أولى

استهداف الأنصار للإمارات

يشهد اليمن تصعيداً شديد القسوة لغارات التحالف الذي تقوده السعودية والذي عادت الإمارات للمشاركة فيه بعد إعلان الانسحاب من الحرب قبل سنتين، والتصعيد الذي يجري تحت عنوان الردّ على استهداف أنصار الله للإمارات للمرة الأولى بهذا الحجم والقوة، يمثل استمراراً للموجة التي بدأت مع الغارات على مطار صنعاء قبل ثلاثة أسابيع، ورافقتها هجمات برية كان للإمارات الدور الرئيسي في تنظيمها في منطقة شبوة وحققت بعض النجاحات.

تخطئ القيادة الإماراتية المعروفة بدقة حساباتها في الاعتقاد أن التصعيد العسكري يخدم حساباتها، فكل شيء يقول العكس. فقد نجحت الإمارات التي تعتمد على اقتصاد استثماري واستهلاكي وتجاري بمليارات الدولارات بتحييد مدنها عن الاستهداف اليمني الذي طال منشآت حيوية في السعودية، وهي تعيد إقحام جغرافيتها في دائرة الاستهداف الذي لا يمكن صدّه كما تقول التجربة السعودية، وتعرّض اقتصادها المستند الى الاستقرار والثقة بعدم التعرض للتهديد الأمني، لمحنة قاسية قد يؤدي توسّعها نحو دبي الى رحيل لا رجعة فيه للاستثمارات والمشاريع وبرامج السياحة والتسوق التي جعلت من هذه المدينة الخليجية وجهة سفر عالمية أولى.

المنطقة تتجه نحو تفاهمات دولية وإقليمية عنوانها التوصل لاتفاق العودة الى التفاهم النووي الإيراني، والحرب في اليمن ليست حرباً قابلة للحسم عسكريا ولو تحققت بعض النجحات الجزئية في هذه الجبهة أو تلك، لهذا الفريق أو ذاك، وأمن الخليج والبحر الأحمر ومعهما تجارة النفط هو أمن هشّ لا يحتاج إهتزازه الى اكثر من الطائرات المسيّرة التي أثبت أنصار الله انهم قادرون على مواصلة إنتاجها واستخدامها في أصعب الظروف وأعقدها، والحل السياسي سيبقى مخرجاً وحيداً حتمياً وآتياً ولو تأخر لهذه الحرب.

الخيار العاقل الذي ينتظر شجاعة القرار من قيادة الإمارات هو الانتقال من تحدي القدرة على التصعيد الى تحدي القدرة على قيادة المسار السياسي، وإلا فإن المنطقة ستشهد مزيداً من الحرائق ومخطئ من يعتقد انها تفرح أي عربي مهما كانت الجبهة التي يناصرها في هذه الحرب. فكل ما يدمر ويحترق في اليمن والسعودية والإمارات هو مال العرب وثروات العرب وعمران العرب، وكل روح تزهق لطفل أو إمرأة أو شيخ أو رجل هي روح عربية. وهذه الحرب التي عوقب وزير الإعلام المستقيل جورج قرداحي لوصفها بالعبثية تثبت كل يوم أنها تزداد عبثية.

هل من يجرؤ على الخروج من الحلقة الجهنميّة للتصعيد نحو العقلانية والواقعية السياسية، ويملك شجاعة القول للحرب كفى؟

السؤال لا يُطرح على اليمنيين لأنهم يردّون على استهداف الآخرين لبلدهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى