أخيرة

مَنْ يتبع الأشرارَ كان الخاسرا

} يوسف المسمار*

 

كلٌ يُعانقُ موتَه المرسومَ في

لوح الخليقة رافضا ً أو صاغرا

لا فرق بين مسالم ٍ متواضع ٍ

ومعاند ٍ فالموتُ يبقى الآمرا

الكلّ في وجه المنون توافهٌ

نثرت وحوّلها المنونُ قذائرا

مهما بنى الإنسانُ إنَّ بناءه

في قبضة الموت استحالَ غبائرا

فانظرْ وفكرْ واتعظْ يا سائرا ً

بين القبورِ مُعربدا ً ومُكابرا

ما أنت إلا َّ نطفة ٌ نفخت بأبواق

الحياة فصرت َ خلقا ً عاثرا

واحترتَ من أين البداية قد أتت

وضللتَ في فهمِ النهايةِ حائرا

وبُهتَّ مشدوها ً أمام حقائق ٍ

عصفت بأفكار الخليقة سادرا

ووقفتَ مصعوقا ً أمام حفيرة ٍ

كانت وتبقى للجسوم مقابرا

يا أيها الإنسان لو تدري الحقيقة

ما شدِهتَ وكنتَ غرا ً كافرا

ولصرتَ في وجه المنون مفاخرا ً

لا مستجيرا ً يستجير الغادرا

ولكنتَ أنتَ المستعز بموته

ولكان موتكَ نعمة ً وتفاخرا

فالموتُ نعمة ُ من يعيش بعقله

والموتُ نقمة ُ من غوى وتفاجرا

خَلق الإلهُ جميعنا بكمالنا

لكن من رفضَ الكمالَ تحاقرا

واستكبرت فيه الرعونة ُ فانبرى

وحشا ً يعيشُ كما البهائم كاسرا

ومضى يعربد بالتغطرسِ طاغيا ً

وبكل ويلاتِ الفواحشِ فاجرا

لا يستحي برذائل ٍ ومساوئٍ

ما دام يُبحرُ في المظالم ماخرا

لم يعتبرْ بالموت بل عبثت به

ريحُ الغرورِ فباتَ وغدا ً عاهرا

كل الذين تغطرسوا لم يسلموا

ولسوف يهلكُ من يعيشُ مهاترا

لن يسلمَ الأشرارُ مهما راوغوا

فالشر ُ كان وسوف يبقى الخاسرا

إن كان للشر المعربد ساعة

فالعمرُ يبقى بالفضائلِ عامرا

لن يفلح َ الشريرُ في طغيانه

لو كان كل المفسدين عساكرا

يا أيها الأخيار قال مسيحنا:

ما جئتُ ثرثارا ً ولكن ثائرا

لن يدخل الملكوتَ إلا َّ ثائرٌ

بالنور يحيا مؤمنا ً ومثابرا

ويداه تقذف كل من عَبَدَ الدُجى

للنار حرقا ً ليس يترك دابرا

ومحمدٌ قال: اقرؤا وتعلموا

فاللهُ ما خلقَ العبادَ مغامرا

خلقَ العبادَ لحكمة ٍ لو تفهموا

لبلغتمُ الأفقَ البعيد الساترا

لن تبلغوا إلا َّ بفعل ٍ عاصف ٍ

يجتثُ من ملأ البلادَ مجازرا

وتُبدّلوا ظلماتكم بهداية ٍ

بجلائها يغدو الوجودُ منوّرا

يا أخوتي إنَّ المسيحَ وأحمدا ً

ما ناشدا إلا َّ الأبيَّ الخيرا

فاستلهموا التاريخَ وابنوا حاضرا ً

ليصير آتينا العزيزَ الزاهرا

من لا يعيش بعزة ٍ وهداية ٍ

يبقى الحقير المستذل الصاغرا

من لا يموتُ كما الشهامةُ تقتضي

ما كان إلا َّ كالتقيّح عابرا

إن الممات كما الحياة مواقفٌ

للعز باقية ٌ ولن تتغيّرا

لا يقبلُ الأشرارَ أسيادا ً له

إلا َّ الذي اعتاد الغباء وفاخرا

قال الحكيمُ وقوله الهادي هُدى:

من يتبعُ الأشرارَ كان الخاسِرا

لن يُدرك الإنسانُ يوما ً مجده

إلا َّ إذا كان الكريم الثائرا

إنَّ الشعوب عزيزة ٌ بنهوضها

إن والت الطاغوتَ لن تتحرّرا

*شاعر قوميّ مقيم في البرازيل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى