاءِ تـأكَّـدا

ما فازَ في هذا الوجودِ سوى الألى

اعتـنقـوا الهدايةَ والبطولةَ والفِدى

* شاعر قومي مقيم في البرازيل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى