أولى

المجتمع الدوليّ لم يعد يريد الانتخابات

خلال شهور سادت مقولة كانت صحيحة في حينها، مضمونها أن الدول الغربية وعلى رأسها أميركا تريد الانتخابات بقوة، وتراهن عليها لتغيير المشهد السياسي بظهور كتلة تملك أغلبية نيابية تناوئ المقاومة بروح العداء والاستعداد لخوض المواجهة معها، وكان يقال حينها تجاوزاً أن المجتمع الدولي يريد الانتخابات وسيقوم بفرض عقوبات على كل مَن يعمل لتأجيلها. وكان الغمز من قناة التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية، وفقا للتسريبات التي تقول إن حصاده الانتخابي سيكون مخيّباً له ولحلفائه وسبباً لفقدان حلفاء المقاومة الأغلبية النيابية.

منذ ذلك التاريخ جرت مياه كثيرة في هذا النهر، وتغير المشهد. فجاء انسحاب الرئيس سعد الحريري كما كان متوقعا ليطلق عملياً مرحلة وراثة شارعه وناخبيه من فريقي حزب القوات اللبنانية والمجتمع المدني. وأغلق البحث على أي نقاش عن حال تمثيل طائفته السياسي وخرجت دار الفتوى وخرج رئيس الحكومة لإقفال النقاش. ثم جاءت الدراسات الإحصائية تقول إن حزب القوات اللبنانية سيخسر مقعدين أو ثلاثة من رصيده الحالي نيابياً وإنه عاجز عن استقطاب ناخبي ومرشحي تيار المستقبل، مقابل خسارة مشابهة فقط للتيار الوطني الحر لثلاثة مقاعد، ثم ظهر تحالف الحزب التقدمي الاشتراكي مع القوات سبباً لخسارة الحزب لخصوصية كانت تتيحها العلاقة برئيس مجلس النواب نبيه بري فيصير وضعه بخسارة تصويتين وازنين للمستقبل وأمل، مهدداً بخسارة ثلاثة مقاعد. وبعدها تبين أن سقف ما ستناله منظمات المجتمع المدني يعادل عدد النواب المستقيلين، بحيث سيكون سقف ما سيناله خصوم المقاومة يتراوح ما بين 45 و50 مقعداً، مقابل نيل المقاومة وحلفائها ما بين 55 و70 مقعداً، وبقاء ما بين 10 و20 مقعداً في الوسط كتمثيل نواب المستقبل العائدين منفردين أو تمثيل الرئيس نجيب ميقاتي ومثلهم.

بدأت إعادة النظر الأميركية والغربية بجدوى الرهان على الانتخابات، وما لم تسع دول الغرب للتأجيل لصعوبة تبريره وحجم الإحراج الذي يسببه، ألا إن الغرب لم يعد قوة دفع نحو الانتخابات، وباتت المقاومة وتحالفاتها، بل باتت المقاومة وحلفاؤها هم المتمسكون بإجراء الانتخابات لحاجات تجديد شرعية المؤسسات، وإسقاط الحملة المفتعلة عن تغير الوضع الشعبي وانتقاله الى ضفة العداء للمقاومة.

لا يخطئ مَن يردد بلا تدقيق مقولة ان الانتخابات ستجري حكماً في موعدها، بل يخطئ من يقول ان الانتخابات ستجري في موعدها لأن الغرب يريد ذلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى