مقالات وآراء

عملاء وإرهابيون يحاكمون الشرفاء…!

} شوقي عواضة

عبر كلّ التاريخ لم نلحظ لصاً يدين قاضياً ولا خائناً يحاسب وطنياً ولا عميلاً يحاكم مقاوماً شريفاً ولا قاتلاً يحاكم المقتول إلا في تاريخ العملاء والخونة وفي قانون الغاب وقوانين ساكسونيا الذي صاغه رعاة البقر الهوليوديون.

قمة الوقاحة ان تتقدّم عائلة العميل الجزار عامر فاخوري بدعوى قضائية ضدّ الحكومة اللبنانية والمديرية العامة للأمن العام اللبناني، أمام المحكمة الجزائية للولايات المتحدة في واشنطن العاصمة، وذلك بدعوى تورّط مسؤولين رفيعي المستوى في المخابرات اللبنانية وفي مقدّمتهم اللواء عباس ابراهيم في اعتقاله وتعذيبه قبل عامين، مما أدّى بعد ذلك إلى وفاته.

علماً أنه منذ الساعات الأولى لتوقيف جزار الخيام العميل عامر فاخوري في أيلول/ سبتمبر عام 2019 تحوّلت السفارة الأميركية في بيروت الى غرفة عمليات نشطة تتولى الإشراف على وضع العميل فاخوري وتمارس شتى الضغوط على الأجهزة الأمنية والقضائية في تدخل وقح وسافر من السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا والسيناتور جان شاهين، للحؤول دون توقيفه أو محاكمته. استطاعت خلالها تعيين فريق محامين أميركيين للدفاع عن سفاح الخيام. على الرغم من عدم قانونية هذا التدخل لعدم وجود أية اتفاقات بين أميركا ولبنان في هذا الشأن ورغم ذلك نجحت شيا في ضغوطها السياسية بمنع التحقيق مع العميل فاخوري ومحاكمته.

فاخوري العميل «الإسرائيلي» الأهمّ والذي عاد الى لبنان حاملاً أمر عمليات من أسياده في واشنطن وتل أبيب إضافة الى تاريخه الإجرامي الأسود خضع لتحقيق أوّلي بداية توقيفه، تمارَض بعدها وتمّ نقله الى عدة مستشفيات في بيروت تحت حراسة مشدّدة لتستكمل السفيرة الأميركية جهودها الى حين تمّ تهريبه بطوافة عسكرية من السفارة الأميركية الى قبرص ومن بعدها الى أميركا، رغم وجود مذكرة توقيف بحقه، إلا أنّ شيا استطاعت تهريبه منتهكة سيادة الدولة اللبنانية وضاربة بعرض الحائط كلّ القوانين.

توفي العميل فاخوري في أميركا وانطوت صفحة مجرم وجزار قاتل «أبدع» في اعتقال الشباب اللبنانيين وتعذيبهم وقتلهم خلال فترة الاحتلال «الإسرائيلي» لجنوب لبنان. لكن تاريخ السفالة لم يتوقف مع موت هذا الجزار بل كان هناك إصرار على تكريس الخيانة للوطن نهجاً من خلال قلب الحقائق وتزوير التاريخ.

وفي بيان صادر عن محامي عائلة جزار الخيام العميل فاخوري روبرت تولشين، قال إنّ عائلة فاخوري رفعت دعوى قضائية ضدّ الحكومة الإيرانية أمام محكمة فيدرالية، متهمة مسؤولين إيرانيين وطهران، من خلال وكيلها في لبنان منظمة «حزب الله» المصنفة في قائمة المنظمات الأجنبية الإرهابية، بأنها تسيطر على الجهاز السياسي اللبناني، وأنها تقف خلف أمر المخابرات اللبنانية باحتجاز وتعذيب فاخوري في عام 2019.

مضيفاً إنه «في ظلّ الظروف العادية، لم يكن من الممكن تمكين الأسرة من مقاضاة الحكومة اللبنانية؛ لأنها تتمتع بحصانة سيادية ولا يمكن تسميتها مدَّعياً عليها في المحاكم الأميركية… لكن يمكن أن تقاضي الأسرة حكومة إيران؛ لأنّ أنشطتها تندرج تحت استثناء في قانون الولايات المتحدة، الذي يسمح للمواطنين الأميركيين برفع دعاوى مدنية ضدّ الأنظمة التي تصنفها الولايات المتحدة على أنها (دول راعية للإرهاب).

اما زويا فاخوري؛ ابنة العميل عامر فاخوري فقد اتهمت الأمن العام اللبناني بتهديد عائلتها، وذلك بسبب تسليطهم الضوء على قضية والدها في وسائل الإعلام. مشيرة الى انه منذ وفاة أبيها العميل تلقت تهديدات بسبب الحديث عن التعذيب والظلم اللذين تعرّض لهما محمّلة المسؤولية للواء عباس إبراهيم والحكومة اللبنانية! هي الخطوة الأولى نحو تحقيق العدالة، عدالة الإرهاب الأميركي التي تستهدف الحكومة من خلال تصنيفها كحكومة راعية للإرهاب وفق ما أشار بيان محامي عائلة العميل فاخوري إضافة الى استهداف أجهزة أمنية في الدولة تريد عائلة العميل فاخوري محاكمتها بكلّ وقاحة. وبالتالي فإنّ ذلك يشكل تمهيداً لضرب الأجهزة الأمنية وتجويف الدولة ضمن المخطط الأميركي الهادف الى انهيار لبنان بتهمة تعذيب العميل فاخوري أثناء التحقيق وكسر قفصه الصدري ذلك الجزار الذي سحق أضلع المعتقلين في الخيام وقتل العديد من الأسرى بيده وخطف وساعد العدو «الإسرائيلي» على اللبنانيين، اليوم تريد عائلته محاكمة دولة بأسرها وأجهزة أمنية تعمل على حماية الأمن في لبنان، ورجال شرفاء في مقدمتهم اللواء عباس ابراهيم. وكأنّ عائلة العميل فاخوري ومحاميها الأميركي تولشن أغبياء إلى درجة انهم يظنون بأنّ القانون الأميركي كتاب مقدس ولهم الحق في تصنيف الشرفاء ومحاكمتهم.

لم تدرك عائلة العميل فاخوري وابنته زويا وكلّ من يقف معهم بأنّ الخائن لوطنه وشعبه يُقتل ويُعدم. لم تقرأ زويا ابنة العميل عامر فاخوري المقبور في قانون الشرفاء والمقاومين، لأنها لا تتقن إلا قراءة أبجدية الخيانة والإستعباد. لم تقرأ في قانون الأباة انّ أميركا هي امّ الإرهاب، وانّ «إسرائيل» شرّ مطلق. لم تقرأ زويا في صفحات تاريخ أبيها المكتوب بدماء ضحاياه من الأسرى انّ الشرفاء والمقاومين هم من يُحاكِمونْ ويَحكُمونْ ولا يُحاكَمون…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى