مانشيت

بوتين: لا نبيع الغاز مجاناً… اليوم نبدأ بوقف الإمدادات عن الذين لا يدفعون بالروبل / جيش الاحتلال يعترف بالفشل في السيطرة على مخيم جنين بعد اشتباكات وشهداء/ تهدئة انتخابيّة على الجبهة القضائيّة المصرفيّة… و67 مليون دولار للمجتمع المدنيّ/

كتب المحرّر السياسيّ

مع نجاح موسكو بفرض معادلاتها العسكرية لمسار ميدان الحرب في أوكرانيا عبر تهدئة الاشتباكات وفرض الحصار على المدن الكبرى، ومواصلة تدمير البنى التحتية العسكرية ومستودعات الذخيرة والوقود، والنجاح في فرض مسار تفاوضي ينطلق من القاعدة التي تبلورت بوثيقة رسمية خطية أوكرانية تعترف بالحياد وخصوصية القرم ودونباس، انتقلت روسيا من احتواء نتائج وتداعيات العقوبات الغربية، إلى خوض حربها بتطويع أوروبا وفقاً لمعادلة الغاز والروبل. وبعد تسريبات ألمانية وفرنسية خففت من درجة جدية قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بربط بيع النفط والغاز لأوروبا بالدفع بالروبل الروسي، أعلن الرئيس بوتين توقيع مرسوم يحدد اليوم موعداً لبدء تطبيق قراره، قائلاً نحن لا نبيع الغاز مجاناً، وستتوقف الإمدادات عن كل الدول غير الصديقة التي لا تفتح حسابات بالروبل لدى بنك غازبروم.

وقع الإعلان الروسي على لسان الرئيس بوتين وقوع الصاعقة على رؤوس الأوروبيين، وقالت وكالة فوربس إن أوروبا أعلنت حال الطوارئ، وإن القادة يناقشون الأوضاع والمخاطر وكيفيّة التصرف، فيما كان الروبل مقابل الدولار يسجل سعراً قياسياً أفضل من أسعاره قبل الحرب بملامسته عتبة الـ 70 روبلاً للدولار الواحد، بانتظار ما سيحدث اليوم.

وفيما العالم يحبس أنفاسه وهو يراقب مسار الغاز والروبل، بين أوروبا وروسيا، لم تنفع إعلانات الرئيس الأميركي جو بايدن بالإفراج عن جزء من المخزون الأميركي من النفط، في تهدئة السوق الذي سجل ارتفاعات في أسعار النفط والغاز ترقباً لما سيحدث اليوم.

حبس أنفاس آخر سيطر على الأراضي الفلسطينية، على خلفية التفاعل المتعاكس مع مشهد العمليات الفدائية الفلسطينية في الساحتين الفلسطينية و”الإسرائيلية”، الفلسطينيون مستنفرون للمواجهة بكل مرجعيّاتهم السياسية والفصائلية، و”الإسرائيليون” لا يستطيعون التسليم إذ يعتريهم الخوف من الأعظم، بعدما ظهرت هامشية ما تباهوا به من إنجازات التطبيع في تهميش القضية الفلسطينية، ويبدو ذهاب الطرفين الى مزيد من المواجهة خياراً حتمياً لا مفر منه، رغم صراخ السلطة الفلسطينية خارج السياق سعياً لكسب رضا الغرب، وحلبة المواجهة الأولى كانت مخيم جنين الذي حاولت قوات الاحتلال اقتحامه وبسط السيطرة عليه، حيث لقيت مواجهة شرسة فرضت على قادة الكيان الاعتراف بالفشل في فرض السيطرة، بعدما اضطرت قوات الاحتلال والشرطة إلى الانسحاب تفادياً لمزيد من التصعيد مع سقوط شهيدين وعدد من الجرحى في جنين، وإصابة أحد ضباط الشرطة.

لبنانياً، حيث الانتخابات النيابية تطغى على المشهد السياسي، تجلّت أولى النتائج بتهدئة قضائية مصرفية، عبر قرار إخلاء سبيل رجا شقيق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لقاء كفالة مالية بقيمة خمسمئة مليار ليرة، بينما تم إرجاء جلسة استجواب الحاكم الى حزيران المقبل، وهو ما قرأت فيه مصادر تتابع الملف طياً لصفحة الاشتباكات الى ما بعد الانتخابات، بينما كانت السفارة الأميركية في بيروت تعلن وضع مساعدات تموينية بقيمة 67 مليون دولار مخصصة من وكالة المساعدات الأميركية، بتصرف جمعيات المجتمع المدنيّ، وهو ما قالت مصادر معنيّة بالانتخابات أنه تمويل انتخابيّ مموّه.

لا تزال الأزمات المعيشية والاقتصادية والمالية والحرب القضائية – المصرفية التي استؤنفت أمس، تتقاسم المشهد الداخلي على وقع جولة وفد صندوق النقد الدولي على المسؤولين، فيما تترقب الأوساط المحلية والخارجية مدى جدية إجراء الاستحقاق الانتخابي الذي دخل في مستنقع الأزمات والتجاذبات السياسية وسط مخاوف من أن تؤدي أحداث معينة سياسية أو اقتصادية وأمنية لتطييره.

وبعد إقرار مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة في بعبدا صيغة جديدة لقانون “الكابيتال كونترول”، تتجه الأنظار الى كيفية تعامل مجلس النواب مع هذا القانون، في ظل معارضة وزراء ثنائيّ أمل وحزب الله له ووضع ملاحظات عدة، مع تأكيد مصدر نيابي لـ”البناء” “صعوبة تمريره في مجلس النواب لوجود عدة ثغرات في مختلف بنوده لا سيما بما يتعلق بحقوق المودعين والسحوبات المصرفية والتحويلات الخارجية”. واتهم المصدر الحكومة برمي كرة النار الى مجلس النواب لكي تتهرّب من المسؤولية أمام وفد صندوق النقد، لافتاً الى أن القانون درس بخبث لكي يأتي على حساب أموال المودعين. وتوعّد المصدر الحكومة بأن القانون الذي تحاول تمريره ستجري دراسته وتمحيصه في اللجان المشتركة ولن يمر كما أرسل، بل سيتم إدخال تعديلات جوهرية عليه قبل طرحه على الهيئة العامة.

وأشارت أوساط عين التينة لـ”البناء” إلى أن “دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري لجلسة تشريعية لمناقشة الكابيتال كونترول مربوطة بمدى قدرة اللجان المشتركة على دراسته وإحالته الى الهيئة العامة”، مرجحة أن لا يقر قبل الانتخابات النيابية إلا اذا تم التوصل الى توافق بين الحكومة والمجلس على صيغة وسطية تضمن الودائع المصرفية.

لكن الوقائع التي سجلت منذ مطلع الأسبوع حتى الآن في هذا الملف تطرح جملة أسئلة، بحسب مصادر مطلعة لـ”البناء”: “لماذا طرح فريق رئيس الحكومة قانون الكابيتال كونترول على اللجان النيابية المشتركة وثم على الجلسة العامة، طالما الحكومة كانت أدرجته على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء التي عقدت في بعبدا، أي بعد يومين فقط على جلسة اللجان ويوم واحد على الجلسة التشريعية؟ ولماذا أحيل الكابيتال كونترول بالصيغة ما قبل الأخيرة الى اللجان طالما أن الحكومة كانت تُعدّ أو أعدّت صيغة أخرى تلك التي عرضت على مجلس الوزراء وأقرّت مع بعض الملاحظات؟ ولماذا هدد ميقاتي بالاستقالة وخاطب المجلس النيابي بهذه الحدّة طالما القانون في عهدة حكومته التي هي المسؤولة عن إعداد هذا القانون؟ هل يندرج كل ذلك في اطار المسرحية المعدّة للشعبوية والمزايدات الانتخابية؟ أم رمي الصيغة الأكثر سوءاً (صيغة اللجان النيابية) للقبول بالأقل سوءاً (الصيغة التي أقرّت)؟».

وشككت المصادر بشكل اللجنة الخاصة التي كُلفت في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة بدراسة تفاصيل الكابيتال كونترول والتي تضمّ حاكم مصرف لبنان، وزير المالية، خبيرين اقتصاديين. وقاضٍ من الدرجة 18وما فوق. ما يعني سحب عضويّة رئيس الحكومة ونائبه ووزير الاقتصاد.. فهل الحل بتلزيم النقاط التفصيلية في القانون للفريق الذي فرّط بالودائع وأموال اللبنانيين؟ فهل يكلف بالعلاج من أوصل البلد الى هذا الانهيار؟

الى ذلك، اجتمع ميقاتي بحضور نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، مع بعثة الصندوق برئاسة أرنستو راميريز ريغو في السرايا الحكومي. وتم خلال الاجتماع عرض المراحل التي قطعتها المفاوضات بين لبنان والصندوق بشأن برنامج التعاون المالي. كما استقبل الرئيس بري وفد الصندوق، حيث تمّ عرض لمراحل الحوار القائم بين لبنان والصندوق والتشريعات التي أنجزها المجلس النيابي.

وكشفت جهات مطلعة على جولة الوفد لـ”البناء” أن “وفد الصندوق يهدف بزيارته الى حث الحكومة على إجراء الإصلاحات اللازمة لمساعدة لبنان، بعدما لمس مماطلة منها وإصراراً على النهج القديم”، مشيرة الى أن “الدعم المالي يتطلب مساراً طويلاً يبدأ بإنجاز الإصلاحات التي باتت معروفة”، لكن الجهات شككت بإمكانية وصول المفاوضات مع الصندوق الى خواتيم إيجابية قبل الانتخابات”، موضحة أن الأمر يتطلب سنوات وربما الى الحكومة والعهد المقبلين.

على صعيد موازٍ استؤنفت الحرب المصرفية – القضائية أمس، فقد أرجأ قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور، الى شهر حزيران المقبل، استجواب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في دعوى النيابة العامة ضده بجرم “تبييض الأموال والإثراء غير المشروع”. وحضر الجلسة التي كانت مقرّرة أمس، الوكيل القانوني لسلامة المحامي شوقي قازان الذي قدّم دفوعاً شكلية.

ولفت خبير قانوني لـ”البناء” الى أن “طالما أن سلامة قدم الدفوع الشكلية فيمكنه عدم حضور جلسات التحقيق إلى حين البت بالدفوع الشكلية”، لافتة الى أن “الأجهزة الأمنية التي أحيلت عليها مذكرة توقيف سلامة يكون من واجبها تنفيذها”، لكن مصادر سياسية لفتت عبر “البناء” الى أن محاولة توقيف سلامة مجدداً سيكرر مشهد اشتباك الأجهزة الأمنية أمام منزله عندما حاولت قوة من أمن الدولة مداهمة منزله في الرابية”، وكشفت المصادر أن “التوجه لتوقيف سلامة ولا إقالته لصعوبة ذلك في ظل الأوضاع الراهنة، فضلا عن أن هذا الملف يحتاج الى توافق مفقود حالياً، وبالتالي لا إمكانية لتغيير حاكم مصرف لبنان في الوقت الحالي”.

وفي موازاة الملاحقات القضائية التي يتعرّض لها رياض سلامة في دول أوروبية للحجز على أملاكه وأمواله في هذه الدول، أطلقت رئيسة هيئة القضايا هيلانة إسكندر مساراً موازياً، عبر الطلب من وزير المال تكليف محام لمعاونتها أمام المحاكم الأجنبية بغية حجز الأموال العائدة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشركائه في الخارج.

ورداً على قرار القاضي منصور تأجيل استجواب سلامة، تقدّمت الدائرة القانونية لروّاد العدالة بشكوى مباشرة اتخذَ فيها محاموها صفة الادعاء الشخصي ضد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه رجا وخليلته الأوكرانية آنا كوزاكوفا، وذلك بالوقائع الجرمية ذاتها لموضوع الإخبار المقدّم سابقاً من قبلهم والذي كان السبب لتوقيف رجا سلامة والادعاء مع الباقين عليه.

وتأتي هذه الشكوى على خلفية منع قاضي التحقيق الاول نقولا منصور محامي الدائرة من حضور استجواب رجا سلامة بذريعة أنهم جهة مخبٍرة وليست مدعية، رغم اتخاذهم سابقاً صفة الادعاء الشخصي على محضر التحقيق الأولي ليتحوّل بذلك الإخبار الى ادعاء والذي أضحى ثابتاً بالشكوى المقدمة منهم اليوم والذين طلبوا ضمّها للدعوى السابق تحريكها من النيابة العامة لوحدة الموضوع والسبب والخصومة.

في سياق متصل، قرر القاضي منصور إخلاء سبيل رجا سلامة، مقابل كفالة مالية قدرها 500 مليار ليرة أي ما يوازي نحو 20 مليون دولار، وحجز أمواله في لبنان. غير أن النيابة العامة الاستئنافية القاضية غادة عون طعنت بالقرار وأبقته موقوفاً. وأفيد أن وكيل رجا سلامة استأنف أمام الهيئة الاتهامية في جبل لبنان قرار القاضي نقولا منصور لتخفيض الكفالة المالية فيما لم يصل الى الهيئة الاتهاميّة أي طلب من قبل النيابة العامة الاستئنافية التي بإمكانها الاستئناف خلال ٢٤ ساعة.

ورأت مصادر متابعة للملف في قرار إرجاء موعد استجواب سلامة حتى حزيران المقبل، أي الى ما بعد الانتخابات النيابية المقبلة، محاولة لمسعى ما لاحتواء أي قرار بتوقيف الحاكم أو إقالته، وبالتالي الحؤول دون حصول تداعيات سلبية على صعد عدة.

وأكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، انه لن يترك موقعه “الا وأكون قد كشفت عن كل فاسد”، معتبراً ان “مسؤولية إعادة النهوض بالبلاد تقع على من سيخلفني”، داعياً الى “تشجيع الأوادم والشجعان على استلام مقاليد الحكم بعد انتهاء ولايتي”. وقال امام المجلس التنفيذي الجديد للرابطة المارونية برئاسة السفير خليل كرم: “ما بدي أعمل نظام رئاسي بدي اعمل رئيس”، وكما فرضت إقرار التدقيق الجنائي في الحكومة أجاهد حالياً في ما يتعلق بالكابيتال كونترول”، ودعا المواطنين لأن “يقترعوا للخيار الصحيح في الانتخابات النيابية المقبلة”، وشدّد على “ضرورة اصلاح القضاء وسائر المؤسسات في الدولة”، معتبراً أنه “لا يمكن أن يكون هناك إصلاح طالما المؤسسات ممسوكة”.

وانتقد عون “ما بات عليه الوضع بعدما أصبح البعض يدافع عن الشتيمة باعتبارها رأياً حراً”، مشدداً على “ضرورة إصلاح القضاء كما المؤسسات الأخرى”، وقال: “لا إصلاح طالما المؤسسات ممسوكة بل ستكون الغلبة للفساد وللعودة بالبلاد الى الوراء”. ولفت الى أن “لبنان مقبل على انتخابات نيابية وعلى الناس ان تعرف من تنتخب وأن تقترع للخيار الصحيح لتتمكن من إيصال أكبر عدد ممكن من الأوادم علهم يتمكنون من تغيير الصورة القائمة لما فيه مصلحة البلد”، مشيراً الى وجود أسماء جديدة مرشحة لهذه الانتخابات “قد يجد البعض فيها إمكانية للتغيير”.

وبينما استقرّت أسعار المحروقات وتراجع سعر المازوت، طمأن وزير الاقتصاد والتّجارة أمين سلام الى أن سعر ربطة الخبر لن يرتفع في المدى المنظور، لكنه حذر من مرحلة صعبة سيعيشها البلد على مستوى الأمن الغذائي بسبب الظروف الخارجية والأزمات الداخلية. في المقابل كشف رئيس تجمّع المطاحن أحمد حطيط عن “وصول باخرة قمح بسعر أعلى اليومين المقبلين ستصل، لذلك سعر ربطة الخبز سيرتفع أيضاً”. أضاف: “اجتمعنا مع البنك الدولي وهو مستعدّ لتقديم القمح للبنان بكميّة 60 ألف طن شهريًّا ولمدّة 6 أشهر”. وأردف: “في موضوع مناقصة مجلس الوزراء من المتوقع أن يحوّل مصرف لبنان الأموال. وفي الوقت الحاضر بدأت بواخر قمح بالوصول. ومن المطلوب أن يسرع مصرف لبنان بعملية تحويل الأموال”.

على صعيد الانتخابات، تستكمل الأحزاب إعلان برامجها الانتخابية، بانتظار حسم اللوائح مع إغلاق باب تقديم اللوائح في 4 نيسان المقبل ليبدأ العد العكسي لإجراء الانتخابات. وأكدت أوساط نيابية لـ”البناء” أن “كافة المعطيات القانونية والدستورية مضافة اليها جهوزية القوى السياسية، تؤشر الى حصول الانتخابات في موعدها، إلا إذا استجدّت تطورات أو أحداث سياسية أو اقتصادية وأمنية تدفع للتأجيل”.

وفي إطار استثمار الدعم المالي الخارجي للبنان لدواع انتخابية، أعلنت السفارة الأميركية في بيروت في بيان أمس، أن “حكومة الولايات المتحدة ستدعم الفئات السكانية الأكثر ضعفاً في لبنان بقيمة 64 مليون دولار، من خلال برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، مساعدات غذائية طارئة لأكثر من 740,000 شخص. تتضمّن المساهمة الأخيرة من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية الأرز والحمص والمعكرونة والعدس وغيرها من المواد غير القابلة للتلف، إضافة إلى قسائم لشراء المواد الغذائية الأساسية من الأسواق المحلية، وهي بالتالي ستدعم الاقتصاد اللبناني”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى