أولى

العميل يوسف إبراهيم آمرُ مدفعيّةِ الموتِ

} شوقي عواضة

يُجمع العالم بأسره على نبذ الخائنين للوطن وتسميتهم بالعملاء والمأجورين والمتآمرين مع العدوّ على الأوطان، وقد رأينا عبر التّاريخ شواهدَ كثيرةً تنضح بمحاكمات العملاء من روسيا إلى فرنسا إلى الولايات المتحدة والجزائر وكلّ الدّول… إلّا في لبنان تختلف التّسمية وتتعدّد الأعذار لأولئك العملاء الذين لم يكتفوا بالخيانة العظمى للوطن بل كانوا شركاء للعدوّ «الإسرائيليّ» في تدمير لبنان وقتل أبنائه وتشريد مواطنيه واعتقالهم وسجنهم وتعذيبهم وقصف بيوتهم وتدميرها وارتكاب المجازر، من بين أولئك العملاء العميل القاتل يوسف علي إبراهيم مواليد 16-5-1969. التحق العميل يوسف ابراهيم بجيش العميل أنطوان لحد عام 1987 بعد تلقيه العديد من الدّورات التّدريبيّة على أيدي ضباط من جيش العدوّ «الإسرائيلي» مباشراً مهامه في قمع المواطنين من أبناء بلدته بليدا وسائر سكّان المنطقة وممارسة أقصى أنواع العنف بحقّهم وإجبار بعضهم على التطوّع في جيش العميل لحد، عمل مجنّداً من العام 1987 إلى العام 1989 في سلاح المدفعيّة في موقع القنطرة الذي كان مركزاً لقصف المناطق المجاورة من فرون وقعقعية الجسر وصولاً إلى النبطية إضافة إلى قرى وبلدات مدينة صور، تلك البلدات التي كانت تتعرّض لقصفٍ مدفعيٍّ شبه يومي حصد المئات من أرواح المواطنين. في العام 1990عيّن آمر حظيرة في القوّة الخاصّة وخدم في موقع تلك القوّة الذي كان على مفرق بلدة مركبا، ونتيجة لـ «إنجازاته» وإخلاصه للعدوّ «الإسرائيلي» سرعان ما تسلّم قيادة الفرقة الخاصّة وأصبح آمر الموقع فيها حيث سقط عشرات الشّهداء هناك في وادي السّلوقي. واستمرّ العميل يوسف إبراهيم بأداء مهامه الإجراميّة ليتولّى عام 1991 نائب مسؤول موقع محيبيب بدلاً من العميل حسن عاشور، وليترقى بعدها إلى مستوى جرائمه ويعيّن آمر سرية موقع مشعرون في بلدة طلوسة وهو موقع خاص بسلاح المدفعيّة، وكان من مهامه قصف المناطق الآمنة خارج الشّريط المحتلّ حينها. في تلك الفترة كان العميل يوسف ابراههيم يلزم أهالي بلدة طلوسة بالقوّة على إحضار المؤن للموقع نتيجة خوفه من عمليّات المقاومة واستهدافها له. بين عامي 1999 و 2000 عيّن آمر موقع القبع في بلدة حولا مقابل موقع العبّاد التّابع لجيش الاحتلال «الإسرائيلي». مع الإشارة إلى أنّ دور العميل يوسف إبراهيم لم يقتصر على عمله في سلاح المدفعيّة التابع للعدوّ «الإسرائيلي» وعملائه بل كان له دور أساسيّ وكبير جدّاً في تجنيد الكثير من أبناء المنطقة بالقوّة والتّهديد بالقتل والاعتقال، وكان مسؤولاً عن ملف التّجنيد في جيش العميل أنطوان لحد في المنطقة الممتدّة من عيترون الى طلوسة منذ العام 1993 إلى العام ألفين حيث أرغم الكثيرين على الالتحاق بجيش العملاء.

مهمّاتٍ كبيرةً وكثيرةً أنجزها العميل يوسف إبراهيم أهّلته لأن يترقّى بسرعة. وبعد كلّ هذا التّاريخ والسّجل الحافل بالإجرام والقتل عاد العميل يوسف إبراهيم إلى لبنان بكلّ وقاحةٍ ظنّاً منه بأنّ مرور الزّمن أسقط عنه كلّ جرائمه التي ارتكبها في ظلّ الرّخاء والتّسامح القانوني الذي أصبح يتمتّع فيه العملاء منذ أوّل مسلسل عودتهم الذي بدأ مع جزار الخيام عامر فاخوري والعميل جعفر غضبوني وصولاً إلى عودته في ظلّ جوّ من التّحريض على المقاومة الذي يتبنّاه البعض بكلّ وقاحةٍ متجاهلين أنّ القانون إذا أسقط الجرائم بمرور الزّمن فإنّها لن تسقط من ذاكرة الشّرفاء، وأيّ قانون ذلك الذي يسقط دماء ضحايا مجزرة باص الأطفال التي ارتكبت في النّبطية بالقصف المدفعي في 21 آذار عام 1994؟ وأيّ قانون يسمح للعميل القاتل بأن يعود إلى الوطن عودة الفاتحين المنتصرين على أشلاء ضحاياه؟ وأيّ قانون ذلك الذي يمحو من ذاكرة الأمهات صور أبنائهم الشّهداء؟ وهل يقتضي تحفيز العملاء على المضيّ بخيانة الوطن؟

لا يوجد في العالم قانون أقدس من الحفاظ على الوطن وصون دماء شهدائه، ولا يوجد عدل اذا لم ينصف الشّهداء والأسرى والجرحى والمقاومة التي قاتلت من أجل الوطن. ما حصل كان جريمة بحقّ الوطن والشّهداء وهو تحفيز للعملاء وتنامي فكرة الخيانة للوطن في ظلّ ما نشهده من معاناة اقتصاديّة. لذا يجب إعادة النّظر بتلك القوانين وإعادة صياغتها لأجل الوطن وكرامة لشهدائه، فمرور الزّمن لن يسقط عن العميل خيانته ولن يسقط جرائمه لا سيّما إذا كانت على مستوى عالٍ يرقى إلى جرائم الحرب مثل التي ارتكبها العميل يوسف إبراهيم الذي كان مسؤولاً عن قصف وقتل وتدمير العديد من القرى وتهجير أهاليها حماية للعدوّ الصّهيوني.

وعليه يجب تقديمه للمحاكمة العسكريّة وتنفيذ العقاب الذي يستحقّه نتيجة ما اقترفت يداه. ولعلّ ما جرى بالأمس من عمليّة طردٍ للعميل يوسف إبراهيم من بلدته بليدا على أيدي أبنائها الشّرفاء أعاد الكرّة إلى القضاء للقيام بدوره لا سيّما في ظلّ وجود احتقان كبير نتيجة عودته بين أهالي الشّهداء والأسرى والمعتقلين والجرحى، احتقان لربّما لن تحمد عقباه ولن تدرك نتائجه إلّا بمحاكمته وأمثاله من العملاء والمجرمين وعدم إفساح المجال بعودة الخائنين فلا يستحقّ أن يعيش على أرض الوطن إلّا من ضحّى لأجله وليس للخونة والعملاء…

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى