مقالات وآراء

ماذا ينتظر الخائن من أعداء بلاده؟

} جمال محسن العفلق

في كتاب معنى الكلام للكاتب والصحافي المصري أنيس منصور وتحديداً الصفحة 283 ورد أنّ شاه إيران المخلوع سجل بصوته حديثاً خاصاً وأرسله للرئيس أنور السادات جاء فيه (لم يخدم أحد الأميركان في المنطقة كما فعلت أنا. ولكن الأميركان لا عندهم مبدأ ولا خلق… فعندما كنت أرقص مع زوجة الرئيس جيمي كارتر وهو يرقص مع زوجتي وكان يهمس في أذن زوجتي ويقول لها: إيران جزيرة الأمان، كان مدير المخابرات المركزية يعلم بوصول قائد الثورة الى طهران، أخي أنور السادات لا تثق بهم… فإذا قبلوك اليوم قتلوك غداً… انّ موقفهم مني درس يجب الا ينساه أحد) انتهى الاقتباس.

في نظرة سريعة على ما يدور في عالمنا العربي اليوم نجد أنّ أكثر الذين يخدمون أعداء بلادهم لم يتعلموا الدرس الذي سجله شاه إيران المخلوع بصوته، وحتى عهد قريب ما حصل مع الرئيس السابق حسني مبارك وكذلك حكومة أفغانستان الأميركية هو تكرار لما حدث مع شاه إيران المخلوع، ولكن نجد انّ الخونة لبلادهم هم أكثر غرق بالخيانة فالولايات المتحدة تبحث عن مصالحها ووجدت بهؤلاء جنود يخدمونها بالمجان، بل يقدمون أكثر مما تتوقع هي… فدائماً نجد المدافعين عن سياسة الولايات المتحدة ملكيين أكثر من الملك. ويتلقى سفراء الولايات المتحدة في العواصم العربية عناية مميّزة وتصلهم معلومات بالمجان، فزوار السفارات الأميركية لا يتوقفون عن تقديم كلّ ما يثبت أنهم في خدمة أميركا لا في خدمة بلادهم وأنهم على استعداد لتدمير بلادهم مقابل أن ترضى عنهم أميركا أولاً وان تساعدهم لتحقيق أهدافهم الشخصية والمادية.

وقد استطاعت الولايات المتحدة اختراق أكثر الأنظمة العربية وأوصلت من يحقق لها مصالحها الى الحكم فسهّلت للبعض شراء برامج التجسّس من الكيان الصهيوني وساعدت البعض الآخر على إعلان التطبيع مقابل غضّ النظر عن أفعال القتل والإجرام والقصف الوحشي على اليمن، واليوم هي تشارك بالحرب من خلال الخبراء والتزويد بالمعلومات، فما دام القاتل عربياً والمقتول عربياً ومن يدفع التكاليف هو العربي فلماذا لا تدعم؟

فهذا هو الواقع اليوم الذي يعيشه المواطن العربي الذي يصدّق أنّ من يعمل تحت الرعاية الأميركية سيكون من الناجين ودائماً يحرك من يخدم أميركا جماهيره وفق نصائح السفارات، فالاستغلال الديني والمذهبي هو سمة يتبعها هؤلاء في كسب عطف الجماهير وإيهام الناس أن المعركة هي لنصرة هذا الدين أو ذاك المذهب كما حدث في سورية عندما خرج الناس وقالوا لهم أنتم خرجتم لنصرة دينكم فكانت النتيجة أنهم قتلوا أبناء وطنهم وكان المفتي الأميركي جاهزاً ليقول لهم «من يخالفكم من دينكم أقتلوه فهو كافر».

أما دول الخليج التي دخلت في دوامة الحروب فرفعت شعار أنها تحارب المدّ الشيعي وأنها تريد حماية أهل اليمن فكانت النتيجة أنّ شعب اليمن بأسره هو اليوم ضحية القصف الوحشي وانّ البنية التحتية وكلّ أسباب الحياة الكريمة أصبحت اليوم في مهبّ الريح وكلّ هذا خدمة لأميركا والكيان الصهيوني فاليوم تكبّل قرار دول الخليج ولم يعد هناك قرار وطني فبعد خروج القطع البحرية الأميركية ها هي أبو ظبي تعقد صفقة مع واشنطن لحمايتها والأخيرة توافق على إرسال مدمّرة ولا أحد يعلم ما هو الثمن، هل ستكتفي أميركا بجعل الإمارات منفذ للكيان على الخليج أم سوف تحكم سيطرتها على أيّ آبار نفط أو غاز لدى الإمارات لعقود مقبلة كما فعلت عندما وقعت مع الكويت عقد لربع قرن بسعر ثابت إبان عملية عاصفة الصحراء؟

إنّ ما تقوم بها الحكومات الخاضعة لواشنطن اليوم بالإضافة الى الأفراد الذين ينتظرون منها إيصالهم الى الحكم والزعامة وتشريع وجودهم هو على المدى القصير فيه تدمير لكلّ مكونات المنطقة الاقتصادية والجغرافية والثقافية، فكلمة مطبّع لم تعد تعني عند البعض شيئاً إنما مجرد تصنيف سياسي، وهي بالواقع خيانة واستسلام وخضوع لرغبة المحتلّ ولهذا نجد البحرين اليوم تستقبل المدرّبين الصهاينة على أراضيها كذلك طائرة رئيس الكيان الصهيوني تعبر أجواء بلاد الحجاز وتنشر وسائل إعلام العدو مبشرة الصهاينة أنهم عائدون الى يثرب.

وعلى المقلب الآخر المقاوم مجرم وإرهابي حسب تصنيفهم ويجب حصاره اقتصادياً وتجويع الداعمين له ومنعه من الحركة فمشروع (الكهف) السعودي وصل إلى حدّ التجسّس على كلّ من يعادي الحركة الصهيونية وهو مشروع مدعوم من الكيان الصهيوني هدفة مراقبة كلّ أرقام الهواتف داخل المملكة وخارجها ووسائل التواصل الاجتماعي ومنع أيّ دعم لفظي للمقاومة ونشر فكر جديد اسمه الديانة الابراهيمية كذلك نشر الأكاذيب وتهديد الناس بخصوصياتهم، فالمشروع يسري كما النار في الهشيم ولن يوقفه إلا صمود المقاومة في اليمن ولبنان وسورية والعراق وكلّ من يؤمن بحق الحياة الكريمة والشريفة على هذه الأرض ورغم ضخامة الضخّ المالي والسيطرة الإعلامية التي يمارسها الطرف الآخر إلا أنّ إنجازات الضربات التي يتلقاها المشروع موجعة كما حدث في أبو ظبي منذ أيام، وكما هو متوقع في الانتخابات النيابية المقبلة في لبنان التي تسعى السفيرة الأميركية لإدارتها وكسبها لصالح أنصارها فالمعركة هناك بين المواطن اللبناني الذي يسعى لكرامة وطنة وقائمة السفيرة.

ودائماً وأبداً ستتخلى الولايات المتحدة الأميركية عن الذي يخدمها لأنها تعمل من أجل مصالحها فقط ومصالح الكيان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى