أخيرة

قد وجدنا طريق دمشق

} سامر عوض

أُقيمت مساء 22/3/2022، في دار الأوبرا بدمشق، أمسية مرتّلة بعنوان «قد وجدنا طريق دمشق» للمرتل الأرشمندريت نيقوديموس كابارنوس (من اليونان) بمشاركة جوقة الكنّارة الروحية البطريركية، بقيادة الأرشمندريت ملاتيوس شطّاح، بحضور البطريرك يوحنا العاشر، وبرعاية وحضور وزيرة الثقافة د. لبانة مشوح.

كما حضر الأمسية عدد من الشخصيات الرسمية، والدينية والاجتماعية، بالإضافة إلى مدير دار الاوبرا، أندريه معلولي، كما وغصّ دار الاوبرا بجمع غفير من الحضور.

ذكّرني عنوان الأمسية بعبارة أقحمها البطريرك يوحنا العاشر، حين بدأ خطاب تنصيبه بطريركاً، إذ أدخل هذه العبارة من خارج النص المكتوب قال حينها :إذا ضلّ إنسانٌ طريقه إلى الله، ثمّ اهتدى، فيقولون في الغرب إنّه وجد طريقه إلى دمشق.

دمشق الطريق المستقيم المفضي إلى جامع الأمويين، وحي الشاغور والبطريركيات الثلاث، أقدم عاصمة مأهولة في العالم التي زارها البطريرك الصربي المرحوم سنة 2019، فطلب من الكنيسة خارج برنامجه أن يسير في شوارع دمشق، كي يسلّم على الناس، لانّه لفت نظره طابع العيش الجميل الهني بهذه المدينة التي تأبى الذلّ والهوان، وتنفض رافضةّ كل وجه من وجوه التعب والإرهاق.

دمشق غريغوريوس الرابع بطريرك المسلمين، والأب الياس زحلاوي إمام السوريين، ومعهد أبي النور، والبوابات السبع التي تستقبلك من أي طرف أتيت إليها.

في 17/8/2021 حين كنت ذاهباً إلى بطريركية الروم،  وضللت الطريق، فسألت بائع مأكولات عن طريق البطريركية، فقال لي مازحاً إنّه اختصاص جوامع، ونادى صديقه الذي هو اختصاص كنائس كي يرشدني إلى مكان البطريركية.

دمشق قماش داماسكو التي نطالع تاريخ بطريركيتها، من خلال محمد كرد علي .

تؤكد هذه المدينة دوماً أنه إن كان للباطل دورة فللحق ألف دورة، وما رعاية وزارة الثقافة السورية لحفل ترتيلٍ، سوى وضع  الأمور في نصابها الصحيح، ونحن نعرف جيداً وزيرة الثقافة السورية الدكتورة لبانة مشوح، ومنهجها الحضاري الذي يسخّر الفرنكوفونية الثقافية والبهاء البيزنطي لخدمة سورية قِبلتنا وقَبلنا وبعدنا.

نجد طريقنا إلى دمشق حين نطالع انطباع البابا يوحنا بولس الثاني بزيارته التاريخية في 2001 لدمشق. إذا كانت فلسطين مهد المسيح، فإنّ سورية مهد المسيحية، منها انطلقت إلى العالم أجمع شاء من شاء وأبى من أبى كانت وكائنة وستكون.

عندما انتهى عهد الاتحاد السوڤياتي، كسّر الناس تماثيله ورموزه وأبقوا تماثيل الأدباء والمفكرين فبلدٌ بلا ثقافة بلدٌ بلا تاريخ، يتلاشى معنى وجوده، وهنا أذكر أن وديع الصافي حين زار مدينة اللاذقية أبلغ ألأقطاب الرسميين فيها أنّ  الثقافة، هي عمادنا لأنّها تنقل الناس من إطارٍ إلى آخر، وفي الذكرى الرابعة والستين لتأسيس وزارة الثقافة السورية، أتمنى لها وعليها أن تأخذ مكانها ومكانتها الريادية، لإعادة الرونق الحضاري لسورية، لأننا بلدٌ يُحكم بالمشاريع والقضايا، وليس بردّ الفعل لردود الأفعال التي لا طائل منها، وشخصياً أثق أنّ مثل هذه الأمسيات تضيء نورنا، وفي الليلة الظلماء يُفتقد طريق دمشق، على أمل أن نجده جميعنا لنصل إلى مأذنة الشحم، وننادي الله كي يكبر فينا، ونكبر به..

بالنهاية، الشعب هو الأساس، وروحه هي الركيزة. غصّت صالة الأوبرا بدمشق بمتذوقي الفن والابداع، مما اضطر حسب علمي؛ لإقامة حفلة ثانية في اليوم التالي. فهذا المشهد الطبيعي الاستثنائي، يؤكد أن سورية تتعافى، وهذا الشعب السوري حضاري بالرغم عن أنف الجميع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى