مانشيت

مصدر روسيّ: أقيموا المقارنة بين الهجوم الروسيّ على كييف والأميركيّ على بغداد / هل تردّ موسكو على إخراجها من نظام سويفت بوقف ضخ الغاز إلى أوروبا؟ / عون يصحّح خطأ ميقاتي.. وبوحبيب: لبنان مع حلّ سلميّ تحت المظلة الأممية /

كتب المحرّر السياسيّ

قال مصدر روسيّ لـ«البناء” إن حرباً إعلاميّة هائلة تشنّ لتشويه صورة روسيا والإساءة الى سمعتها، مضيفاً أن موسكو التي اضطرت للقيام بالعملية العسكرية الاستثنائية رداً على تصعيد حلف الناتو الذي وجد آذاناً صاغية من الجماعة الحاكمة في كييف بإغراءات الانضمام لحلف الناتو والتحوّل إلى دولة نووية، وجعل روسيا تحت التهديد ما لم تلجأ لعملية جراحية تحيّد خلالها القوة العسكرية الأوكرانية، وتربط مستقبل أوكرانيا السياسي بأخذ المطالب الروسية المشروعة بحياد أوكرانيا بعين الاعتبار. ويقول المصدر إن جملة من الأكاذيب وجدت طريقها الى الرأي العام تكفي لتوضيحها الدعوة لمقارنة الهجوم الروسي على كييف بالهجوم الأميركي على بغداد.

يقول المصدر إن بغداد أعلنت قبل الغزو الأميركي انها مستعدة للتفتيش الدولي وتوقيع تعهّد بعدم امتلاك اسلحة دمار شامل، كان يكفي مثلها كي لا تتحرّك روسيا بوجه أوكرانيا، لكن ما قدّمه العراق لم يكن كافياً لتجنيبه الحرب الأميركية، متسائلاً من يكون غازياً ومعتدياً ومنتهكاً للمعايير الدولية؟

يضيف المصدر: عندما يقولون إن حرب أوكرانيا تغيّر نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية، فهل هذا صحيح؟ أليست حرب يوغوسلافيا التي شنتها اميركا واوروبا الغربية، هي التي غيرت هذا النظام، وفتحت الطريق لضمّ دول أوروبا الشرقية الى حلف الناتو الذي لا يُخفي أن جوهر عقيدته العسكرية هو اعتبار روسيا العدو الأول؟

يقول المصدر: عندما يتحدّثون عن أحوال المدنيين ويشغلون العالم بصورة واحدة لا غير منذ يومين لشقة في مبنى أصيبت ولم يسقط بسببها قتيل واحد، ويقولون إن روسيا ترتكب جرائم حرب، هل يحتاجون للتذكير بالمقارنة مع ما فعلته الحرب الأميركية بالشعب العراقيّ، ليعرفوا إن ما جرى مع روسيا أقل من اشتباك في حي بين جماعتين محليتين، قد يسقط فيه عدد أكبر من الضحايا بين المدنيين، مضيفاً أن روسيا لا تزال تحاول ان تخوض حرباً نظيفة، فلم تستهدف بعد أية منشآت مدنية كمحطات القطار ومولدات الكهرباء ومحطات الاتصالات وشبكات الإنترنت، والجسور والمطارات المدنيّة، وتفادت الأحياء السكنية، ولا يُحرج روسيا الحديث عن عدد محدود للضحايا الذين تعلن عنهم السلطات الأوكرانية فهذا موضع فخرها، وتأمل موسكو ان لا تجد نفسها مجبرة على التورط في شكل من الحرب يصيب المنشآت المدنيّة ويعرّض حياة السكان للخطر.

بالمقارنة يتساءل المصدر عما يتمّ تعميمه حول ضعف التقدّم الروسي والتحليلات التي يسوقها البنتاغون حول تقييم القدرات العسكرية الروسية من جهة والمواجهة الأوكرانية من جهة مقابلة، فيتحدّث خبراء البنتاغون عن صدمتهم لضعف الجيش الروسيّ وذهولهم بالبطولة الأوكرانيّة. ويقول المصدر أليست أميركا هي نفسها التي نعرفها والتي كانت في اليوم الثالث لغزو العراق، المحاصر والضعيف والمفكك والمعزول، لا تزال على أبواب ميناء البصرة في مياه الخليج، ولم تبلغ أطراف العاصمة بغداد الا بعد أسبوعين من بدء الحرب وبعد سقوط آلاف الضحايا، بينما الجيش الروسي يدق أبواب كييف من اليوم الثاني لبدء عمليّته العسكرية رغم كل الدعم المالي والتسليحي والمعنوي الذي يلقاه الجيش الأوكرانيّ، والذي لو توفر مثل نصفه للجيش العراقي لكان الأميركيّون لا يزالون على مرفأ البصرة؟

في تطوّرات مشهد الحرب، كانت عطلة الأسبوع مسرحاً للحرب الاقتصادية، مع توافق واشنطن وعواصم أوروبا على إخراج روسيا من نظام السويفت للتحويلات المالية، وتجميد أصول المصرف المركزي الروسي ومنعه من الوصول الى احتياطاته، إضافة لعقوبات بحق المصارف والشركات الروسية ورجال الأعمال الروس.

أبقت العقوبات إغلاق السويفت أمام روسيا موارباً لعدم التسبب بوقف إمدادات الغاز الروسية إلى أوروبا، لكن لم يعرف ما إذا كانت شدة العقوبات وعدائيتها ستجد الرد عليها بقرار روسيّ بوقف هذه الإمدادات؟

تردّدات موقف رئيس الحكومة ووزير الخارجية المؤيد لأوكرانيا بطلب أميركي والمناهض لروسيا، تواصلت خلال اليومين الماضيين، وكان الأبرز محاولة رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون لتصويب الموقف بما صدر عنه بقوله، إن لدى لبنان خبرة في مثل هذه النزاعات تجعله يدعو لتبني الحلول التفاوضيّة والسلميّة بعيداً عن الحروب والبحث عن الحلول وفقاً لميثاق الأمم المتحدة وقواعد حلً النزاعات بعيداً عن اللجوء للقوة.

لا تزال تطوّرات الحرب الروسية – الأوكرانية في صدارة الاهتمام الداخلي وسط ترقب وقلق شديدين لتداعياتها السياسية والاقتصادية على لبنان وعلى الرعايا اللبنانيين في أوكرانيا، في ظل ما تعانيه من ظروف أمنية وصحية وغذائية صعبة.

وبعدما الانقسام السياسي الداخلي الذي خلفه بيان وزارة الخارجية اللبنانية حيال الحرب الروسية على أوكرانيا وكذلك التوتر في العلاقات اللبنانية الروسية، تعمل رئاسة الجمهورية على احتواء الموقف والتخفيف من حدة الموقف، بحسب ما علمت “البناء”، وذلك بإيفاد مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الروسية النائب السابق أمل ابو زيد الى موسكو لشرح الموقف اللبناني للقيادة الروسية. الا أن مصادر مطلعة على موقف السفارة الروسية في لبنان أشارت لـ«البناء” الى أن روسيا لن تقبل بأقل من بيان من الحكومة اللبنانية تتراجع فيه عن بيانها الأول، لكنها شدّدت على أن روسيا لن تتخذ أية خطوة دبلوماسية ضد لبنان.

وحاول وزير الخارجية عبدالله بوحبيب تقديم مبررات لبيان وزارته، وأبلغ السفير الروسي في لبنان ألكسندر روداكوف بأن لبنان تعرّض لضغوط دولية لإصدار البيان.

في المقابل اعتبر السفير روداكوف أن “بيان وزارة الخارجية اللبنانية لا يراعي العلاقات الثنائية الودية التاريخية بين البلدين”، لافتاً إلى أنه “لن يؤثر على علاقتنا، وفي الأيام الصعبة نعرف من معنا ومن ضدنا”.

وأوضح أن “روسيا لا تنتهج سياسة عدائية تجاه أوكرانيا”، مؤكداً أن “بلاده تمارس حقها القانوني في حماية أمنها القومي والمواطنين الروس في دونيتسك ولوغانسك”.

وعلمت “البناء” أن وزير الخارجية أطلع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على فحوى بيان الخارجية، حيث جرت بعض التعديلات عليه، لافتة الى أنهما تكتما على مضمون البيان النهائي وقررا عدم عرضه على مجلس الوزراء لكي لا يسقط في المجلس بسبب اعتراض مكوّنات أخرى عليه، ما يثير غضب سفراء الدول الغربية في لبنان.

ورجحت مصادر أخرى أن لا يكون الرئيس ميشال عون قد اطلع على البيان، لأن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل استنكر البيان ورفض مضمونه.

وأكد الرئيس عون أمس، في تصريح أن “موقف لبنان من الحرب في أوكرانيا واضح لجهة ضرورة حلّ الخلافات بالحوار، ولا سيما أنّ لبنان واجه خلافات ومواجهات وأحداثاً أمنيّة صعبة انتهت كلّها بالحوار. لذلك لبنان مع التفاوض السياسي لحلّ النزاع القائم بين روسيا وأوكرانيا وفق المبادئ المحدّدة في ميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية ذات الصلة التي تتوسّل السبل السلميّة لمعالجة النزاعات بين الدول”.

وتوالت المواقف وردود الفعل السياسية على بيان الخارجية وتفرّد رئيس الحكومة ووزير الخارجية بالقرارات الحكومية لا سيما في ما يتعلق بالسياسة الخارجية التي يجب أن تصاغ في مجلس الوزراء بمشاركة كل مكونات الحكومة، ما يجعل القرار السياسي في لبنان ملكاً لطرف أو طرفين ما يخالف ما ينص عليه الدستور والطائف والميثاقية.

وفي سياق ذلك، أسف الوزير السابق محمد فنيش، لـ«تسرّع وزير الخارجية اللبنانية عبد الله بوحبيب، في إصداره بياناً يدين ما يحصل بين روسيا وأوكرانيا، علماً أنه إذا أردنا أن ندين علينا أن نحدّد وفق أي معيار، هل هو وفق مصلحة بلدنا، أو وفق المبادئ والقيم التي نحملها، أو وفق الأمرين معاً، وعلى أي أساس استند وزير الخارجية في قراءته لما يجري في أوكرانيا، ليعطي موقفاً هو بالحقيقة لا يخدم إلاّ الهيمنة الأميركية”.

وأشار إلى أن “الحكومة اللبنانية، دائمًا في كل البيانات والمواقف، تحدثت عن النأي بالنفس، وما سمعناه خلال اليومين الماضيين من موقف تجاه سياسة غربية، يؤكد بأن وزارة الخارجية تخلت عن النأي بالنفس تحت ضغط الإدارة والسفيرة الأميركية دورثي شيا، وأعطت مواقف دون أن تأخذ بعين الاعتبار مصلحة البلد، علماً أنه عندما يتعلق الأمر باستخدام القيم والمبادئ لإدانة عدوان على سبيل المثال تقوم به الإدارة الأميركية على العراق أو على اليمن أو على أي بلد، لا يكون هناك إدانات ومواقف شجاعة وجريئة”. وأكد فنيش، أن “موقف الوزارة الخارجية حيال ما يحصُل بين روسيا وأوكرانيا مرفوض بالنسبة إلينا، لا سيما أنه لم يتخذ في الحكومة ولا في مجلس الوزراء، ولا يعبّر عن مصلحة لبنان، وهناك قسم كبير من اللبنانيين لا يقبلون به”.

في موازاة ذلك، انشغلت الاوساط الرسمية والشعبية بأوضاع الجالية اللبنانية في اوكرانيا لا سيما الطلاب الذين ينتشرون في مختلف الأراضي الأوكرانية والذين يعيشون أوضاعاً أمنية ومعيشية وصحية وغذائية صعبة في ظل صعوبة تأمين ممرات آمنة لهم لنقلهم الى لبنان.

وفيما تصاعدت وتيرة الحرب العسكرية في أوكرانيا وتوالت المناشدات بإنقاذ اللبنانيين في اوكرانيا، أعلن الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير، مساء أمس أنه تم الاتفاق مع السلطات البولندية، وبالتنسيق مع السفارة اللبنانية في بولندا، لاعتماد مركز “جمعية الصداقة مع الأطفال” في منطقة “31wyzcolenia» في العاصمة البولندية وارسو لتجمع وإيواء اللبنانيين الوافدين من أوكرانيا تمهيداً لإجلائهم والعودة إلى لبنان”.

في غضون ذلك وفيما ألقت الحرب الروسية – الاوكرانية بثقلها على الساحة اللبنانية، تزايدت التساؤلات والشكوك بإمكانية إجراء الانتخابات النيابية، وكشفت مصادر سياسية مطلعة لـ«البناء” عن توجه لتأجيل الانتخابات لأسباب عدة تتوزع بين قانونية ولوجستية ومالية وأمنية في ظل الخلاف حول موضوع اعتماد “الميغاسنتير” والدوائر المخصصة للمغتربين، إذ يصر التيار الوطني الحر بحسب ما تشير أوساطه لـ«البناء” على إدخال هذين البندين في قانون الانتخاب مقابل رفض رئيس مجلس النواب نبيه بري وكتل نيابية أخرى كالمستقبل والحزب الاشتراكي أيّ تعديل يطال قانون الانتخاب.

واللافت بحسب المصادر، هو الجمود وعدم الحماسة الذي يطغى على النشاط الانتخابيّ لدى مختلف الأطراف السياسيّة لجهة الترشح والماكينات الانتخابية والتحالفات التي لا زالت كلها طيّ الكتمان. فكل طرف ينتظر الآخر لكي يبادر لإعلان مرشحيه وتحديد تحالفاته الانتخابية كي يبني على الشيء مقتضاه، ما يجعل المشهد الانتخابي مجهولاً.. وما يزيد الغموض والإرباك هو انكفاء الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل عن العملية الانتخابية والسياسية، ما يدفع قوى حليفة للحريري للعمل على تأجيل الانتخابات بما يضمن مصالحها ويحول دون تكبّدها خسائر تؤثر على مواقعها في المعادلة السياسية. لا سيما أن المجلس النيابي الجديد هو الذي سينتخب رئيس الجمهورية الجديد ما يجعل الانتخابات المقبلة مصيرية وحاسمة لجهة رسم شكل وهوية المؤسسات الدستورية الأساسية كرئاسة الجمهورية والحكومة وبالتالي المشهد السياسي برمته.

ولاحظت جهات سياسية لـ«البناء” تراجع الاندفاعة الاميركية بملف الانتخابات النيابية في الآونة الأخيرة وذلك بعدما أجرت السفارة الأميركية في بيروت وسفارات خليجية مؤخراً، سلسلة إحصاءات واستطلاعات رأي في مختلف الدوائر الانتخابية، أظهرت عجز حلفاء الأميركيين والخليجيين في لبنان بحصد الأكثرية النيابية، وأن أقصى ما يمكنهم تحصيله هو بعض المقاعد النيابية في الساحة المسيحية والسنية بعد انكفاء الحريري ومقعد شيعيّ لاستثماره سياسياً ضد حزب الله. وشددت على أن الأميركي يريد استثمار الانتخابات سياسياً ضد حزب الله ولتكوين سلطة جديدة في لبنان تنفذ إملاءاته وشروطه وتزيد في حصار حزب الله وإضعافه في بيئته وفرض الاتفاق الذي تريده “إسرائيل” في ملف ترسيم الحدود.

في المقابل أكد عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق أننا “واثقون تماماً من أنّ الانتخابات القادمة ستشهد مجدداً تأييداً واسعاً ورسالةً واضحةً في تجديد العهد والولاء والتأييد للمقاومة، أما أدوات السفارات وعرب التطبيع فلينظروا ماذا يحصل في أوكرانيا، أنظروا ماذا حلّ بالرئيس الأوكراني، حرّضه الأميركيّون وورّطوه وتركوه يتيماً وحيداً ذليلاً”.

على صعيد آخر، عرض وزير المهجّرين، عصام شرف الدين، مع وزير الزراعة السوري، محمد حسان قطنا، خلال زيارة له إلى سورية، الواقع الزراعي والتحديات التي تواجهه، وكيفية التعاون ودعم القطاع والمزارعين في لبنان، عبر تأمين كميّة من الشتول والأغراس لهم.

وقال شرف الدين: “نتعرّض في لبنان إلى قهر من قبل “إسرائيل” كما نتعرّض إلى سياسة إفقار حكى عنها المبعوث الأممي اوليفيي دو شوتيه هي سياسة متعمّدة ومفبركة وأهدافها أصبحت واضحة، كما أن الدولة السورية عانت ما عانته نتيجة غطرسة الغرب، من ضرب البنى التحتية وهجرة الأدمغة والحصار وقانون قيصر وهدفه تركيع هذا الشعب”.

كما بحث شرف الدين مع وزير الإدارة المحلية والبيئة السوري حسين مخلوف، في الإجراءات المتخذة من قبل الجانبين، “لتأمين عودة ميسّرة وآمنة للمهجرين السوريين في لبنان، وما تقوم به الحكومة السورية لتأمين كل احتياجاتهم ومستلزمات عيشهم في مناطقهم”.

ولفت وزير المهجرين إلى أنه وجد تجاوباً كاملاً من الجانب السوري، آملا أن تدرج الإجراءات على جدول أعمال مجلس الوزراء في لبنان قريباً، “خصوصاً بعد أن جرى إعداد الخطة من قبل الوزيرين صالح الغريب ورمزي المشرفية وإقرارها في الحكومة السابقة”.

بدوره، أشار مخلوف، إلى أنه “أطلع الوزير اللبناني على الأعمال التي قامت بها الدولة السورية من أجل تسهيل عودة اللاجئين والمهجّرين السوريين إلى وطنهم، منها مراسيم العفو التي صدرت، وتأجيل خدمة العلم لمدة ستة أشهر للعائدين، واستخراج الوثائق المفقودة لمن فقدها في دول اللجوء، وتسجيل الولادات الجديدة في سورية، وتوفير خدمات النقل والطبابة وكل ما يلزم لإيصالهم إلى مناطق إقامتهم ودعمهم بمشاريع لتمكين سبل عيش كريم”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى